الخميس 28 مارس 2024
فن وثقافة

جمال المحافظ: الديمقراطية وحقوق الإنسان: مساران متقاطعان يتطلبان عملا متواصلا

جمال المحافظ: الديمقراطية وحقوق الإنسان: مساران متقاطعان يتطلبان عملا متواصلا جمال المحافظ، باحث في القانون العام وغلاف كتاب الحنوشي
صدر مؤخرا كتاب: «البرلمان وحقوق الإنسان: مرجعيات وممارسات» للباحث عبدالرزاق الحنوشي، وقد حظي المؤلف باهتمام لافت عكسته اللقاءات المتعددة التي نظمت في عدة مدن (نحو 20 لقاء في ظرف أربعة أشهر)، وكذا القراءات النقدية والتحليلية التي أنجزتها العديد من الفعاليات الأكاديمية والحقوقية. وسبق لنا في «الوطن الآن» و«أنفاس بريس» أن نشرنا بعضها. ومواكبة للدخول الثقافي الجديد، نواصل نشر مساهمات جديدة. في هذا العدد ننشر مساهمة جمال المحافظ، باحث في القانون العام
 
 
 
يشكل‭ ‬تقديم‭ ‬وقراءة‭ ‬كتاب‭ ‬"البرلمان‭ ‬وحقوق‭ ‬الانسان:‭ ‬مرجعيات‭ ‬وممارسات"‭ ‬بالمقهى‭ ‬الأدبي‭ ‬بآسفي‭ ‬مناسبة‭ ‬لتطارح‭ ‬الإشكاليات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بمدى‭ ‬حضور‭ ‬الشأن‭ ‬الحقوقي‭ ‬بالمؤسسة‭ ‬التشريعية‭ ‬وتدارس‭ ‬مدى‭ ‬التقدم‭ ‬الحاصل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬اسوة‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬في‭ ‬التجارب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وارتباطا‭ ‬بالتشريعات‭ ‬والمواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬خاصة‭ ‬منها‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬صادق‭ ‬عليها‭ ‬المغرب‭ ‬والتجارب‭ ‬والممارسات‭ ‬الفضلى‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭.‬
بداية،‭ ‬لكي‭ ‬نتناول‭ ‬مفاصيل‭ ‬هذا‭ ‬المؤلف‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬ومحاولة‭ ‬منا‭ ‬تفكيك‭ ‬شفرة‭ ‬العلاقات‭ ‬القائمة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬البرلمان‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬ورصد‭ ‬منجزهما،‭ ‬يتعين‭ ‬التساؤل‭ ‬عن:
من‭ ‬هو‭ ‬عبد‭ ‬الرزاق‭ ‬الحنوشي‭ ‬
إنه‭ ‬فاعل‭ ‬جمعوي‭ ‬متعدد‭ ‬المبادرات‭ ‬المدنية‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬الإطارات‭ ‬الجمعوية‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬الجمعية‭ ‬المغربية‭ ‬لتربية‭ ‬الشبيبة‭ ‬(لاميج)‭ ‬والأوراش‭ .. ‬الفضاء‭ ‬الجمعوي،‭ ‬والوسيط‭ ‬للديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الانسان‭..‬
كما‭ ‬أنه‭ ‬راكم‭ ‬تجربة‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المواكبة‭ ‬الإعلامية‭ ‬بالمؤسسة‭ ‬التشريعية‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬مراسلا‭ ‬صحفيا‭ ‬بالبرلمان‭. ‬كما‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬المؤسساتي‭ ‬رئيسا‭ ‬لديوان‭ ‬رئيس‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان،‭ ‬على‭ ‬عهد‭ ‬تجربة‭ ‬رئيسه‭ ‬السابق‭ ‬السيد‭ ‬ادريس‭ ‬اليزمي،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬الى‭ ‬الاشتغال‭ ‬كإطار‭ ‬بالبرلمان‭ . ‬إذن‭ ‬نحن‭ ‬أمام‭ ‬باحث‭ ‬ربط‭ ‬الجوانب‭ ‬النظرية‭ ‬بالممارسة‭ ‬العملية،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬الكتاب‭ ‬منتوجا‭ ‬يكتسي‭ ‬أهمية‭ ‬خاصة‭ ‬تنزاح‭ ‬عما‭ ‬هو‭ ‬متداول‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الكتابة‭ ‬والنشر‭.‬
وبالعودة‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المؤلف‭ ‬الذي‭ ‬يقع‭ ‬فيما‭ ‬يناهز‭ ‬300‭ ‬صفحة‭ ‬من‭ ‬الحجم‭ ‬المتوسط‭ ‬والصادر‭ ‬عن‭ ‬مطبعة‭ ‬المناهل‭ ‬بالرباط،‭ ‬تتضح‭ ‬بشكل‭ ‬جلي‭ ‬بالأهداف‭ ‬المتوخاة‭ ‬منه‭. ‬أما‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المنهجي،‭ ‬فقد‭ ‬اختار‭ ‬الباحث‭ ‬منهجية‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬تتسم‭ ‬بصرامة‭ ‬علمية،‭ ‬لكنها‭ ‬تتجاوز‭ ‬برودة‭ ‬الأبحاث‭ ‬أكاديمية‭. ‬وذلك‭ ‬إن‭ ‬صاحب‭ ‬الكتاب،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭  ‬من‭ ‬متن‭ ‬الكتاب‭ ‬فضل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬متناول‭ ‬الجمهور‭ ‬العريض‭ ‬من‭ ‬القراء،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬البرلمانيين‭ ‬ونشطاء‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬والباحثين‭ ‬بمختلف‭ ‬مستوياتهم‭ . ‬
هذا‭ ‬الاختيار‭ ‬«ومنذ‭ ‬البداية»‭ ‬كان‭ ‬واضحا‭ ‬عند‭ ‬الباحث‭ ‬عبد‭ ‬الرزاق‭ ‬الحنوشي‭. ‬
إذن‭ ‬ولنا‭ ‬أن‭ ‬نتساءل‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬الاصدار؟‭ ‬يمكن‭ ‬تلخيص‭ ‬ذلك‭  ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬أهداف‭ ‬رئيسة‭ ‬:‭ ‬
أولا:
-   التعريف‭ ‬بالمرجعيات‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بموضوع‭ ‬البرلمان‭ ‬وحقوق‭ ‬الانسان؛
 
