الخميس 28 مارس 2024
سياسة

الصحراء..محمد بودن يقرأ دلالات تمديد بعثة "المينورسو" من طرف مجلس الأمن

الصحراء..محمد بودن يقرأ دلالات تمديد بعثة "المينورسو" من طرف مجلس الأمن محمد بودن

أشاد المغرب بتبني مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، للقرار رقم 2654 المتعلق بقضية الصحراء المغربية، والذي تم بموجبه تمديد ولاية بعثة "المينورسو" لمدة عام، وذلك إلى غاية متم أكتوبر 2023.

وفي هذا الإطار، أكد محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، على أن محددات الموقف السيادي، ومكاسب المملكة المغربية في ملف الصحراء المغربية دبلوماسيا، وتنمويا فرضت تحولات هامة في مواقف عدد من القوى الدولية، والإقليمية بمجلس الأمن بفضل القيادة الحكيمة، وتوجيهات الملك محمد السادس.

وأبرز بودن في تصريح لجريدة "أنفاس بريس" أن دعم 90 بلد في العالم لمبادرة الحكم الذاتي، وعدم اعتراف حوالي 84 في المائة من بلدان العالم بالكيان الانفصالي، وفتح 30 قنصلية عامة بالصحراء المغربية، يظهر من جهة، الاتجاه الدولي الواسع لدعم المغرب، ووحدته الترابية، ومن جهة أخرى، يعبر عن الأهمية التي توليها دول وازنة للعلاقات مع المملكة المغربية.

المحلل السياسي أكد أيضا على أن أهمية القرار الأممي 2654 الذي تم اعتماده في جلسة مجلس الأمن رقم 9168 تكمن فيما جاء به من مستجدات، وما أكد عليه من حقائق كامتداد للقرارات الاممية السابقة، مشددا على أن رؤية المجموعة الدولية من منطلق القرار الأممي 2654 تتضمن أربع عناصر أساسية، ويتعلق الأمر بـ:

أولا: القرار الأممي 2654 يعبر عن ارادة أممية قوية لدعم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة "ستيفان ديميستورا"، ويركز على صيغة المائدة المستديرة باعتبارها الآلية الوحيدة للتوصل إلى حل نهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، وبالتالي فمجلس الأمن الذي يمثل الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة يعبر عن عدم قبوله لتجاهل الجزائر لصيغة المائدة المستديرة بعد المشاركة في اجتماعي جنيف 2018 و 2019 بحيث لا يمكن محو الجهود التي قام بها المبعوث الأممي السابق "هورست كوهلر" التي عمل عليها بشق الأنفس.

ثانيا: القرار الأممي الجديد يكرس سمو، وتفوق المبادرة المغربية للحكم الذاتي المقدمة سنة 2007 بحيث تحضى هذه المبادرة الخلاقة، والبناءة بدعم كبير للسنة الـ 15 على التوالي بمجلس الأمن، وقد عبرت الولايات المتحدة الأمريكية، والإمارات العربية المتحدة، والغابون عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي في تفسيرها للتصويت بـ"نعم" على القرار الأممي 2654.

ومن خلال تأكيد مجلس الأمن في توصيته الثانية على أن الحل يجب أن يكون واقعيا، وعمليا، ومستداما، وقائما على التوافق، فإنه يزكي مبادرة الحكم الذاتي التي تنسجم هذه المعايير الأممية بشكل تام مع روحها، وأساسها المنطقي.

ومن الملاحظ أن عجلات القرار الأممي 2654 تسحق مجددا الأطروحة المتجاوزة للجزائر، وجبهة البوليساريو بحيث أنه للسنة الـ 21 على التوالي، لم تتضمن القرارات الأممية أية إشارة لتقرير المصير على أساس الاستفتاء.

ثالثا: القرار الأممي 2654 يركز على الجزائر كطرف رئيسي في النزاع الاقليمي حول الصحراء المغربية، ويطالبها بالواقعية في إشارة إلى سلوكها الأحادي المعاكس لإرادة قرارات مجلس الأمن، ومحاولتها إخراج العملية السياسية عن مسارها.

ومن الواضح أن المجموعة الدولية تعارض بشدة مرة أخرى استمرار الجزائر في عدم السماح بتسجيل ساكنة مخيمات تندوف، وفقا لاتفاقية اللاجئين لسنة 1953.

