السبت 20 إبريل 2024
فن وثقافة

الشيخ الحسين.. رواية "عَيْطَةْ بِيضَاوِيَةْ" بحبكة تمزج بين الواقع والخيال بطعم الألم والمرارة

الشيخ الحسين.. رواية "عَيْطَةْ بِيضَاوِيَةْ" بحبكة تمزج بين الواقع والخيال بطعم الألم والمرارة الفنان الحسين سطاتي

حين يستند شيخ العيطة على دعامات القراءة والمعرفة والبحث والكتابة، فاعلم أنك تقف أمام رجل فنان، يربط بين النظري والتطبيقي في مختبر العزف والغناء، إنه الفنان الحسين سطاتي الذي استطاع بإرادته وإصراره أن يجعل من مهنة "شيخ العيطة" مصدر توثيق وكتابة غزيرة، بقلم سيال، يبشر بأنه لا يصح إلا الصحيح في زمن المسخ الفني لأشباه "فنانين" و "فنانات" لا يقدرون على تركيب جملة صحيحة وهم جالسون يبحلقون عبر شاشات التلفزة المغربية عبر برامج التفاهة المنحطة.

لقد اختار الشيخ الحسين سطاتي عن طريق الكتابة والتوثيق والبحث في كل ما يرتبط بالفن والتراث على مستوى الغناء الشعبي وفن العيطة، وأبان عن تمكنه في مساره الفني عبر مراكمة العديد من الكتابات الجميلة التي ينشرها في صفحته الخاصة، عبر موقع الفيسبوك تباعا نذكر منها أعماله التي تنتظر من يمد له يد العون للنشر وإغناء المكتبة الوطنية:

 

ـ رواية بعنوان: "عيطة بيضاوية" في أربع أجزاء

ـ سيرة ذاتية بعنوان : "عيطة دموع الخيل"

ـ مجموعة قصصية بعنوان: "العيطة والغيطة"

 

تجدر الإشارة إلى أن الشيخ الحسين سطاتي قد تعلم فن العزف على الكمان لوحده، منذ نعومة أظافره وهو طفل يلهو ويلعب في الحقول والمروج وراء قطيع الأغنام، وشاء القدر أن يقدم استقالته من مهنته الرسمية كدركي بالضابطة القضائية برتبة أجودان في صفوف الدرك الملكي.

في هذه السلسلة تقدم جريدة "أنفاس بريس" للقراء الحلقة الأولى من خلاصة رواية "عَيْطَةْ بِيضَاوِيَةْ" التي تنتظر النشر حين تتوفر شروطه.

 

عن شخصية بطل رواية "عَيْطَةْ بِيضَاوِيَةْ"؟

في رواية "عَيْطَةْ بِيضَاوِيَةْ" لمؤلفها الشيخ الحسين سطاتي، والتي مازالت لم تنشر بعد، يتحدث البطل عن نفسه ويعرف بشخصيته كاشفا عن واقع مساره المهني حيث يقول: " كان (الْحُسَيْنْ) دركيا، برتبة رقيب أول (شَافْ)، ضابطا للشرطة القضائية والعسكرية، وضابطا للشرطة القضائية المكلف بالأحداث، وتقني التشخيص الجنائي الإجرامي، وكان يعمل ضمن عناصر الضابطة القضائية بالمركز الترابي للدرك الملكي بإحدى المدن المغربية".

ويسرد الكاتب بطريقة مباشرة موقفه مما كان يلاحظه في قالب يجمع بين الخيال والواقع حيث يقول: "بحكم تربيته التقليدية، داخل أسرة محافظة ونشأته في وسط ريفي بدوي، لم ينسجم مع نوعية العمل الذي كان يسود المركز (لَبْرِيكَادْ)...". على اعتبار أن مجموعة من السلوكات المنافية للضمير المهني لم تكن ترقه بالمرة والتي وصفها بـ "الفوضى والفساد الأخلاقي والإداري؛ وتحرشات بعض الدركيين العاملين معه بالنساء، والرشوة والمحسوبية، والتفاضل في معالجة القضايا، وتزوير المحاضر، والتستر على المجرمين وغير ذلك.. كانت هذه الأفعال تغيظه وتترك ندوبا بداخله".

كان بطل رواية "عَيْطَةْ بِيضَاوِيَةْ" ضد هذه السلوكات المنحرفة، حيث يوضح في جزء من الكتاب أنه كان ضد "هذه التصرفات ويدافع بشراسة عن حقوق المتنازعين، وإظهار الحقيقة رغم رتبته الدركية البسيطة. لذلك كان يعتبر حالة شاذة ونغمة نشاز بين بعض رفاقه، وقائد المركز الملقب بـ (الغول) وبعض رؤسائه الإداريين.

 

الملف/ القضية التي أفاضت الكأس في الرواية

شاءت الأقدار أن يتكلف بطل الرواية بمهمة بحث في إحدى القضايا، (...) ومن بين القضايا التي بحث فيها، قضية الفنانة الشعبية الشِّيخَةْ مَلِيكَةْ الْوَادْزَمِيَّةْ، حيث أورد عنها المؤلف: "الفتاة الحسناء التي كانت ضحية اختطاف ومحاولة اغتصاب من طرف تاجر المخدرات (حَمِيدْ وَلْدْ زَعْطُوطْ)، الملقب بـ "الرُّوبْيُو"، وعصابته من داخل حفلة عرس بإحدى المناطق القروية بضواحي مدينة (أ/ج).