ثانيا:‭ ‬
-    تقديم‭ ‬حصيلة‭ ‬التجربة‭ ‬البرلمانية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال؛
 
ثالثا:‭ ‬
-    بلورة‭ ‬اقتراحات‭ ‬وتوصيات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تطوير‭ ‬الأداء‭ ‬وترصيد‭ ‬المنجز‭. ‬
 
أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمحاور‭ ‬الكتاب‭ ‬فيمكن‭ ‬إجمال‭ ‬أهمها‭  ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬محاور:
 
المحور‭ ‬الأول:
-    اعتمد‭ ‬فيه‭ ‬الباحث‭ ‬على‭ ‬توثيق‭ ‬ووصف‭ ‬وتحليل‭ ‬مجمل‭ ‬المرجعيات‭ ‬والأدبيات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭  ‬بالمنظومة‭ ‬الدولية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والتعريف‭ ‬بمختلف‭ ‬الوثائق‭ ‬المرجعية‭ ‬التي‭ ‬تتناول‭ ‬موضوع‭ ‬البرلمان‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬و‭ ‬بالممارسات‭ ‬الفضلى‭.‬
 
المحور‭ ‬الثاني:‭    ‬
-    دراسة‭ ‬توثيقية‭ ‬وتحليلية‭ ‬لحصيلة‭ ‬مجلسي‭ ‬البرلمان‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬خلال‭ ‬الولاية‭ ‬التشريعية‭ ‬المنصرمة‭ ‬(2016 – 2021)،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فرز‭ ‬وتصنيف‭ ‬الأسئلة‭ ‬البرلمانية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬متن‭ ‬الأسئلة‭ ‬بلغ‭ ‬عددها‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬41‭ ‬ألف‭.‬
-    التعريف‭ ‬بالنصوص‭ ‬التشريعية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬التي‭ ‬وافق‭ ‬عليها‭ ‬البرلمان‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الدولية‭.‬
-    استعراض‭ ‬وتحليل‭ ‬مجمل‭ ‬المبادرات‭ ‬البرلمانية‭ ‬المختلفة‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بموضوع‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭.‬
 
