الأربعاء 24 إبريل 2024
مجتمع

العسري: ضعف التعبئة في "مسيرة الرباط" ضد الغلاء عنوان أزمة داخلية صامتة تعيشها الجبهة الاجتماعية

العسري: ضعف التعبئة في "مسيرة الرباط" ضد الغلاء عنوان أزمة داخلية صامتة تعيشها الجبهة الاجتماعية جمال العسري في قلب المسيرة الاحتجاجية ضد الغلاء
 نظمت الجبهة الإجتماعية المغربية يوم الأحد 5 نونبر 2022 بالرباط مسيرة احتجاجية ضد تدهور القدرة الشرائية للمواطنين وضد الغلاء الرهيب. في هذا الإطار، أجرت "أنفاس بريس" حوارا مع جمال العسري، عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد لتسليط الضوء على سياق الاحتجاج الجماهيري:  
 
لوحظ أن المشاركة في المسيرة كانت ضعيفة وكان يفترض أن تحضرها  بكثافة وتستجيب لها فئات عريضة من المواطنين للتعبير عن رفضها للغلاء  الذي اكتوت به فكيف تقرأ هذه المفارقة ؟
بدعوة من الجبهة الاجتماعية المغربية شارك الآلاف من المواطنات والمواطنين في المسيرة الوطنية التي نظمت تحت شعار " جميعا ضد الغلاء و القمع والقهر "، ورغم حضور هذه الآلاف والذي تشكل أساسا من مناضلات ومناضلي الهيآت المكونة للجبهة المتواجدين عبر ربوع التراب الوطني، لم يصل للحجم وللأعداد التي كانت منتظرة خاصة في ظل الوضعية التي يعيشها المواطن، وأقل وصف يمكن توصف بها هي وضعية الأزمة الخانقة، واكتواء الجميع بنارارتفاع الأسعار، هذا "العزوف" يمكن إرجاعه لمجموعة من العوامل الذاتية والموضوعية؛ فبخصوص العوامل الذاتية يمكن الوقوف عند ضعف التعبئة لهذه المسيرة من قبل الهيآت المكونة للجبهة ،فإذا استثنينا الكونفدرالية الديمقراطية للشغل التي أكدت على اتحاداتها المحلية و الإقليمية على ضرورة التعبئة وضرورة الحضور والمشاركة مع ضرورة إبراز أعلام ورايات ولافتات و قبعات الكونفدرالية أثناء المسيرة، وهذا ما ظهر جليا من خلال هيمنة اللون الأصفرعلى المسيرة ، لنصبح وكأننا أمام إحدى مسيرات فاتح ماي؛ ولسنا أمام مسيرة لجبهة اجتماعية؛ الأمرالذي خلف نوعا من عدم الإرتياح لدى العديد من مسؤولي التنظيمات  المكونة للجبهة؛. أقول إذا استثنينا ال(ك د ش) فقد غابت التعبئة  غابت التجمعات العامة وغابت عمليات توزيع نداء المسيرة في الشوارع والساحات العمومية، غابت الندوات،غابت التعبئة الميدانية وتم الاقتصارعلى التعبئة الفايسبوكية ،و تعبئة العالم الافتراضي؛ وعامل ذاتي آخر يمكن الإشارة إليه هو الأزمة الداخلية الصامتة التي تعيشها الجبهة الاجتماعية المغربية سواء على مستوى تنسيقيتها الوطنية أو فروعها المحلية؛ أما العوامل الموضوعية فهي كثيرة ومرتبطة أساسا بلامبالاة المواطن ولا اهتمامه؛ وإصابة قاعدة واسعة من المتعاطفات و المتعاطفين بالإحباط أمام ما وقع ويقع وفقدان الثقة في المركزيات النقابية - التي تبقى عنوان الاحتجاج الميداني - بعد طول مسلسل الحوار الاجتماعي المركزي و القطاعي، هذا المسلسل الذي لم يسفرعلى أي نتيجة على الأرض، وخاصة للطبقة المتوسطة التي تشكل القاعدة الأساسية لأي شكل احتجاجي ..
 
