الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد بهجاجي: بعيدا عن "المونديال"، قريبا منه.. قانون ساكسونيا

محمد بهجاجي: بعيدا عن "المونديال"، قريبا منه.. قانون ساكسونيا محمد بهجاجي
في الدقيقة 117 من فيلم "الغول" (قصة وسيناريو وحيد حامد، إخراج سمير سيف، 1983)، نطق القاضي:
- حكمت المحكمة حضوريا ببراءة المتهم من التهم المنسوبة إليه، وذلك إعمالا للمادة 304، فقرة أولى من قانون الإجراءات الإدارية...
قاطعه عادل عيسى (عادل إمام):
- قانون الإجراءات الإدارية، أو قانون ساكسونيا؟
الصحافي عادل عيسى كان شاهدا على تورط المتهم نشأة الكاشف (حاتم ذو الفقار) ابن رجل الأعمال الكبير فهمي الكاشف (فريد شوقي) الذي وظف كل سلطه من أجل قرار التبرئة.
يومها، وللأمانة فقط، سمعت بهذا القانون الذي سبق لوحيد حامد، رحمه الله، أن جعله عنوانا لمسلسل إذاعي اعتمادا على نفس القصة، وكان من بطولة نور الشريف رحمه الله.
في ما بعد، وعقب درجات في بحث أولي، علمت أن مؤلف "الإرهاب والكباب" كان قد سبقني إلى معرفة ساكسونيا، إحدى ولايات ألمانيا القرن الخامس عشر، حيث أبدع تحالف الكنيسة والإقطاع والنبلاء قانونا باسم الولاية يقضي بأن تصدر الأحكام اعتبارا للمتقاضين موزعين إلى فئتين، بحسب الانتماء الاجتماعي والعائلي والطبقي.
بناء عليه، إذا كان المتهم من "الأوباش"، سارقا أو قاتلا على سبيل الاقتراف، قطعت يده أو قتل تماما. أما إذا كان الجاني من "النبلاء" فيمثل أمام منفذي الأحكام عند منتصف اعتلاء الشمس كبد السماء. إن كان سارقا بترت يدا ظله الممدود حسب الشمس، وإن كان قاتلا قطع رأس الظل، ظله، وهلم عبثا... 
هكذا تعاقب الظلال، وبعدها ينسحب النبلاء - القتلة والسراق آمنين من الباب الخلفي لساحة القصاص.
 المثير حسب ما يحكي بخصوص هذه النوازل أن بعض "أوباش" ساكسونيا كان يصفق لأحكام الظل!
المثير أكثر أن إحدى الحكايات، ضمن متن أمثال خليجية، تنقل قصة "شاب مر من جوار بيت، فرأى فتاة أعجبته فحرك شفتيه بما يدل على التقبيل، فأخبرت أهلها بما حصل من ذلك الشاب، فاجتمع كبار قريتهما، للنظر في شكوى أهل الفتاة. وبعد مداولة الرأي اتفق الجميع على أن يرمى ظل هذا الشاب جزاء فعلته".
لكن الشاب المعني رفض قرار الجميع، وقال: "أدفع نص مالي، ولا يرمى خيالي".
هل كانت ال"مافيا" الساكسونية أكثر تواضعا حين قبلت بمعاقبة ظلالها؟
وبعد، من القتلة؟ ومن الظلال؟