الثلاثاء 23 إبريل 2024
كتاب الرأي

ادريس المغلشي: استراتيجية بدون بوصلة

ادريس المغلشي: استراتيجية بدون بوصلة ادريس المغلشي
أوربما تبدو الوضعية معقدة ملمحها الأساسي أنها بوصلة بدون استراتيجية.لا أدري هل تاهت استراتيجية أخنوش في تدبير الملفات الحارقة التي تقع تحت يديه بعدما فقدت بوصلتها. ولم تعد لها معالم نستطيع من خلالها فهم مايريد قوله. 
يبدو أن الرجل لايتقن لغة الخطاب لدرجة تساعده في تبيلغ رسائله. كلما تناول الكلمة تراه  غير مستقر بين اللغة العربية التي يحاول جاهدا ركوبها في تعنت شديد ومفردات فرنسية لتجميل كلام فارغ و خطاب دارج كلما هم بالهجوم على خصومه. أعرف جيدا أن مقومات شخصيته توحي بمعطى أساسي أنه من النوعية التي تصفي حساباتها مع خصومها في صمت وبلاضجيج. له من عناصر القوة ما يمكن الوقوف عليها خارج شخصيته. 
حدثين في بحر سنة 2022 التي ودعنا، كفيلين بتوضيح ما نحن بصدد قوله. الأول حين سأله  احد المعطلين باكادير بصوته المرتفع :" فين وعودك اسيد رئيس الحكومة ؟" رد عليه ببرودة وتهكم شديدين :"سلم على داك لي مسيفطك " . الأمر الثاني: وفي نفس المدينة حين صرخ في وجه أحد المستشارين اثناء انعقاد الدورة قائلا له :" لاتحاولوا تغليط الناس بالكذب . شوفوا وجاهكم مع الصباح فالمرايا مزيان ..! لينتقل مباشرة إلى اتهام المستشار بصفة أنت كذاب." الملفت أنه كررها عدة مرات بعدما لاحظ تواطؤا عاما وصمتا مريبا داخل الجلسة. لكن الصورة كما التقطتها شخصيا ساقطة ورديئة من كل الجوانب، ولاتليق برئيس مجلس وحكومة.
 كثيرة هي المواقف التي تثبت فشل رئيس الحكومة في التواصل بل تبين بالملموس أن اغلب عناصر حكومة الكفاءات غير مقنعة باستثناء فوزي لقجع الذي يجيد التحرك في مجال اختصاصه وهو أمر يعطيه قوة الشخصية والحضور المتميز .
في متابعة لمجريات جلسة المستشارين يوم الثلاثاء الماضي والتي خصصت للملف الصحي ببلادنا. أعتبرها شخصيا حصة ثقيلة بالمواجع مرهقة لدرجة لاتلمس من خلالها جدية في الطرح وتفاعلا في الاداء للتصويب والتقويم. فتتساءل مع نفسك ماجدوى متابعة هذا العبث. فكثير من الزمن المهدور يجعلك تكتفي بالتساؤلات والردود. لاحاجة لمتابعة العرض من بدايته فيكفي الاستماع للرد الأخير لتفهم مجريات اللقاء بأكمله. وأنا أتابع التعقيب الأخير لأخنوش لم ألمس فيه صفة القيادة ذات التوجهات العامة والكبرى فمرة أراه وزيرا للاقتصاد وأخرى وزيرا للفلاحة. العرض في مجمله لم يرتكز على منهجية بناء واضحة تستطيع من خلالها فهم مايريد قوله.
سأكتفي بمثال واحد المطروح لمعالجة إشكال الحماية الإجتماعية فيما يتعلق بالتغطية الصحية. بشكل انطباعي وبعيدة عن كل مقاربة ذات نجاعة مأمولة طرح رئيس الحكومة أمرين خطيرين الأول قضية هروب الأطباء المغاربة خارج أرض الوطن وهو أمر يعتبر هدرفظيع للطاقات وعوض البحث عن الاسباب الداخليةالتي تدفعهم للهجرة. ألقى باللوم على الدول المستقبلة. ولوح بالتعاقد كافق لحل إشكالية الخصاص.
الأمر  الآخر دفع المواطنين لتأدية مقابل الخدمة الصحية أعتبره انقلابا واضحا على مقاربة الرميد الفاشلة. والسؤال كيف سنؤدي مقابلا ماديا  لخدمة غير موجودة ؟ فالملف الصحي بالدستور المغربي( الفصل 31) يوضح ضرورة وأولوية. الخدمة الصحية كحق دستوري .
يبدو أن منهجية السيد رئيس الحكومة فاقدة للبوصلة وغير مسنودة بمرجعية حقوقية ولا بالتزامات أخلاقية. إنها مجرد انطباعات لن تعزز من قوتها مفردات تستغل في كل وقت وحين .من قبيل (سير سير سير ...تضرب البوطو تدخل ولاما تدخل ) وغيرها من الكلمات التي استنفذت نشوتها إن لم نقل سكرتها مع واقع صحي مأزوم واستغلال سياسي فاشل.