البطل في الرواية (الشَّافْ الْحُسَيْنْ)، حسب المؤلف، كان إضافة إلى صفته الضبطية يمثل: "فاعل الخير، يكافح ضد الظلم بما في استطاعته، ويحارب الجريمة بالمدينة والقرى التابعة لها، لكنه يرى من الصعب التغلب عليها، فهو يأخذ من الحياة مكانه ويعرف أن كل شيء نسبي، ويميل إلى أن يكون عمليا أكثر منه خياليا، فهو لا يهدف أن يصبح بطلا خارقا، ولكنه يريد أن يؤدي واجبه المهني على أتم وجه، يساعد الناس ويساعد أسرته الصغيرة والكبيرة".

يصف كاتب الرواية الجو المشحون وسط مقر عمله، بعد أن فاضت الكأس بسبب ملف جنائي حيث يقول: "صراعات وتطاحنات، بين قائد لبريكَاد وبعض الدركيين الموالين لصفه، وبين (الشَّافْ الَحُسَيْنْ) الذي يمثل الضابط الملتزم والموظف المثالي النموذجي، لكنه يعتبر في نظر بعض رؤسائه وبعض رفاقه الشخص المعقد، الثائر والمتمرد العاصي".

في نفس السياق يؤكد المؤلف بأن ملف قضية اختطاف الشِّيخَةْ مَلِيكَةْ الْوَادْزَمِيَّةْ، الفنانة الشابة الحسناء، من داخل حفلة عرس (بإحدى القرى النائية)، من طرف المدعو (وَلْدْ زَعْطُوطْ) وعصابته، خلال شهر أبريل سنة ألفين ميلادية، كانت هي النقطة التي أفاضت الكأس وجعلت (الشَّافْ الْحُسَيْنْ) يثور في وجه الظلم والفساد، حيث بادر إلى اعتقال المجرم (تاجر المخدرات والماحيا) وقدمه أمام العدالة.

 وعن الحماية التي كان يتمتع بها المتهم يقول: "المجرم الذي كان يحضا بحماية من طرف "الْغُولْ" وبعض الدركيين، ومدعوم من طرف أخته "ليلى"، هذه الأخيرة التي كانت تتعاطى للقوادة والدعارة ولها علاقة غرامية مع "الْغُولْ" بصفته مسؤولا أمنيا فاسدا، والذي يتهمه "البطل" بمحاول اغتصاب "الشِّيخَةْ مَلِيكَةْ".

 

من هي شخصية الشيخة مليكة في الرواية؟

حسب المؤلف فالشيخة مليكة موضوع ملف القضية "تنحدر من أسرة مفككة، وأب سكير يمتهن تجارة المخدرات والماحيا. وأم شيخة ورثت منها مليكة جمالها وموهبتها في الغناء. وهبها الله حسنا وجمالا وصوتا قويا، وكانت لها موهبة في غناء فن العيطة، كما كانت راقصة بارعة". لكنها للأسف الشديد "عاشت طفولة مغتصبة، إذ كان جسمها الفائر وجمالها الفاتن نقمة عليها أكثر ما هو نعمة، وقد تركتها أمها الشيخة وفرت مع عشيقها إلى شمال المغرب، وهي في السن الخامسة من عمرها".

لقد تعرضت الشيخة ملكية حسب خيال الكاتب لـ "الاغتصاب من طرف والدها، تاجر المخدرات والماحيا، وافتض بكارتها وهي لم تتجاوز العاشرة من العمر، الشيء الذي ولّد لديها حقدا على الرجال، حيث تكفلت بتربيتها خالتها، وهي بدورها تمتهن الغناء الشعبي كـ "شيخة"، وأحسنت إليها وأدخلتها المدرسة إلى أن حصلت على شهادة البكالوريا شعبة علوم تجريبية، لذلك كان الناس يلقبونها بـ (الشِّيخَةْ مَلِيكَةْ الزّْرَيْقَةْ مُولَاتْ الْبَاكْ)".

بالعودة إلى الوسط المهني يحكي الكاتب عن شخصية البطل بالقول: "كان (الشَّافْ الْحُسَيْنْ)، دركيا مجدّا في مهنته، يعمل وسط شبكة إجرامية متفرعة متشعبة تجمع بين عدة مسؤولين في تلك المدينة....مسؤولين فاسدين وحّدهم الفساد والرشوة والتزوير وابتزاز المواطنين".

 في هذا السياق يكشف بطل الرواية عن صداقة متميزة جمعت بينه وبين أحد الدركيين في العمل، والذي يقول عنه : "كان يثق في زميله الدركي (أحمد)، فهو الذي كان يبوح له بأسراره"، لأنه كان تلميذا دركيا سابقا درس عند (الشَّافْ الْحُسَيْنْ) لما كان مدرسا ومدربا عسكريا للتلاميذ ضباط الصف الدركيين بالقاعدة العسكرية.

يستمر الحكي والسرد في رواية (عَيْطَةْ بِيضَاوَةْ) بواقعية كاشفة عن مجموعة من الأحداث والوقائع المؤلمة التي كان يتعرض لها البطل في عمله حيث يكشف الكاتب على أنه "جراء مثالية (الشَّافْ الْحُسَيْنْ) ودفاعه المستميت عن الضحايا والمستضعفين، أصبح يتعرض أتناء عمله للمضايقات والدسائس والإهانات من طرف بعض رؤسائه الإداريين والأمنيين والقضائيين، حيث تمة إحالته على الطب النفسي، الشيء الذي جعله يقرر في الأخير تقديم استقالته من عمله أمام أخطبوط الفساد الذي كان مستشريا في كواليس الإدارة".  يتـــــبع