الاثنين 25 نوفمبر 2024
جالية

سناء القصيري: لهذه الأسباب يختار العديد من مغاربة العالم التصويت والترشح مع أحزاب اليسار بأوربا

سناء القصيري: لهذه الأسباب يختار العديد من مغاربة العالم التصويت والترشح مع أحزاب اليسار بأوربا سناء القصيري
بالرغم من تواجد 5 ملايين مهاجر مغربي بدول المعمور، إلا أن قلة قليلة هي من تتقلد مناصب حزبية بدول المهجر، ما يثير علامات استفهام كثيرة.

وفي هذا الصدد تواصلت "أنفاس بريس" مع سناء القصيري، بصفته مهاجرة مغربية مقيمة بالديار الإيطالية، ورئيسة جمعية "جاسمين" للدفاع عن حقوق المواطن بالاخص المهاجرين وتسهيل الإندماج والتعايش بين الايطاليين والمهاجرين عن طريق التعريف والتعرف على الثقافات، للوقوف عند ترشيحها في الانتخابات الإيطالية مع حزب اليسار. 
 
خضت مؤخرا تجربة الانتخابات بايطاليا واخترت الترشح مع حزب يساري بمدينة ميلانو. ما الذي أملى هذا الاختيار؟ 

بالرغم من أنني لست منخرطة في حزب اليسار، إلا أنني خضت غمار هذه التجربة، فالقانون الإيطالي يخول للجميع حق الترشح، يكفي أن يكون المرشح مثفقا مع أهداف وأفكار الحزب الذي اختاره.
بالنسبة لي فضلت حزب اليسار بسبب طريقة تعاملهم معنا كجالية، فرغم أننا لم نستفد لا من اليمين ولا من اليسار، إلا أن هذا الأخير لا يعارض وجودنا بإيطاليا ويحترمنا في خرجاته الإعلامية على عكس حزب اليمين الذي يشهر عداءه للأجانب ويقلل من قدرهم ولاطلما عبر عن رغبته في طردنا من إيطاليا، كما أن برامج اليسار الانتخابية دائما ما تتضمن نقط تهم الجالية، لجلب المهاجرين المغاربة، فحتى إن لم يلتزموا بها فهم على الأقل "لا يقومون بجرح كرامتنا".
 
لم يحالفك الحظ في الفوز في الإنتخابات، هل تتطلعين لتكرار التجربة وتستمري في العمل الحزبي أم ستتوارين الى الوراء؟
 
نعم، سأترشح للمرة الثانية سنة 2025، واشتغل على ذلك من الآن، إلا أنني لن أترشح بمدينة ميلانو، حيث ترشحت أول مرة بل سأخوض تجربة الانتخابات في المرة القادمة بمدينة لينيانو، حيث أقطن، وهي مدينة أصغر تبعد عن ميلانو ب25 كيلومتر.
فقد تعمدت الترشح في مدينة كبيرة كميلانو، التي تضم أكثر من مليوني نسمة، وعدم الترشح بمدينتي، رغم ما أحظى به فيها من شعبية ومكانة وتقدير، لأبرز حضور المغاربة في الحياة السياسية ليس فقط في الحياة الاجتماعية.
 
أردت إيصال صوت الجالية، وأن يكون هناك من يمثلهم في مواقع التشريع بإيطاليا، ليتحدث عن ما يعانون منه من مشاكل خاصة فيما تلك المتعلقة بالضمان الاجتماعي، سواء كنت أنا أو غيري، بل أكثر من ذلك ليس من الضروري أن يكون مغربي، الأهم أن يكون من بلد أجنبي.
كما أن لا بد من الإضاءة على واقع مر، لعله ساهم في عدم وصول المغاربة إلى مراكز القرار هنا، والذي يتمثل في غياب ثقافة التصويت، إذ قلائل هم من يدلون بأصواتهم سواء في المغرب أو بايطاليا.
 
نحن أقلية تناضل للتوفير أمور تصب في صالح أبناء وطننا، فأنا كامرأة مغربية مسلمة لا أرتدي الحجاب، بدلت قصارى جهدي رغم ما تعرضت له من انتقاد لأضمن لي ولهم مكانا للدفن، إذ طلبت من الجهات المسؤولة بايطاليا منحنا مربعا إسلامي في مقبرتهم لأن تخصيص مقبرة للمسلمين مكلف، إذ يشترط شراء أرض، لذلك اكتفينا بطلب مساحة لدفن المسلمين ليسهل على أبنائهم المقيمين ببلد المهجر زيارتهم والترحم عليهم.
 