المحور‭ ‬الثالث:
-    إدراج‭ ‬بعض‭ ‬الوثائق‭ ‬المرجعية‭ ‬الأساسية‭ ‬كملاحق‭.‬
لكن‭ ‬ما‭ ‬الأهمية‭ ‬ياترى‭ ‬التي‭ ‬يكتسيها‭ ‬هذا‭ ‬المؤلف؟
‭ ‬طبيعة‭ ‬الموضوع‭ ‬لكونه‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭.‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشكل‭ ‬مساهمة‭ ‬نوعية،‭ ‬وسدا‭ ‬للفراغ‭ ‬الحاصل‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الخزانة‭ ‬الوطنية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشكل‭ ‬"مغامرة"‭ ‬خاضها‭ ‬الباحث‭ ‬الذي‭ ‬أصر‭ ‬تفجير‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬الورق،‭ ‬لرغبة‭ ‬يبدو‭ ‬كانت‭ ‬دفينة‭ ‬لترجمة‭ ‬ما‭ ‬عاشه‭ ‬وما‭ ‬لاحظه‭ ‬خلال‭ ‬تجربته‭ ‬بالبرلمان‭ ‬وانشغاله‭ ‬بقضايا‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭.‬
كما‭ ‬لاحظ‭ ‬الباحث‭ ‬ضعف‭ ‬معرفة‭ ‬المشتغلين‭ ‬في‭ ‬المجالين‭ ‬(البرلمان‭ ‬وحقوق‭ ‬الانسان)‭ ‬بعضهما‭ ‬بعض‭ ‬والتي‭ ‬عزاها‭ ‬الباحث‭ ‬إلى‭ ‬غياب‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الجسور‭ ‬بين‭ ‬المجالين،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬قلة‭ ‬الأبحاث‭ ‬والدراسات‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬آثر‭ ‬الباحث‭ ‬تخصيص‭ ‬جزءا‭ ‬غير‭ ‬يسير‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬لمسألة‭ ‬العلاقة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬البرلمان‭ ‬والآليات‭ ‬الوطنية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التركيو‭ ‬على‭ ‬زاويتين:‭ ‬
الأولى:‭ ‬معيارية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعريف‭ ‬بما‭ ‬أقرته‭ ‬مبادئ‭ ‬باريس‭ ‬سنة‭ ‬1993،‭  ‬و"مبادئ‭ ‬أبوجا‭ ‬التوجيهية"‭ ‬سنة‭ ‬2004‭ ‬وصولا‭ ‬الى‭ ‬«مبادئ‭ ‬بلغراد»‭ ‬سنة‭ ‬2012‭ ‬التي‭ ‬حددت‭ ‬مجالات‭ ‬وصيغ‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬البرلمان‭ ‬وهذه‭ ‬الآليات‭ ‬ومخرجاته‭. ‬
والزاوية‭ ‬الثانية‭ ‬ركز‭ ‬فيها‭ ‬الباحث‭ ‬على‭ ‬التجربة‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬إعمال‭ ‬مبادئ‭ ‬بلغراد‭. ‬واصفا‭ ‬حصيلتها‭  ‬بـ‭ ‬"الهامة‭ ‬والجديرة‭ ‬بالتأمل"،‭ ‬خاصة‭ ‬منها‭ ‬التوقيع‭ ‬في‭ ‬10‭ ‬دجنبر‭ ‬2014،‭ ‬على‭ ‬مذكرة‭ ‬تفاهم‭ ‬بين‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬ومجلس‭ ‬المستشارين‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬وهي‭ ‬مبادرة‭  ‬كان‭ ‬الباحث‭ ‬خلال‭ ‬توليه‭ ‬مهام‭ ‬رئيس‭ ‬ديوان‭ ‬اليزمي‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬مهندسيها‭. ‬
ويعتبر‭ ‬الباحث‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬جعلت‭ ‬المغرب‭ ‬يصبح‭ ‬في‭ ‬طليعة‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬أعطت‭ ‬لمبادئ‭ ‬بلغراد‭ ‬طابعا‭ ‬إجرائيا‭ ‬وعمليا،‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬انعكست‭ ‬في‭ ‬تسارع‭ ‬وثيرة‭ ‬المبادرات‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬البرلمان‭ ‬والمجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الممتدة‭ ‬من‭ ‬2014‭ ‬و2018‭. ‬
وعلى‭ ‬مدار‭ ‬صفحات‭ ‬الكتاب،‭ ‬يشدد‭ ‬الباحث‭ ‬عبد‭ ‬الرزاق‭ ‬الحنوشي‭ ‬على‭ ‬محددات‭ ‬أساسية:‭ ‬
هي‭ ‬أولا‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬:‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للتصرف،‭ ‬مترابطة‭ ‬وغير‭ ‬قابلة‭ ‬للتجزئ،‭ ‬والالتزام‭ ‬بمبدأ‭ ‬عدم‭ ‬التمييز‭ ‬وأيضا‭ ‬هذه‭ ‬الحقوق‭ ‬لا‭ ‬تراتبية‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬في‭ ‬الترتيب
 
