الجمعة 19 إبريل 2024
سياسة

المصطفى قاسمي: المغرب وإسبانيا.. العلاقات الإستراتيجية والأهداف المشتركة

المصطفى قاسمي: المغرب وإسبانيا.. العلاقات الإستراتيجية والأهداف المشتركة الدكتور المصطفى قاسمي وأعضاء المائدة المستديرة
في أطار تنظيم كل من مؤسسة مغاربة العالم ومؤسسة قاسمي للتحليل السياسي والدراسات الاستراتيجية والمستقبلية بشراكة مع منظمة" بيدرو التاميرانو "مائدة مستديرة بالمنتجع السياحي كرين بارك بسطات يوم الثلاثاء 27 دجنبر2022  تحت عنوان" القضايا الاستراتيجية في العلاقات المغربية الإسبانية رؤى مستقبلية"، ألقى الدكتور المصطفى قاسمي مداخلة بعنوان:  "المغرب وإسبانيا.. العلاقات الاستراتجية والأهداف المشتركة"..
والدكتور المصطفى قاسمي هو المناسبة استاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية جامعة الحسن الأول كلية العلوم القانونية والسياسية سطات.  ومدير مركز الدراسات والأبحاث حول الحكامة. ورئيس مؤسسة القاسمي للتحليل السياسي والدراسات الاستراتجية والمستقبلية...
وجاءت  مداخلته  كالتالي:
 