 لماذا تصر الحكومة على صم آذانها على الإحتجاج تجاه الغلاء في المواد الغذائية والمحروقات؟
يسجل المتابعون والمهتمون بالشأن السياسي المغربي باستغراب سياسة صم آذان الحكومة وعدم استماعها لكل الأصوات التي تنادي بوضع حد للغلاء و على رأسه غلاء المحروقات هذه السياسة يمكن إرجاعها لشعور الحكومة بنوع من الاطمئنان  بكون ظاهرة الاحتجاج هي مجرد ظاهرة صوتية، ولن تتحول لظاهرة ميدانية ،وهي في هذا الإعتقاء مخطئة، لأن الإنفجار يمكن أن يقع في أية لحظة، كما يمكن أن يقع بعيدا عن أي تأطير سياسي أونقابي هي تصم آذانها لوصولها إلى قناعة أخرى هي قناعة ضعف المعارضة السياسية، وضعف امتداد هذه المعارضة في الشارع وهو اعتقاد بدوره خاطئ و لنتذكر قبيل حراك 20 فبراير، والخطاب الذي كان سائدا آنذاك، وهو خطاب موت السياسة وانتهاء الأحزاب السياسية. والذي ظهر خطأه مع انطلاق الحراك، سياسة صم الآذان راجعة كذلك لافتقاد الحكومة لأجوبة مقنعة ومرضية للمحتجين، وفي غياب امتلاكها لأجوبة على سؤال الأزمة الاقتصادية تلجأ للصمت المصحوب بالقمع وبالتضييق على الحريات، فهذا هو جواب كل الحكومات المستبدة الفاقدة لحلول لقضايا مواطناتها و مواطنيها.

هل العزوف عن الخروج  للإحتجاج هو تعبير من المواطن عن عدم اقتناعه بوجود الغلاء فعلا، ام أنه مرتبط بالتوقيت غير المناسب لمسيرة الاحتجاج  والذي يتزامن مع مونديال قطر والانشغال به وخاصة بنتائج المنتخب الوطني والدليل هو سفر  الجماهير المغربية لقطر  وتحملها التكاليف المختلفة من تذكرة وإقامة الخ لمتابعة مباشرة  ل "مسيرة "المنتخب؟
لاحديث للمواطن اليوم إلا حول عنوانين أساسيين هما: نارالغلاء وانتصارات كرة القدم، وإذا كانت انتصارات منتخبنا الوطني قد صالحت المواطن مع الفرحة والبهجة والسرور والسعادة، وصالحته مع العلم الوطني والإعتزاز بالإنتماء للوطن، ومصالحته مع الأمل والتفاؤل، وربما أنسته ولو لمدة قصيرة معاناته وآلامه، لكن هذه الإنتصارات ستظل مجرد مهدئات، مجرد جرعة وقتية، فهي ليست دواءا ولا بلسما شافيا للمواطن من أمراضه، وعلى رأسه داء الغلاء وارتفاع أسعار كافة المواد وعلى رأسها المحروقات، والغذاء، فما أن تنتهي فرحة بطولة كأس العالم حتى يعود المواطن لواقعه، واقع المرارة، واقع الغلاء، واقع القهر، واقع القمع ،هذا الواقع سيكون بمثابة السيف الذي يمكنه الفتك بكل أنواع العزوف وأنواع اللامبالاة و أنواع الابتعاد عن الإحتجاج. فأوضاع الوطن الإقتصادية شبيهة ببرميل بارود يمكن أن تفجره أي شرارة، كيفما كانت هذه الشرار، ولنتذكر الشرارة التي أخرجت الشعب التونسي للإحتجاح سنة 2011 ليندلع بعدها ما سمي بالربيع العربي، ولننظر للشرارة التي أخرجت الشعب الإيراني للخروج ،و ها هو يحتج في الشارع منذ ثلاثة أشهر ،وحقق انتصارين أساسيين تفكيك "شرطة الأخلاق" وإعادة النظر في"قانون غطاء الرأس "، بل ولنتذكر الشرارة التي أخرجت ساكنة مدينة الحسيمة و المناطق المجاورة لها وجل منطقة الريف للإحتجاج ... هي أمثلة ونماذج كثيرة تقول بأن الغلاء والقمع والقهر نتيجتهم الوحيدة هي: اندلاع نار الإحتجاجات وانفجار الأوضاع . فهل تعي الحكومة هذا الأمرأم أنها ستمضي بغبائها في اتجاه مزيد من التأزيم و مزيد من القمع و القهر ؟؟