ثانيا:‭ ‬الديمقراطية‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬القواعد‭ ‬الإجرائية‭ ‬لتشكيل‭ ‬وممارسة‭ ‬السلطة‭ ‬السياسية،‭ ‬ولكنها‭ ‬تعتبر‭ ‬أيضا،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬طريقة‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬كرامات‭ ‬الأشخاص‭ ‬وتعزيزها‭.‬
 
ثالثا:‭ ‬البرلمان:‭ ‬باعتباره‭ ‬هيئة‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭ ‬تتكون‭ ‬عبر‭ ‬انتخابات‭ ‬حرة‭ ‬نزيهة‭ ‬وعادلة‭.‬
ويمثل‭ ‬البرلمان‭ ‬مؤسسة‭ ‬رئيسة‭ ‬في‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يقتضى‭ ‬التوفر‭ ‬على‭ ‬برلمان:
-    ضامن‭ ‬لأوسع‭ ‬تمثيلية‭ ‬لمختلف‭ ‬فئات‭ ‬الشعب
-    متاح‭ ‬للجميع‭ ‬وسهل‭ ‬الولوج‭ ‬
-    خاضع‭ ‬للمساءلة
-    فعال‭ ‬وناجع‭   ‬
كما‭ ‬يؤكد‭ ‬عبد‭ ‬الرزاق‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬مجموع‭ ‬صفحات‭ ‬الكتاب،‭ ‬على‭ ‬محددات‭ ‬أساسية:‭ ‬
 
أولا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لحقوق‭ ‬الانسان:‭ ‬فإنها‭ ‬في‭ ‬نظره‭ ‬
-    غير‭ ‬قابلة‭ ‬للتصرف
-    مترابطة‭ ‬وغير‭ ‬قابلة‭ ‬للتجزئ
-    مبد‭ ‬أ‭ ‬عدم‭ ‬التمييز
-    لا‭ ‬تراتبية‭ ‬في‭ ‬الترتيب
 
ثانيا:‭ ‬الديمقراطية‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬القواعد‭ ‬الإجرائية‭ ‬لتشكيل‭ ‬وممارسة‭ ‬السلطة‭ ‬السياسية‭ ‬ولكنها‭ ‬تعتبر‭ ‬أيضا،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬كطريقة‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬كرامات‭ ‬الأشخاص‭ ‬وتعزيزها‭.‬
 
