ما أن حسم المجلس الدستوري في الأسماء التي ستخوض غمار استحقاق رئاسيات الجزائر حتى بدأ الحديث عن السيناريوهات المحتملة التي ستكون عليها استحقاقات الرئاسيات، في ظل حمى الاحتجاحات في الجزائر على ما أصبح يعرف في الإعلام الجزائري بـ «الهردة الرابعة» (عوض العهدة الرابعة) للرئيس الجزائري الحالي الذي رغم حالة الشلل السياسي التي بات يتسم بها جراء أوضاعه الصحة التي ألزمته حجز سرير شبه دائم في المستشفى الفرنسي «فالدوغال»، إلا أنه أصر على الظهور في الاستحقاقات الرئاسية كمترشح لعهدة رابعة، رغم غيابه عن الشعب الجزائري لما يزيد عن 400 يوم دون أن يطل عليهم بخطاب.
عبد المجيد بنطاهر
تتجه أغلب التكهنات إلى أن عبد العزيز بوتفليقة الذي يواجه حملة مضادة في الشارع الجزائري منذ شهور أصبح ورقة لا يمكنها أن توقف الاحتقان الشعبي في الجزائر في حال فوزه، لكن بالموازاة مع ذلك، يؤمن صناع القرار في الجزائر بأن التوجه البوتفليقي حي يرزق ويدب في شرايين النظام الجزائري، لهذا نفهم كيف أن علي بنفليس الذي كان قد أعلن قبل أربعة أشهر أنه لن يترشح للرئاسيات في حال ترشح لها غريمه عبد العزيز بوتفليقة، لقناعته بأن الانتخابات الرئاسية ستكون مخدومة من طرف أجهزة النظام، كما حصل في رئاسيات 2004 و2009، يتراجع اليوم عن موقفه لينافس غريمة، وهو ما فتح المجال على مصراعيه للحديث عن صفقة بين علي بنفليس -الابن الشرعي لجبهة التحرير الوطني- وبين الرئاسة والعسكر، كي يدخل استحقاق أبريل القادم ويمنح نسبة الأصوات التي تقدمه كالمرشح الأكثر تحقيقا للإجماع الشعبي بما يعطي مصداقية للاقتراع، ويعطي الانطباع أن إرادة التغيير هي من انتصرت.
ولم يكن إعلان شخصيات جزائرية، ممن خبرت العمل السياسي ومازالت قريبة من مصادر القرار في الجزائر، عن دعمها لعلي بنفليس مثل مولود حمروش ومقداد سيفي وأحمد غزالي، وهم رؤساء حكومة سابقون، فضلا عن الرئيس الأسبق اليامين زروال، إلا بمثابة تزكية لحالة التوافق بين بنفليس وهيأة الرئاسة والجنيرالات. فقد اعتبر مراقبون أن دعم هذه الأسماء الوازنة تم بإيعاز من دوائر نافذة في السلطة السياسية والعسكرية لإقناع بنفليس بالترشح.
وفيما ذهبت جل التحليلات والتكهنات نحو هذا المنحى، تعتبر الأسماء الخمسة مجرد أرانب سباق لا يمكنها إلا أن تقوم بدورها في تصدير الوجه الديمقراطي للانتخابات الرئاسية في الجزائر أمام المنتظم الدولي ليس إلا، خصوصا وأن الرئاسيات في الجزائر غالبا ما يتم الحسم فيها في ثكنات الجنيرالات الذين يقبضون بيد من حديد على الحياة في قصر المرادية.
وللتذكير «سيتنافس» علي هذه الرئاسيات ستة مرشحين على كرسي قصر المرادية، يوم 17 أبريل 2014، وهم على التوالي: عبد العزيز بلعيد رئيس جبهة المستقبل، وعلي بنفليس وزير العدل في حكومة المرحوم قاصدي مرباح، وعبد العزيز بوتفليقة رئيس الجزائر منذ 15 أبريل 1999 إلى اليوم، وموسى تواتي رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، وعلي فوزي رباعين رئيس حزب «عهد 54»، بالإضافة إلى لويز حنون الأمينة العامة لحزب العمال.
علي فوزي رباعين...
ثالث ترشح
علي فوزي رباعين رئيس حزب «عهد 54» ومرشحه لرئاسيات 2014 يخوض رئاسيات 2014 للمرة الثالثة على التوالي بعد محاولتي 2004 و2009.
