الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد أمغار: قراءة في دفوع الحكومة من منظور القانون الدستوري

محمد أمغار: قراءة في دفوع الحكومة من منظور القانون الدستوري محمد أمغار
طرح هذه الأيام من طرف أعضاء الحكومة وفي إطار تبرير المقتضيات الضريبية التي أتى بها مشروع قانون المالية لسنة 2023 والخاصة بالمحاماة، أن الأمر يتعلق بتوزيع التكاليف العامة بشكل متساوي بين الجميع في إطار الدستور.
لذلك نرى كأستاذ للقانون الدستوري بأن هذا التبرير لايعطي المشروعية للمقتضيات المنصوص عليها في المشروع، لأنها لم تحترم المبادئ الدستورية ذات الصلة، والمشار إليها في خطابات أعضاء الحكومة، هذه المبادئ التي تنص على توزيع التكاليف على قدر الاستطاعة، وأن يكون التوزيع بمقتضى القانون، لذلك فإن المقتضيات الخاصة بالتسبيق على الضريبة على الدخل تخالف ماجاء في القانون وخاصة ما هو مسطر في المدونة العامة للضرائب والتي تنص على فرض الضريبة على الدخل الصافي وليس على دخل احتمالي، كما أن فرض نسبة 20 في ال من الضريبة على القيمة المضافة يضرب في العمق استطاعة المتقاضين ويحرمهم من حقهم في الولوج إلى العدالة.
وهذا مايوضح ان هذه المقتضيات جاءت مجانبة للمبادئ المنصوص عليها في الفصل 39 من الدستور، التي تنص على أن الجميع يتحمل كل على قدر استطاعته، التكاليف العمومية التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها وفق الإجراءات المنصوص عليها في الدستور.
إن المقتضيات المشار إليها في مشروع قانون المالية لسنة 2023 جاءت تبعا لما هو مشار إليه أعلاه بشكل مخالف للقانون، وتتجاوز بشكل كبير قدرة المحاماة وإمكانياتها في ظل المتغيرات التي عرفتها المحاماة والمرتبطة بالتشغيل والإمكانيات المادية لأغلب مرتفقي العدالة من المتقاضين، كما أن المحاماة وفي ظل مقتضيات الدستور، ساهمت بشكل كبير في التكاليف العامة بدون مقابل، ويتجلى ذلك في المساعدة القانونية والقضائية التي قدمتها المحاماة وبدون مقابل على مدار أكتر من 100 سنة، إضافة إلى الاستمرار في تقديم المساعدة القانونية والقضائية بمقابل هزيل لا يغطي تكاليف فريق لكرة القدم في المغرب.
وبذلك تكون المحاماة والمحامون والمحاميات، قد تحملوا بصفة تضامنية وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد في إطار مقتضيات الفصل 40 من الدستور، وأظن ان خير مثال على ذلك ما قدمه المحامون والمحاميات وهيئات المحامين لمواجهة تدعيات وباء كورونا،
إن المحاماة تبعا لذلك، تطالب الحكومة بالتنزيل الأمثل لما جاء في الفصلين 39و 40 من الدستور بمراجعة المقتضيات المشار إليها في مشروع قانون المالية لسنة 2023 في الاتجاه الذي يراعي المساواة في توزيع التكاليف العمومية على الجميع، وبالشكل الذي يأخذ بعين الاعتبار العدد الكبير من حاملي الشواهد العليا في الحقوق، والذين استوعبتهم المحاماة في العشرية الأخيرة.
إن عدم التوزيع الأمثل للتكاليف العمومية وتحميل المحامين والمتقاضين تكاليف تتجاوز قدرتهم المادية، سوف يضرب في الصميم الحقوق والمبادئ الدستورية وعلى رأسها الحق في الدفاع،
إن دفع أعضاء الحكومة تبعا لما هو مسطر أعلاه مخالف للدستور وقراءة خاطئة لما هو منصوص عليه في الفصلين 39 و40 من الدستور، يتعين الرجوع عنه خدمة للصالح العام واحتراما لما جاء في الوثيقة الدستورية ولهم الرأي السديد.
 
الدكتور محمد أمغار، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسي
كاتب مجلس هيئة المحامين بالدارالبيضاء