السبت 20 إبريل 2024
سياسة

محمد الشمسي: أم الحكومات لإعدام المحاماة

محمد الشمسي: أم الحكومات لإعدام المحاماة فوزي لقجع ومحمد الشمسي (يسارا)
ظلت المحاماة حاملة أثقال الأمن القضائي على كاهلها الأسود الموسوم بقلة بياض، ففي سنوات الرصاص عندما تغولت الدولة على المواطن، وفتح القضاء سجلاته ليكتب أحكاما كما اشتهت الدولة وقف المحامون  يهتفون ويصيحون ويضغطون على صفارات الإنذار بأن السفينة زاغت عن المسار وإنا جميعنا هالكون.
وتشاء الأعوام لتمتحن الصادق من الكاذب، وتقر الدولة طوعا أنها أخطأت الحساب، واعترفت بجريرتها أمام التاريخ وأنشأت هيئة للمصالحة، وجرى عفو شامل على المظلومين الذين شهد المحامون على تفاصيل ظلمهم، وتم تمزيق الأحكام بل وصرفت الدولة لضحاياها منحا مالية، وطوي الملف بصلح تاريخي، لكن التاريخ كتب من ظلم ومن قاوم، ومن جار ومن فضح ...
وظلت المحاماة شامخة تتلقى الضربات تحت الحزام فتميل دون أن تسقط، وظلت الحكومات المتعاقبة تعاملها معاملة الشيخ الزاهد الواعظ، تارة توقرها ومن حين لآخر تتحرش بها بإهمالها حينا وبإغراقها أحيانا أخرى ..إلى أن جاء الكبير أخنوش بفيلقه الوزاري الذي انتقاه بعد مباراة لاستوزار من لا يليق للوزارة، وكان في مقدمة الناجحين المدعو وهبي، هذا الأخير همس لأخنوش أني أدلك على كنز لا يفنى، جيوب المحامين فهي ملآى...وتلقف كبيرهم الوشاية وأمر لقجع أن يمرر له الكرة وان يفتل من شباك المرمى مشنقة لإعدام قبيلة المحامين.
لم يسبق للمحامين أن قاطعوا الجلسات وأن هتفوا واحتجوا قرابة شهر من الزمن إلا في عهد حكومة أخنوش، أخنوش الذي عول عليه المغاربة لينمي وطنهم كما نمى محطات محروقاته، و مجموعة شركاته، فإذا به يحرقهم بأسعار حارقة لاسعة لاذغة، حتى تمنى الناس ألف حكومة من حكومات السلف ولا حكومته ولا وزراؤه...
الحكومة تسير بالمحاماة الى منصة الإعدام، فقد أدخلت الحكومة الرصاصة في فوهة قانون المالية لسنة2023  وتنتظر شهر دجنبر لتقتنص مهنة ظلت ممانعة منافحة مجاهدة مقاومة لكل أشكال الحيف والأدلجة وخرجت منتصرة من محاولات الاغتيال بالإغراق والخنق.
تقف المحاماة اليوم وعنقها على حافة المقصلة، فإذا تحققت نبوءة المدعو وهبي وبات قانون المالية نافذا في الجريدة الرسمية فلنقف جميعا لصلاة الجنازة وهي جنازة مهنة قتلت مغدورة، ونصلي جميعا على حق المواطن "الغلبان" في الولوج للعدالة، حيث سيصبح الإنصاف بضريبته، والعدل بضريبته، والمحاكم "للقادرين على الدفع" أما المعوزون ف"خلص الضريبة ودعي" ... 
مبلغ التسبيق الذي سنته الحكومة ولو كان درهما واحدا عن كل ملف وفي غياب شرط إبراء ذمة المحامي ضريبيا من كل مراجعة، سيجعل إدارة الضرائب تقاسم المحامي بيته وأبناءه واستقلاله وتحركاته ومرافعاته ونوعية ملفاته، وتحدد له على من ينوب ومن يؤازر، ومتى يسحب النيابة ومتى ينضم للقضية،  وماذا يقول وإلا....!!! 
إقرار المراجعة الضريبية سيكون سيف الدولة المسلط على رقاب المحامين، وليتها ظلت مراجعة ضريبية مهنية عفوية إدارية بريئة، بل نخشاها مشروعا "وهابيا" أو "وهبيا" لتصفية الحسابات والانتقام من أسماء بعينها لانتمائها أو لنشاطها لمحوها من قاموس المهنة وإذلالها وتركيعها لتجثو طالبة الصفح الجميل ومعلنة التوبة النصوح، لاسيما وأن وهبي زعم أن المحاماة مخترقة دون أن يدلي بدليله.
أما مضاعفة قيمة الضريبة على القيمة المضافة فهي ذلك السلاح المدمر الشامل الذي تحتفظ به الحكومة لساعة الشدة، حتى إذا قاوم المحامون الطلقة النارية الأولى واستماتوا، ألقت عليهم الحكومة غازات TVA السامة، ضريبة ظاهرها وطبيعتها هي على عاتق المستهلك، لكن موكل المحامي ليس زبونا جاء ليشتري ويدفع في ساعته، موكل المحامي تطول علاقته به سنينا طويلة تختلط فيه القانون بالإنسانية، و يخطئ كل محاسب في تقدير تلك الضريبة، أو الضربة.
ليس أمام المحامين إلا واحد من خيارين، الموت دفاعا عن المحاماة أو القبول بمحاماة بلا روح وبلا هدف وبلا جدوى، محاماة تحت وطأة إدارة الضرائب بتضريب عشوائي مجحف قريب جدا من خوصصة العدالة، ويتجاوز الأمر بحث حكومة على موارد مالية إلى سعي الحكومة لحفر قبر لمهنة تاريخية أزلية لتدفنها، لكن سيكون وجه الدولة أول من يتلطخ بدمائها وهي تسقط صريعة رصاصة الخذلان.