الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

المحامي المموحي: هل يتسبب وزير العدل في أزمة حكومية؟

المحامي المموحي: هل يتسبب وزير العدل في أزمة حكومية؟ المحامي المموحي
يعيش قطاع العدل على إيقاع أزمة غير مسبوقة بسبب  التدبير الارتجالي والأحادي الذي يعتمده وزير العدل عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب البام، والمكون الثاني في الأغلبية الحكومية في التعاطي مع شؤون مهنة المحاماة، محاولا تهميش مؤسساتها الشرعية في كل ما له صلة بتنظيم الولوج إليها، وما تعلق بمشروع تعديل القانون الذي ينظمها، أو بالرفع من نسبة الضريبة على القيمة المضافة، وفرض مساطر استخلاص ضريبة على دخل  احتمالي لا يوجد له نظير في كل الأنظمة الضريبية العادلة.
وقد أصبح في حكم المؤكد أن الأسبوع المقبل سيشهد  منعطفا خطيرا في فصول هذه الأزمة، التي من شأن استمرارها أن تتسبب في توقف كامل لعمل مختلف محاكم المملكة وتعطيل مرفق قطاع العدل، وهو ما يتسبب  في مشاكل لا حصر لها على قضايا المواطنين وعلى صورة البلاد لدى الرأي العام الدولي وعلى درجة استقرار  مناخ الاستثمار.
وجدير بالتذكير أن المحامين المغاربة كانوا قد نظموا وقفة احتجاجية امام مقر وزارة العدل، طالبوا خلالها باستقالة وزير العدل من مهامه لفشله الذريع في تدبير شؤون وزارة العدل لما تمثله من وزن ورمزية، خاصة في النظام السياسي للمملكة وعلاقتها  بشؤون المواطنين وحقهم الدستوري في الولوج إلى العدالة وحقهم في المحاكمة العادلة.
ورغم المحاولات الحثيثة التي قامت بها بعض الأوساط  الحكومية والسياسية لتطويق الازمة وتجنب المزيد من التصعيد والاحتقان، فإن تصلب وزير العدل، ورفضه التراجع عن منهجية تدبيره لشؤون القطاع، وتمسكه بالمقتضيات الضريبية التي أدرجها في مشروع قانون المالية، كانت  نقطة التحول في مسلسل التصعيد ضد المحامين المغاربة.
كما تتجه الأنظار إلى عنصر في غاية الأهمية، وهو عجز مكتب الجمعية وفريقها المفاوض مع الفريق الحكومي، عن تحقيق المطالب المشروعة لعموم المحامين المغاربة في قانون ضريبي عادل، يراعي خصوصية المهنة باعتبارها رسالة للدفاع عن القانون والمؤسسات وليست خدمة تجارية للأرباح والإستثمار،  وبروز بوادر فرز جديدة،  تتجاوز المؤسسات المهنية المنتخبة، لعدم قدرتها على الدفاع عن المصالح العليا للمهنة، وطرح البدائل القانونية التي تحافظ على الحدود الدنيا من المكتسبات  القائمة.
تنفجر هذه الأزمة، والمغرب  يعيش على إيقاع تدبير  سياسي لحكومة ليبرالية يمينية محافظة "فشلت" فشلا ذريعا في ترجمة وعودها الانتخابية وشعارات أحزابها،  إلى سياسات عمومية تحقق  مطالب غالبية الفئات الشعبية والوسطى في الكرامة والعدالة الاجتماعية والتنمية، وعلى إيقاع التعبئة الجارية بقوة من مختلف الفعاليات المهنية للاعتصام والإضراب العام والنزول إلى الشارع والمواجهة المفتوحة وإلى تنظيم وقفات للاحتجاج أمام مقر البرلمان،  الذي يتداول في المقترحات الضريبية التي اقترحها وزير العدل ويرفضها المحامون المغاربة، ويعتبرونها ماسة بحقوقهم ومثقلة لكاهل المواطنين في ظل الأزمة المالية والاقتصادية التي يعيشونها والتي عجزت هذه الحكومة عن معالجتها  بسياسة وطنية مسؤولة وبقانون مالي يراعي هذه الظرفية المأزومة على حساب  الامتيازات التي أغدقتها على الشركات الكبرى، وعلى أرباح شركات المحروقات وما في حكمها وهي السياسة التي أصبحت توجها ثابتا لهذه الحكومة.
فهل تتمثل الحكومة ورئيسها  عزيز أخنوش مصالح البلاد العليا في هذه المرحلة الدقيقة، وتعمل على سحب أسباب  الاحتقان التي زرعها وزير العدل وضمها إلى مشروع قانون المالية الجاري مناقشته بالبرلمان؟ أم يبقى متمسكا  بحليفه في الأغلبية رغم الأزمة الكبيرة التي تسبب فيها. واستعلائه وغطرسته السياسية التي لا تليق برجل دولة  مسؤول على وزارة من حجم وزارة العدل.
للمغرب ما يكفي من الاكراهات  والمشاكل، فهل ينجح رئيس الحكومة فيما فشل فيه وزراؤه في العدل والمالية والميزانية؟ ويجنب البلاد  مزيدا من الاحتقان ويجنب البلاد أزمة سياسية أصبحت  قائمة بقوة في الواقع؟
وإن غدا لناظره قريب..
محمد المموحي، محام بهيئة تطوان