رباعين من مواليد 24 يناير 1955 بالعاصمة، متزوج وأب لطفلين ومهنته الأصلية طبيب عيون. تميزت مسيرة رباعين بالعديد من المحطات، حيث كان عضوا مؤسسا لجمعية أبناء وبنات الشهداء لولاية الجزائر في فبراير 1985 ورئيسها إلى غاية 1990. وكان عضوا مؤسسا لأول رابطة جزائرية لحقوق الإنسان في يونيو 1985. وبتاريخ 27 أبريل 1991 أصبح رباعين عضوا مؤسسا وأمينا عاما لحزب «عهد 54» ليعاد انتخابه في المنصب ذاته شهر مارس 1998، ثم رئيسا للحزب عقب مؤتمره الاستثنائي الذي نظم في أبريل 2002، وهو المنصب الذي استمر في تقلده إلى غاية اليوم.
موسى تواتي...
ثالث ترشح
موسى تواتي الذي يترشح لرئاسيات الجزائر للمرة الثالثة بعد محاولته سنتي 2004 و2009، هو أحد أبناء شهداء الثورة الجزائرية، ولد في 03 أكتوبر1953 ببني سليمان ولاية المدية، متزوج وأب لثلاثة أبناء. وقد تابع المترشح تواتي دراسته الابتدائية، وكذا الدراسة المتوسطة بمراكز أبناء الشهداء، ليواصل عقب ذلك دراسته الثانوية بابن خلدون بالجزائر العاصمة. التحق تواتي بمؤسسة الجيش الوطني الشعبي ليتدرج بعد ذلك في وظائف مختلفة بداية من الجمارك الوطنية ووزارة السكن والشركة الوطنية للأبحاث المنجمية. وعقب ذلك التحق تواتي بمقاعد الدراسة الجامعية تخصص اقتصاد، ثم عمل في سلك الأمن الوطني. تميزت مسيرة تواتي بالعديد من المحطات، حيث كان عضوا مؤسسا لحركة أبناء الشهداء والمنظمة الوطنية لأبناء الشهداء وكذا التنسيقية الوطنية لأبناء الشهداء. وفي شهر يونيو 1999 أسس تواتي الجبهة الوطنية الجزائرية وانتخب آنذاك رئيسا للحزب وبقي يرأسه إلى اليوم.
لويزة حنون
تدخل معترك الرئاسيات للمرة الثالثة
لويزة حنون، الأمينة العامة لحزب العمال التي انتخبت نائبا بالمجلس الشعبي الوطني أربع مرات وإحدى مؤسسات ورئيسة الجمعية من أجل المساواة أمام القانون بين النساء والرجال التي أنشئت سنة 1989، إحدى المترشحات لرئاسيات 17 أبريل القادم بعد أن تمكنت من استيفاء الشروط القانونية للمرة الثالثة على التوالي بعد 2004 و2009. هي من مواليد 1954 ومنحدرة من عائلة فلاحين من بلدية الشقفة بولاية جيجل. بدأت حنون مشوارها المهني في التعليم فور حصولها على شهادة البكالوريا قبل أن تلتحق بقطاع النقل الجوي (مطار) لتمويل دراستها الجامعية. وقد تم طردها من العمل لنضالها من أجل الحرية النقابية واستقلالية الإتحاد العام للعمال الجزائريين ليعاد إدماجها وتحويلها إلى الجزائر العاصمة سنة 1980 بعد شهور. وبالجزائر العاصمة التحقت المترشحة بالمنظمة الاشتراكية للعمال في السرية، ليتم توقيفها سنة 1983، ثم مرة أخرى سنة 1988. وفي 1989 وبعد الاعتراف بالتعددية الحزبية انتخبتها قيادة المنظمة الاشتراكية للعمال ناطقة رسمية، وهي المهمة التي أقرها المؤتمر التأسيسي لحزب العمال في ماي 1990. وقد شغلت هذا المنصب إلى غاية انعقاد المؤتمر الخامس في أكتوبر 2003 لتنتخب بعده أمينة عامة لحزب العمال. وقد قدمت حنون ترشحها الأول لرئاسيات 1999، حيث رفض ملفها من قبل المجلس الدستوري لتعيد الكرة من جديد سنتي 2004 و2009. وعلى الصعيد الدولي أصبحت حنون عضوا مؤسسا للوفاق الدولي للعمال والشعوب في يناير 1991.