وبالتالي فالجزائر عليها أن تتصرف بمنطق يستحضر أنه لا يمكن العمل مع المجتمع الدولي على أساس أنه لا يوجد احتمال للتوافق مع المغرب على أساس مبادرة الحكم الذاتي، وفي ظل الاحترام الكامل للوحدة الترابية المغربية.

رابعا: مجلس الأمن في مستجد بارز، يوجه رسالة حازمة للبوليساريو التي تقوم بعرقلة قدرة، ونطاق عمل بعثة المينورسو، ويتضمن القرار مساءلة واضحة بخصوص القيود التي تفرضها البوليساريو على الأنشطة الجوية، والبرية للبعثة الأممية، وقدرتها على رصد الأوضاع، والانتهاكات المتكررة لوقف إطلاق النار شرق منظومة الدفاع المغربية.

وفي تعليق له على قراءة لرد فعل الجبهة الانفصالية بخصوص القرار الجديد لمجلس الأمن، أفاد رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، أنه يتبين أن الكيان الوهمي لازال يقرأ قرارات مجلس الأمن الدولي بالأبيض، والأسود، بينما انتقل المجتمع الدولي إلى مرحلة متقدمة تركز على السلم، والأمن في بعده الإقليمي على مستوى الأطلسي، والساحل والصحراء.

وأشار المتحدث ذاته أن قرار مجلس الأمن 2654 يمثل مساهمة جوهرية، وهادفة لتحريك المسار السياسي، وفرصة جديدة يتحتم على الجزائر، والبوليساريو اغتنامها بواقعية من أجل مستقبل المنطقة، كما أن القرار يمثل نافذة تسلط الضوء على المسؤولية الحقيقية للجزائر، والتناقض الحاصل بين أقوالها، وتصرفاتها، وعرقلة البوليساريو لعملية الإمداد الآمن، والمنتظم لبعثة المينورسو.

وبخصوص تفسير التصويت، أبرز المحلل السياسي أن دعم القرار الأممي الذي صاغته الولايات المتحدة الأمريكية بأغلبية 13، مقابل امتناع روسيا، وكينيا يمثل من جهة تعبيرا عن نجاح الدبلوماسية المغربية في شرح مواقفها للمجتمع الدولي، ومن جهة أخرى يمثل تعبيرا عن عالم اليوم.

وأضاف أن امتناع روسيا التي تملك حق النقض عن التصويت لصالح القرار الأممي لا يعبر بالضرورة عن معاكسة للمصالح المغربية، لكنه يوازن المصالح الروسية، ويعبر عن طبيعة العلاقات الدولية اليوم، بحيث أن روسيا تذهب في الاتجاه المعاكس للغرب في أغلب القرارات الأممية.

أما بخصوص موقف الولايات المتحدة الأمريكية، والإمارات العربية المتحدة، والغابون، أوضح محمد بودن أنها تعبر عن الطابع المستدام، والثابت للعلاقات التي تجمعها بالمملكة المغربية.

رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، أكد أيضا في حديثه عن الموقف الفرنسي الذي صوت لصالح القرار، على أنه يمثل استمرارية للموقف الفرنسي الإيجابي تجاه مبادرة الحكم الذاتي، ولا يلبي انتظارات الجزائر، مستدركا أنه ينبغي الانتباه إلى أن فرنسا لم تتناول الكلمة هذه المرة بمجلس الأمن لتفسير موقفها كالمعتاد.

وقال في هذا الصدد: "في تقديري فإنها حاولت عدم تقييد نفسها وهي تفكر في تكلفة موقفها في سياق يشهد ايقاعا مختلفا للعلاقات الفرنسية مع كل من المغرب والجزائر".

وبالنسبة لكينيا يرى محمد بودن أن موقفها متأثر ببيئة تنافس كبيرة بالقارة الإفريقية، بحيث أصبحت ملعبا جديدا للمصالح في القارة الإفريقية، ولهذا دخل موقفها مرحلة الشك بفعل الارتباك الواضح في التعبير عنه، مشددا أن هذا الموقف قابل للمراجعة بعد نهاية ولاية كينيا في مجلس الأمن، وترسيخ الرئيس الجديد "ويليام روتو" الذي يؤيد الموقف المغربي لقناعاته بعيدا عن تأثيرات إدارة اوهورو كينياتا التي لا زالت تنسق مع الجزائر وجنوب افريقيا.