ثالثا:‭ ‬البرلمان:‭ ‬باعتبارها‭ ‬
 
-    هيئة‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭ ‬تتشكل‭ ‬عبر‭ ‬انتخابات‭ ‬عادلة‭ ‬وحرة‭ ‬ونزيهة‭. ‬فالبرلمان‭ ‬هو‭ ‬مؤسسة‭ ‬رئيسة‭ ‬في‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يقتضى‭ ‬التوفر‭ ‬على:
-    برلمان‭ ‬ضامن‭ ‬لأوسع‭ ‬تمثيلية‭ ‬لمختلف‭ ‬فئات‭ ‬الشعب
-    متاح‭ ‬للجميع‭ ‬وسهل‭ ‬الولوج‭ ‬
-    خاضع‭ ‬للمساءلة
-    فعال‭ ‬وناجع‭ ‬
بيد‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬النقط‭ ‬القوية،‭ ‬والاضافة‭ ‬النوعية‭ ‬لهذا‭ ‬الإصدار‭ ‬في‭ ‬اعتقادى‭ ‬هي‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬الصفحات‭ ‬الثلاث‭ ‬218‭ ‬و219‭ ‬و220‭ ‬والتي‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬وضع‭ ‬فيها‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬وذلك،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استكشاف‭ ‬أنجح‭ ‬السبل‭ ‬لتطوير‭ ‬الأداء‭ ‬وجعله‭ ‬مستوعبا‭ ‬لتطور‭ ‬المرجعيات‭ ‬والممارسات‭ ‬الدولية‭ ‬الفضلى،‭ ‬مقترحا‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص‭ ‬ثمانية‭ ‬توصيات:
-    مراجعة‭ ‬وتطوير‭ ‬النظام‭ ‬الداخلي‭ ‬لمجلسي‭ ‬البرلمان،‭ ‬بادماج‭ ‬مقتضيات‭ ‬جديدة‭ ‬تطوير‭ ‬أداء‭ ‬البرلمان‭ .‬
-    احداث‭ ‬لجنة‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬وفق‭ ‬المعايير‭ ‬الدولية‭.‬
-    تكريس‭ ‬دور‭ ‬البرلمان‭ ‬كطرف‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬المنظومة‭ ‬الدولية‭ ‬لحقوق‭ ‬الانسان
-    إعطاء‭ ‬نفس‭ ‬جديد‭ ‬لإعمال‭ ‬مبادئ‭ ‬بلغراد‭ ‬وتوسيع‭ ‬مجالات‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬البرلمان‭ ‬والمؤسسات‭ ‬ذات‭ ‬ولاية‭ ‬موضوعاتية‭ ‬أو‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬مجالات‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬(وسيط‭ ‬المملكة‭ ‬ومجلس‭ ‬الجالية‭ ‬والمجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للصحافة‭ ‬والهيئة‭ ‬المناصفة‭ ‬ومحاربة‭ ‬جميع‭ ‬أشكال‭ ‬التمييز)‭. ‬
-    تطوير‭ ‬ومأسسة‭ ‬علاقة‭ ‬البرلمان‭ ‬مع‭ ‬منظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭.‬
-    دعم‭ ‬قدرات‭ ‬البرلمانيين،‭ ‬والأطر‭ ‬الإدارية‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭.‬
-    تطوير‭ ‬اهتمام‭ ‬الفرق‭ ‬البرلمانية‭ ‬بمواضيع‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭.‬
-    الرقي‭ ‬بمستوى‭ ‬اهتمام‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬البرلمانية‭ ‬بقضايا‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭.‬
وارتباطا‭ ‬بواقعنا‭ ‬المغربي،‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نتساءل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬عن‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬البلاد؟‭ ‬
ليس‭ ‬ها‭ ‬هنا‭ ‬الحق‭ ‬أن‭ ‬أتصدى‭ ‬بالإجابة‭ ‬الشخصية‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬التساؤل‭ ‬الاشكالي‭ ‬والخلافي‭ ‬أيضا،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬أترك‭ ‬لصاحب‭ ‬الكتاب‭ ‬الرد‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬توقفت‭ ‬عنده‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬مطول‭ ‬له‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬أجراه‭ ‬مع‭ ‬احدى‭ ‬الجرائد‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬رده‭ ‬على‭ ‬ذات‭ ‬السؤال،‭ ‬إذ‭ ‬يقول‭ ‬ما‭ ‬مفاده:
أن‭ ‬"هناك‭ ‬قواسم‭ ‬مشتركة‭ ‬في‭ ‬طبيعة‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الكوني‭. ‬وأيضا‭ ‬هناك‭ ‬تحديات‭ ‬ذات‭ ‬طابع‭ ‬وطني‭ ‬أو‭ ‬محلي‭. ‬واعتبر‭ ‬أن‭ ‬التحديات‭ ‬المشتركة‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالتحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان»‭ ‬والتي‭ ‬حددها‭ ‬أساسا‭ ‬في‭ ‬يراه‭ ‬"محاولات‭ ‬تسفيه‭ ‬خطاب‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والتشكيك‭ ‬في‭ ‬جدواها‭ ‬وفي‭ ‬مشروعيتها‭ ‬موضحا‭ ‬"إن‭ ‬ذلك‭ ‬يتم‭ ‬عبر‭ ‬مختلف‭ ‬الرسائل‭ ‬و‭ ‬الخطابات،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬التيارات‭ ‬المتطرفة‭ ‬والعنيفة‭ ‬والتي‭ ‬أدت‭ ‬في‭ ‬بعض‭  ‬المناطق‭ ‬الى‭ ‬إيجاد‭ ‬مصوغات‭ ‬للإجهاز‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬المكاسب‭ ‬والحقوق‭. ‬من‭ ‬ضحاياها‭ ‬الأساسيين‭ ‬المهاجرون‭ ‬والنساء‭ ‬والأطفال‭. ‬لكنه‭ ‬يستدرك‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬أيضا‭ ‬تحديات‭ ‬مرتبطة"‭ ‬بمخاطر‭ ‬تسييس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭.‬
ويعتقد‭ ‬الحنوشي‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مرحلة‭ ‬فارقة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬لبلادنا،‭ ‬إذ‭ ‬وبعد‭ ‬مضي‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬على‭ ‬إقرار‭ ‬الوثيقة‭ ‬الدستورية،‭ ‬فهناك‭ ‬تساؤل‭ ‬مشروع‭ ‬يطرح‭ ‬حول‭ ‬أين‭ ‬نحن‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الآمال‭ ‬والتعهدات؟‭ ‬
ليجيب‭ ‬بدون‭ ‬مواربة‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬إحساس‭ ‬بتباطؤ‭ ‬وثيرة‭ ‬الإصلاحات،‭ ‬وهناك‭ ‬أيضا‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الانتظارية‭ ‬المحبطة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬توافر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬والمؤشرات‭ ‬بأن‭ ‬اختيار‭ ‬المغرب‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان،‭ ‬هو‭ ‬اختيار‭ ‬لا‭ ‬رجعة‭ ‬فيه،‭ ‬لكن‭ ‬تدبير‭ ‬ملف‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬مؤسساتيا‭ ‬فيه‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الاختلال‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬تداركه‭ ‬في‭ ‬قادم‭ ‬الأيام‭. ‬
أعتقد‭ ‬جازما‭ ‬في‭ ‬ختام‭ ‬هذه‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬كتاب‭ ‬الصديق‭ ‬الباحث‭ ‬عبد‭ ‬الرزاق‭ ‬الحنوشي‭ ‬أننا‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬ماسة‭ ‬لهكذا‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬المعرفي،‭ ‬الذي‭ ‬يوظف‭ ‬فيه‭ ‬الباحث‭ ‬تجربته‭ ‬المهنية،‭ ‬ويضمها‭ ‬إلى‭ ‬رصيده‭ ‬المعرفي‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬النظري‭ ‬العلمي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعله‭ ‬أقرب‭ ‬من‭ ‬إحداث‭ ‬تلك‭ ‬النقلة‭ ‬النوعية‭ ‬المطلوبة‭ ‬التي‭ ‬تتوفر‭ ‬لكل‭ ‬ممارس‭ ‬وأكاديمي‭ ‬ما‭ ‬يبحث‭ ‬عنه‭ . ‬
فالديمقراطية‭ ‬والنهوض‭ ‬بمجال‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬إن‭ ‬كانا‭ ‬مساران‭ ‬متقاطعان‭ ‬ويتطلبان‭ ‬عملا‭ ‬متواصلا‭ ‬فإن‭ ‬المكتسبات‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬أهمية‭ ‬ما‭ ‬تحقق‭ ‬منها،‭ ‬فلا‭ ‬تمنع‭ ‬من‭ ‬الاعتراف‭ ‬بوجود‭ ‬النص‭ ‬والخصاص،‭ ‬كما‭ ‬يرى‭ ‬صاحب‭ ‬الكتاب‭ ‬في‭ ‬إصداره‭ ‬الجديد‭.‬
 
باحث في القانون العام