الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

جامعي يتحدث عن تكرار سقطات الوزير وهبي وصمت رئيس الحكومة عنه

جامعي يتحدث عن تكرار سقطات الوزير وهبي وصمت رئيس الحكومة عنه عبد اللطيف وهبي (يسارا) وابراهيم مراكشي
في هذا الحوار يتحدث ابراهيم مراكشي، الأستاذ الجامعي في طنجة عن تداعيات قضية امتحان المحاماة، وما تسبب فيه الوزير وهبي من أزمة امتد صداها لخارج حدود المغرب، معتبرا أن لا حل للأزمة في الأفق القريب أمام عناد وزير العدل وتعاليه سوى بإعفائه.
 
كيف تفسر تكرار سقطات الوزير وهبي وعدد من وزراء حكومة أخنوش؟ 
إذا أردنا تشبيه الوضع الحالي بكرة القدم، يمكن تفسير تكرار سقطات وزير العدل وغيره من وزراء الحكومة، وإن كان أي وزير آخر لم يصل لمستوى هفوات عبد اللطيف وهبي، يمكن تفسير ذلك بتراجع في المستوى الفني للبطولة، أي المشهد السياسي، في وقت تراجع فيه أداء اللاعبين بشكل كبير، أي النخبة السياسية، الذي أصبح يلعب في مدرجات فارغة بعد أن هجر الجمهور، أي الناخبين، الملاعب، أي الانتخابات. المشكل هو أن هؤلاء اللاعبين تملكهم الغرور وأصبحوا يلعبون بدون حماس الجمهور، وأقنعوا أنفسهم أنهم لاعبين كبار، ويتصرفون على هذا الأساس، رغم أنهم مدركين بعدم قدرتهم على استعادة ثقة الجمهور، وإرجاعه إلى مدرجات الملاعب. 

في الواقع، تكررت سقطات وزير العدل بالخصوص، وقد احتل صدارة المشهد السياسي هذه الأيام بشكل سلبي، نقول أن تكرار هذه السقطات والأخطاء يعكس الأزمة التي تعيشها الأحزاب المغربية، وفشلها في إفراز نخبة جادة وكاريزمية، لها تكوين سياسي رصين وثقافة سياسية منفتحة على الآخر، تدرجت داخل مختلف الهيئات والتنظيمات الداخلية للأحزاب. إن تأملنا قيادات  الأحزاب المصنفة ضمن العشر الأوائل، نجد جلهم قادم من مجال المال والأعمال، ولم يخوضوا تجارب نضالية في المجال الجمعوي أو النقابي، وفي شبابهم لم يحتكوا بهيئات طلابية مثل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، الذي كان يعد مدرسة سياسية حقيقية، أفرزت لنا في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي نخبا سياسية حقيقية سواء في "اليسار"، أو داخل البيت "الإسلاموي"، أو حتى داخل أحزاب "اليمين"، أستعمل هذه المصطلحات بتحفظ، لأن الاتجاهات اختلطت علينا، فلم يعد اليسارا يسارا، ولا اليمين يمينا. وهنا على هذا الصعيد، فقدان الهوية المذهبية للأحزاب السياسية ساهمت بدورها في تمييع المشهد السياسي، وفي هذه الوضعية التي نعيشها الآن. 
 
لكن ما هو سبب صمت رئيس الحكومة للخروج بتوضيحات في هذا الشأن؟ 
أفسر صمت رئيس الحكومة بأن الوضع قد خرج من تحت سيطرته، وأن أزمة نتائج امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة أصبحت في يد جهات عليا منه. لا أستبعد أن يكون تقرير  مستقل ومفصل قد سلم لهذه الجهات، تحدد المسؤوليات بدقة، وتكشف عن الظروف وحيثيات المباراة التي شابتها خروقات بالجملة. صمت رئيس الحكومة بهذا الخصوص ربما يفسر أيضا إلى كونه قد بلغ إلى مسامعه، أو أُبلغ بكون قرار إعفاء وزير العدل قد حسم فيه، وبقي فقط اختيار التوقيت والظرفية المناسبتين للإعلان عنه. ولا أستبعد بعد ستة أشهر من الآن أن تظهر "حركة تصحيحية" داخل حزب الأصالة والمعاصرة" تطيح بعبد اللطيف وهبي.. 
 
هل يمكن الحديث عن نهاية المسار السياسي لوهبي في ظل تكرار سقطاته؟
لا أظن ذلك، لكن أعتقد أنه بعد أن تهدأ العاصفة، سيجبر على الانسحاب والتراجع نحو الصف الثاني، كما وقع للعديدين من أمثاله.. 
 
في انتظار ذلك، هل نحن أمام تستر رئيس الحكومة عليه أم تواطؤ معه أم ابتزاز لحلفائه في الحكومة؟
الحديث عن التواطؤ أمر مستبعد، لأنه يعني انتحار سياسي للحكومة. فالأزمة التي أثيرت بسبب نتائج مباراة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة تجاوزت الأبعاد الوطنية، وأخذت بعدا دوليا أضر بسمعة المغرب، خاصة بعد الصورة الوردية للمغرب في مونديال قطر. فما بناه المدرب الركراكي و"وليداتو" في أسابيع، حطمه عبد اللطيف وهبي في لحظات. وأعتقد أنه لولا السياق العام الايجابي الذي خلقه المنتخب الوطني في قطر، ولولا تصريحات وزير العدل وخرجاته الإعلامية الكارثية، ما كانت هذه الأزمة تأخذ كل هذه الأبعاد، وما كانت جهات عليا تمسك هذا الملف.
كذلك، لا أعتقد أن صمت رئيس الحكومة بهذا الخصوص هو ابتزاز لحلفائه في الحكومة، بقدر ما هو أخذ مسافة من الأزمة، تمكنه من قراءة الوضع برمته، ودراسة مختلف احتمالات خروج  وزير العدل من الحكومة. رئيس الحكومة يملك من الذكاء ما يجعله يتفادى حرق أصابعه، مادامت درجة حرارة الملف في ارتفاع مستمر، وصدى الأزمة ومداها آخذة في التمدد كبقعة زيت في بركة من الماء الآسن. الأكيد أن لا حل للأزمة في الأفق القريب أمام عناد وزير العدل وتعاليه.