الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

محمد بنطلحة الدكالي: المغرب والفرص الواعدة ورهانات التنمية مع عمقه الإفريقي

محمد بنطلحة الدكالي: المغرب والفرص الواعدة ورهانات التنمية مع عمقه الإفريقي محمد بنطلحة الدكالي
شكل الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء حدثا بالغ الأهمية لأنه تطرق إلى الدينامية الإقتصادية والإجتماعية التي تعرفها الأقاليم الصحراوية المغربية، مؤكدا جلالته أن الدولة سطرت برنامجا تنمويا مندمجا بالصحراء المغربية بقيمة مالية تفوق 77 مليار درهم من أجل خلق فرص الشغل والإستثمار وتمكين المنطقة من البنيات التحتية والمرافق الضرورية من أجل أن تصبح أرضا للفرص الواعدة، مما يمكن المنطقة  من أن تتحول إلى جسر حقيقي للتبادل بين أفريقيا وأوروبا وصلة وصل بين المغرب وعمقه الافريقي، وهذا ما يجسد الطموح المغربي من أجل تطوير إقتصاد المناطق الجنوبية للمملكة عن طريق دعم المشاريع الكبرى التي تنفذ بها ،من بينها مثلا مدينة المهن والكفاءات بمدينة العيون والمركز الاستشفائي الجامعي بالعيون و مشروع الطريق السريع الرابط بين تزنيت والداخلة و الميناء الجديد للداخلة والذي سيكون له تأثير حاسم من خلال هيكلة التراب الجهوي بطريقة مستدامة ومتوازنة مع العلم، أن البنية التحتية لهذا الميناء الجديد ستعمل على تعزيز العرض اللوجسيتي وتقديمه كأحد العروض الأكثر تنافسية على الصعيدين الإقليمي والدولي من خلال الإستجابة لاحتياجات حركة الملاحة المستقبلية والمتعلقة بالأنشطة المربحة للقطاعات الإنتاجية.

إنه ومن خلال ميناء الداخلة الأطلسي تهدف بلادنا إلى إنشاء أكبر ميناء لوجيستي في منطقة غرب افريقيا، وقد أكد الملك محمد السادس في خطابه على ضرورة أن تشكل الصحراء صلة وصل بين المغرب وعمقه الافريقي، ترسيخا لدور المغرب التاريخي ونظرا لطبيعة العلاقة ما بين المغرب والدول الإفريقية خاصة دول غرب افريقيا. وفي هذا الإطار تحدث الملك عن خط الغاز نيجريا المغرب والذي يعتبر أكبر برنامج استثماري على مستوى القارة. إنه ليس مشروعا ثنائيا فحسب، بل هو مشروع استراتيجي لدول غرب افريقيا كلها سواء من حيث آثاره الإقتصادية المتعددة المستويات بالنسبة لكل البلدان التي سيمر عبرها هذا الأنبوب.

إنه مشروع يأتي تدعيما لشراكة جنوب جنوب ضمن تطور منسجم مع برنامج تمديد أنابيب الغاز لدول جنوب إفريقيا .وهو من أكبر المشاريع التي يراهن عليها المغرب ودول غرب إفريقيا، إذ سينطلق بطول 5560 كيلومتر من نيجريا ثم باقي دول غرب إفريقيا ليمتد إلى المغرب ثم إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط ، ويتوقع أن ينقل نحو 30 بليون متر مكعب من الغاز سنويا، وسيوفر عائدات مالية مهمة للدول المصدرة وسيؤمن وصول الغاز إلى الدول الأوروبية لاسيما أن تأمين إمدادات النفط والغاز ذو أهمية استراتيجية قصوى على مستوى العالم ، ويحتاج الى تكاثف الجهود وتنسيق دولي للحفاظ على انسيابية وتدفق هذه الإمدادات.

إن الهندسة السياسية لتوجه المغرب نحو إفريقيا تعرف تحولات كبيرة أشار إليها الخطاب الملكي، وهي تعطي إشارات سياسية قوية بأن المغرب يراهن على دوره الاستراتيجي في مد جسور التواصل مع بقية الدول الإفريقية في إطار خطة رابح رابح ،من خلال المشاريع التنموية الكبرى .ونجد أن بلادنا تقدم للسوق الإفريقية الواعدة تجربتها ومعرفتها ونموذجها الإقتصادي الذي يتكيف جيدا مع السياق الأفريقي. 

وهكذا فالرؤية المغربية للعلاقة مع إفريقيا تقوم على تعزيز البعد التضامني وعلى  كون إفريقيا يمكن أن تصنع نفسها بنفسها؛ وبذلك أصبح المغرب ثاني أكبر مستثمر في إفريقيا والشريك الاقتصادي الأول في غربها وذلك بفضل استقراره السياسي والأمني والاقتصادي مقارنة مع جيرانه من دول شمال افريقيا. إن الخطاب الملكي رؤية استشرافية متفائلة لمستقبل المغرب مع عمقه الإفريقي في إطار علاقة واقعية تهدف إلى تحسين رفاه الإنسان الإفريقي وتعزيز العدالة الإجتماعية وتطوير السياسات والإستثمار والابتكار من أجل غد إفريقي أفضل