تعتبر كل من المملكة  المغربية والمملكة الاسبانية من الأنظمة السياسية الاكتر قدما في التاريخ.فمن يعرف تاريخ المغرب يعلم أن الامبراطورية المغربية الشريفة حكمت شمال أفريقيا وجزأ من اروبا وامتدت في أفريقيا بالمقابل الإمبراطورية الإسبانية خلال القرن السادس عشر امتدت سلطتها إلى جزأ من اروبا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية فكلا الدولتين تميزتا بالقوة والحضور التاريخي كقوى عظمى، لكن التحولات التي عرفها العالم ادت الى افول دول وصعود أخرى. وبما اننا بصدد الحديث عن العلاقات الاستراتجية الاسبانية المغربية والأهداف المشتركة. نرى أن نطرح الأسئلة التالية لأن من شان الإجابة عنها أن تتضح الرؤيا حول هذ العلاقات..
فكيف كانت العلاقات المغربية الاسبانية قبل هذه المرحلة الحالية؟ بالرجوع الى التاريخ السياسي للمغرب نجد أن سنة 1906 تاريخ عقد الجزيرة الخضراء تم تقسيم المغرب بين فرنسا وإسبانيا حيث وضعت فرنسا يدها على وسط المغرب في حين أن اسبانيا اخدت شمال المغرب  وجنوبه اما طنجة فتم الاتفاق على جعلها منطقة دولية.
وهكذا وجد المغرب نفسه تحت سيطرة الاستعمار الفرنسي والاسباني فناضل المغاربة ملكا وشعبا من أجل إسترجاع استقلاله وهكذا تمكن من تصفية الاستعمار الفرنسي في المغرب والاسباني في شمال المغرب في حين ظلت المناطق الجنوبية تحت سلطة  الاسبان. وتجدر الإشارة إلى أن المغرب لم يتوانى في الدفاع عن حوزة ترابه  ففي سنة 1963 من خلال حرب الرمال أظهر المغرب لكل من فرنسا والجزائر على حد سواء أنه لن يتردد في الدفاع عن أي جزء من ترابه.فبماذا تميزت هذه المرحلة؟.
إلا أن حكمة المغفور له الملك الحسن الثاني رأى أن استراتجية الحرب غير مجدية في قضية يؤمن بشرعيتها حيث كانت له قناعة أكيدة بأنه سيربح هذا الرهان باستراتجية أخرى افضل فرفع ملف الصحراء إلى الأمم المتحدة وبالضبط إلى محكمة العدل الدولية وبالفعل كان ملكنا الحسن الثاني رحمه الله حكيما حيث صدر قرار المحكمة لصالح المغرب وأقر بوجود روابط تاريخية وقانونية بين سلاطين المغرب والقبائل الصحراوية تتمثل في وجود البيعة.
وهكذا سارع المغفور له الملك الحسن الثاني إلى تنظيم المسيرة الخضراء إلى الأقاليم الجنوبية  فكان إن تم إسترجاع جزء كبير من أراضيها الجنوبية ليبقى الجزء الأخير فكان ان تأمرت علينا كل من فرنسا والجزائر وتم تأسيس كيانا وهميا اسموه بالجمهورية الصحراوية لكن المغرب لكونه مؤمن بقضيته ظل يعرف بهذه القضية في كل المحافل الدولية وينتزع اعترافات الدول من أفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية، وإن تميزت هذه الإستراتيجية بكونها طويلة الأمد لكن أعطت نتائج مبهرة واظهرت نجاحا وقوة دبلوماسية للمملكة المغربية  فكان عام 2022 مليئا بالاعترافات حيث اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء وتهافتت الدول على مدينة العيون  والداخلة من أجل اقامة قنصلياتها .تم تتالت اعترافات الدول الكبرى كألمانيا وهولندا ثم بعد ذلك جاء الإقرار الذي كان موجعا للخصوم: فرنسا والجزائر والبوليساريو من قبل اسبانيا التي اقرت بمغربية الصحراء.
في ظل هذ الوضع الجديد كيف يمكن أن تكون العلاقات المغربية الاسبانية وهل من أهداف استراتجية ومستقبل مشترك بين البلدين؟.
في ظل التحولات التي يعرفها العالم المتمتلة في الحرب الروسية الأكرانية من جهة و تدهور الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية في اروبا خاصة في فرنسا وألمانيا وفي جزء منهآ بريطانيا فإن اسبانيا باعتبارها بوابة أروبا والمغرب باعتباره بوابة أفريقيا،وبالنظر إلى الدور الذي أصبح يلعبه المغرب في أروبا على المستوى الإقتصادي في العديد من المجالات ألمالية والتأمين والاتصالات وغيرها وبالنظر إلى كون أفريقيا هي أكبر سوق لتصريف المنتجات الصناعية وهي أكبر مورد للمواد الأولية فأن اسبانيا لن تجد بديلا عنه في العلاقات بين الشمال والجنوب خصوصا ان المغرب يعتبر شريكا لأروبا وشريكا أساسيا وموتوق به اتبت جدارته وفعاليته في العلاقات الدولية، فمن جهة يمتلك المغرب اليد العاملة المؤهلة والكفاءات ولديه مؤسسات بنكية بالمقايسس العالمية وكذلك شركات التأمين وبالمقابل تتوفر اسبانيا على التكنولوجيا والخبرة منهنا  فاستتمارها مع المغرب سيعود عليها بالمنافع الكبرى بالإضافة إلى مصادر الطاقة من غاز وغيره خصوصا أنبوب الغاز الذي سيربح بين نيجيريا والمغرب ويمر عبر اسبانيا سيجعل من كلا البلدين قوة في المنطقة المغرب أفريقيا وإسبانيا اروبيا وسيعطيها تتصدر الدول الأروبية في ظل تدهور وتراجع فرنسا زد على ذلك أن المغرب وإسبانيا تربطهما مصالح أخرى كالصيد البحري والفلاحة.
إن المغرب وإسبانيا أمامهما فرصة كبيرة جدآ في تحقيق تنمية مستدامة لبلديهما والتحولات الحالية التي يعرفها العالم تساعد البلدين على أن يصبحا قوتين في العشر سنوات المقبلة .فجميع المؤشرات  تبين أن هناك دولا على وشك الافول وأخرى صاعدة مما يظهر أن السنوات المقبلة أمام ضعف فرنسا وألمانيا وتراجع دور الولايات المتحدة وتصدع اقتصاد بريطانيا سيتشكل عالم جديد أو نظام دولي جديد بظهور فاعلين جدد..