هناك قرابة 800 ألف مغربي بالديار الإيطالية، إلا أن نسبة قليلة جدا هي التي تنخرط في العمل السياسي وتتقلد مناصب حزبية هامة، ما سبب غياب  مغاربة إيطاليا عن المشهد السياسي؟ 
 
إيطاليا بلد عابر لأنه يمنح أوراق الإقامة بسهولة، بالمقارنة مع باقي الدول الأوربية، فالجالية تغادره بعد مدة نحو ألمانيا أو فرنسا...
وفئة أخرى تنتمي للجيل 2 من المهاجرين تنشغل بدراسة شعب مطلوبة في سوق الشغل كالطب والمحاماة والأمن... وبالتالي لا يعيرون الحياة السياسية أي أهمية، ويسعون فقط لتحقيق أهدافهم ولا يهتمون بقضايا المهاجرين أمثالهم.
 
بينما نجد بعض الفتيات هنا، دون أن نعمم طبعا، تسيطر فكرة الزواج وبناء أسرة على تفكيرهن.
كما أن الانخراط في الحياة السياسية يشترط الاستمرارية والنفس الطويل، بالإضافة إلى أن يتمتع الشخص بالتجربة في العمل الجمعوي أو دراسة العلوم السياسية، فضلا عن التحلي بالوطنية والمسؤولية، وأن يكون الفرد مستعد للتضحية بجهده ووقته للدفاع عن حقوق الجالية.
 
من المفارقات المسجلة بأوربا أن العديد من مغاربة العالم يصوتون على اليسار ويترشحون معه، علما أن هذا الأخير عندما  يصل للحكومات يخلق مشاكل للمغرب ويشوش عليه في ملف الصحراء عكس اليمين الأوربي. كيف تفسرين هذه المفارقة؟
 
طرح علي هذا السؤال بعد ترشحي مع اليسار، نعم أعلم أنهم لا يعترفون بسيادة المغرب على صحرائه، لكن كيف لنا أن نقنعهم بمغربية الصحراء دون أن تكون لنا مكانة بينهم، فبانضمامنا لهم وفرض أنفسنا وصوتنا في أحزاب اليسار، سنغير رأيهم ويمكن أن نقنعم بموقفنا وبمغربية الصحراء، أما حزب اليمين فمن الأساس لا يقف في موقع المعارض فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية.
 
ما العقبات التي اعترضت طريقك كمواطنة مغربية مغتربة بإيطاليا، وهل مشاكل المرأة المهاجرة هي نفسها مشاكل المغربي المهاجر؟
 
بالطبع لا، النساء المغربيات فرضن أنفسهن بايطاليا أكثر من الرجال المغاربة، فهن أولا يتمتعن بسمعة جيدة، لعدم إثارتهن للمشاكل، ولكونهن صبورات ويتأقلمن بسرعة وودودات، فضلا عن كونهن دائما ما تحرصن على تمثيل بلادهن بأحسن صورة، نظرا لوطنيتهن العالية، هذا لا يعني أن هذه الصفات تغيب في الرجال المغاربة، لكن تتمتع بها نساء المغرب بدرجة أكبر، بمعنى أنهن يعتبرن عنصرا إيجابيا في المجتمع الإيطالي والأوروبي.
 
من الاتهامات المروجة ضد الحكومة المغربية أنها تهتم بمغاربة العالم بفرنسا وهولندا وبلجيكا أكثر من اهتمامها بمغاربة إيطاليا وإسبانيا، ويستدلون على ذلك بكون المغرب لم يبرم اتفاقيات مع الطاليان والإسبان لتحصين حقوق المغاربة.هل هذا صحيح؟
 
من ناحية الاتفاقيات الموقعة بين البلدين نعم، وهذا يعود بنا إلى غياب من يمثل صوت مغاربة ايطاليا ويتولى مهمة إيصال صوتهم ومشاكلهم للمسؤولين، كما يمكن أن نفسره كذلك بكون الهجرة إلى إيطاليا حديثة بالمقارنة مع فرنسا وباقي الدول الأوربية.
وهناك نقطة أخرى توضح هذا الأمر، والتي تتعلق بعدم مطالبة أعداد مهمة منهم بالجنسية الإيطالية، سواء لهم أو لأبنائهم، وبخصوص هؤلاء يحرم كثيرون منهم من حقهم في الجنسية حتى إن ولدوا بإيطاليا لأنهم لم يقضوا 18 متتالية من عمرهم بإيطاليا وهو الشرط  الذي تضعه الحكومة الإيطالية للحصول على الجنسية إضافة إلى أن يتم إدراءات الحصول عليها في غضون سنة، ويعود ذلك إما إلى سفر والديهم بسبب ظروف عائلية وغيرها، أو لعدم توصلهم بالطلب الذي يخول لهم المطالبة بالجنسية أو لأنهم سافر للدراسة بالخارج وغيرها من الأمور التي تعيق منحهم الجنسية الإيطالية.