علي بنفليس
يترشح لرئاسة الجمهورية للمرة الثانية
علي بنفليس من مواليد 8 شتنبر 1944 بباتنة، وهو متزوج وأب لأربعة أبناء. بدأ مساره المهني كقاض، كما تولى مهام وكيل الجمهورية بباتنة ونائبا عاما لدى مجلس قضاء قسنطينة، فضلا عن مسؤوليات أخرى مارسها على مستوى وزارة العدل. وفي عام 1974 غادر بنفليس سلك القضاء للالتحاق بسلك المحاماة سنة 1983 لينتخب نقيبا للمحامين لمنطقة الشرق الجزائري ثم نقيبا للمحامين لمنطقة باتنة في سنة 1987. عين علي بنفليس وزيرا للعدل في حكومة المرحوم قاصدي مرباح، وهي المهمة التي استمر في توليها في حكومتين متتاليتين. وفي يوليوز 1991 استقال من الحكومة تعبيرا عن اعتراضه على إجراءات الاعتقال الإداري. في عام 1997 انتخب بنفليس نائبا بالبرلمان عن حزب جبهة التحرير الوطني، وعين عضوا في لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الشعبي الوطني. وفي سنة 1999 استدعي لإدارة الحملة الانتخابية للمترشح آنذاك الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حيث تم تعيينه بعدها أمينا عاما، ثم مديرا لديوان رئاسة الجمهورية ورئيسا للحكومة في غشت 2000. وعقب انتخابه في شهر شتنبر 2001 أمينا عاما لحزب جبهة التحرير الوطني عينه الأعضاء مرشحا للانتخابات الرئاسية لعام 2004.
عبد العزيز بلعيد
يخوض أول تجربة نحو قصر المرادية
عبد العزيز بلعيد رئيس جبهة المستقبل، ولد في 16 يونيو 1963 بقرية مروانة ولاية باتنة، وهو متزوج وأب لخمسة أطفال وحاصل على دكتوراه في الطب وشهادة ليسانس في الحقوق وشهادة الكفاءة المهنية في المحاماة. بدأ بلعيد مساره السياسي في سن مبكرة، حيث التحق بصفوف الكشافة الإسلامية وهو في سن السابعة من العمر ليصبح بعد ذلك إطارا وطنيا ودوليا في صفوفها، ما سيؤهله للانخراط في صفوف جبهة التحرير الوطني وعمره 23 عاما، حيث انتخب عضوا في لجنتها المركزية. في الفترة ما بين في الفترة ما بين 1986 و2007، ترأس الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين، و بعدها رئيسا للاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية. وانتخب كذلك عضوا في المجلس الوطني الشعبي لعهدتين 1997-2002 ومن 2002 إلى 2007. في سنة 2011 قدم استقالته من صفوف جبهة التحرير الوطني ليؤسس رفقة مجموعة من الإطارات الوطنية والشباب والطلبة والمهنيين في فبراير 2012 حزب «جبهة المستقبل». وبعد مرور سنة على هذا التأسيس تحصل الحزب على مقعدين في المجلس الشعبي الوطني و890 مقعدا في انتخابات المجالس البلدية والولاية يترأس الحزب 45 منها وله مقعد في مجلس الأمة.
عبد العزيز بوتفليقة..
«العهدة» الرابعة أم «الهردة» الرابعة!
ولد عبد العزيز بوتفليقة في 2 مارس 1937، والتحق في نهاية دراسته الثانوية بصفوف جيش التحرير الوطني وهو في التاسعة عشرة من عمره في 1956. في سنة 1960 أوفد الرائد عبد العزيز بوتفليقة إلى الحدود الجنوبية للبلاد لقيادة «جبهة المالي» التي جاء إنشاؤها لإحباط مساعي النظام الاستعماري الذي كان هدفه تقسيم البلاد، ومن ثمة أصبح يعرف باسم «عبد القادر المالي». وخلال سنة 1963 تقلد العضوية في المجلس التشريعي قبل أن يعين وزيرا للخارجية في نفس السنة وهو في 25 من عمره. وبعد سنوات من العيش في المنفى عاد بوتفليقة من جديد إلى الجزائر سنة 1987 ليكون أحد الأعضاء الموقعين على «وثيقة الـ18» التي أعقبت أحداث 5 أكتوبر 1988. وانتخب في 15 أبريل 1999 رئيسا للجمهورية. وفي 22 فبراير 2004 أعلن عبد العزيز بوتفليقة عن ترشحه لعهدة ثانية، حيث أعيد انتخابه يوم 8 أبريل 2004 بما يقارب 85 % من الأصوات. وفي أواخر سنة 2008 أحدث تعديل دستوري، و خلال عهدته الثالثة أعلن الرئيس بوتفليقة عن إصلاحات سياسية واقتصادية جديدة الهدف منها تعزيز الاستقرار والتطور الاقتصادي الذي شرع فيه منذ عشرية من الزمن، حيث مكنته هذه الاستراتيجية من تفادي الاختلالات التي وقعت في الدول المجاورة.