الجمعة 29 مارس 2024
فن وثقافة

نداء "دَرَّجْ وُتْفَرَّجْ" تقود لَمْقَدَّمْ محمد صوليح إلى بُودْيُومْ التتويج بدار السلام (مع فيديو )

نداء "دَرَّجْ وُتْفَرَّجْ" تقود لَمْقَدَّمْ محمد صوليح إلى بُودْيُومْ التتويج بدار السلام (مع فيديو ) الدكتور صوليح رفقة الأمير الشريف مولاي عبد الله وكتيبة فرسانه

على إيقاع التهليلات والتكبيرات، وعلى ميزان أصوات أمهاتنا الجميلات، أنشدن نساء دكالة بِدَوَّارْ دَارْ بَنْ دَبَّةْ بجماعة بُوحْمَامْ بإقليم سيدي بنور أغنية شعبية تمجد الفرسان البواسل، و تليق بما حققه عَلَّامْ اَلْخَيْلْ لَمْقَدَّمْ الدكتور محمد صوليح رفقة كتيبة فرسانه الذين ردوا الاعتبار لِلتّْبَوْرِيدَةْ اَلدُّكَّالِيَّةْ على الطريقة الناصرية بعد حصول سربتهم على الميدالية الفضية، وانتزاعها من وسط لهيب نار مواسير لمكاحل ونقع سنابك الخيل بمحرك دار السلام خلال إقصائيات جائزة الحسن الثاني برسم سنة 2022.

تقول لازمة و كلمات الأغنية المرتجلة بصوت المرأة الدكالية:

شُوفُو خُويَا صُولِيحْ وَمَا تْـﯕَدُّوشْ عْلِيهْ......يا آهاهه مَا تْـﯕَدُّوشْ عْلِيهْ

وَلْدْ الرِّضَا يَا َمَا تْـﯕَدُّوشْ عْلِيهْ......يا آهاهه مَا تْـﯕَدُّوشْ عْلِيهْ

دْرَاعُو شَمْعَةْ وَمَا تْـﯕَدُّوشْ عْلِيهْ......يا آهاهه مَا تْـﯕَدُّوشْ عْلِيهْ

مُولْ الْعَوْدْ لَزْرَ  وَمَا تْـﯕَدُّوشْ عْلِيهْ......يا آهاهه مَا تْـﯕَدُّوشْ عْلِيهْ

عَلَّامْ اَلْخَيْلْ يَا مَا تْـﯕَدُّوشْ عْلِيهْ......يا آهاهه مَا تْـﯕَدُّوشْ عْلِيهْ

شُوفُو خُويُا الِّلي لْبَسْ يْوَاتِيهْ......يا آهاهه مَا تْـﯕَدُّوشْ عْلِيهْ

سَايْـﯕْ الطُّومُوبِيلْ وَالسّْوَارَتْ فِي يِدِّيهْ......يا آهاهه مَا تْـﯕَدُّوشْ عْلِيهْ

إشارات عن عَلَّامْ اَلْخَيْلْ محمد صوليح.... الطبيب البيطري

واثق الخطو منتصب القامة يمشي. مرفوع الهامة يمشي. على صهوة "الْعَوْدْ لَزْرَﯕْ"، متأبطا ومدججا بسلاح ضمير قلب يتسع لمحبة النّاس، وكبد على الوطن. (عَوْدِي لَزْرَﯕْ بَلْجَامُو. مْهَرَّسْ لَحْجَرْ بـِﯕْدَامُو. لَا مَنْ يْزِيدْ ﯕُدَّامُو فِي كَلْ عَلْفَةْ عَلَّامْ).

أعرف جيدا أن الرجل لا يرتاح له بال، إلا بعد أن يؤدي مهمة الطبيب البيطري التي تلزمه بصفته عَلَّامْ اَلْخَيْلْ، بأن يفحص ويراقب ويشخص حالة خيول فرسان كتيبته، والإطمئنان على سلامة صحتها البدنية والنفسية، علما أنه يؤمن و يشتغل بنظام "الجّْمَاعَةْ" الذي يرتكز على توزيع الأدوار والانخراط الجماعي في تنفيذ المهام التي يكون قد وزّعها قبل الاستعداد لأي تظاهرة اجتماعية سواء محلية أو جهوية أو وطنية.

وأعي جيدا بأن لمقدم محمد صوليح صاحب نَدْهَةْ "دَرَّجْ وُتْفَرَّجْ" لا يتسرع في أخذ القرارات إلا بعد مشاورات وإشراك كل مكونات عَلْفَةْ فُرْسَانْ دَارْ بَنْ دَبَّةْ بجماعة بُوحْمَامْ بإقليم سيدي بنور...ديدنه في ذلك "صْغُورِيتْ الرَّاسْ"، وشيمة التواضع وثقافة الإصغاء لمختلف وجهات النظر التي يعبر عنها كل فرسان القبيلة وأعيان الدَّوَّارْ.

نَدْهَةْ "دَرَّجْ وُتْفَرَّجْ" هي ميزان خاص واستثنائي يقيس به عَلَّامْ سَرْبَةْ دُكَّالَةْ، " تَشْوِيرَةْ " اَلْخَيْلْ، ومدى تحكّم فرسانه في "الْجَمَاتْ"، ويضبط أيضا بميزانها يقظة وحضور بديهة الفارسان جناحا اَلْعَلْفَةْ "الْمَعْزَاتْ" يُمْنَة وُيُسْرَة، حيث تنتصب مواسير لَمْكَاحَلْ في عنان السماء بخط مستقيم يشكل حجر زاويته صفوف الخيل وهي ترسم بسنابكها لوحة تشكيلية ذات أبعاد هندسية غاية في الدقة.

أعرف أن الرجل يعرف جيدا معنى ربط المسؤولية بالمحاسبة، فهو يحدث نفسه دائما في صمت، ويحاور ذاته بمسؤولية من يقبض على الجمر في ساعة الصفر، يمرر الرسائل ويرسخ السلوك المكتسب من جينات وراثية رضعها من ثدي أمه التي تدعي معه صباح مساء وفي هزيع الليل وهي تستعد للتواصل مع الله في محراب صلاة الفجر بعد الوضوء.

"وَلْدْ الرِّضَا"، هو وصف ورد في إنشاد أغنية نساء دكالة للتأكيد على حسن تربيته، وسلوك الرجل الذي ينتصر للتسامح والمحافظة على تماسك "لَمَّةْ الجّْمَاعَةْ" بالقبيلة. كيف لا؟ وهو الذي حكى لي ذات مناسبة أن قيمة السّهر على الصلح بين الناس، وإبعاد شبح التفرقة والخصومات بينهم لا تضاهيها أي لحظة زهو عابرة. لذلك كان القرار حكيما نابعا من وسط حكماء "الجّْمَاعَةْ": (لا تنحر أَسَرْ الدُّوَّارْ أكباش عيد الأضحى إلا بعد تجاوز أبسط الخلافات المفترضة بينهم، والبحث عن أنجع الحلول لتبقى الروابط الاجتماعية والتراثية متماسكة دون ارتباك والحد من كل ما من شأنه أن يعكر صفو نفسيتهم...).

دُوَّارْ بَنْ دَبَّةْ بمنطقة دكالة العامرة، وسط اجتماعي يحافظ على طقوس وعادات وتقاليد ناس دكالة في كل المناسبات الوطنية والدينية، ينتصر أهله على مكارم الأخلاق والطيبوبة، والكل ينخرط في مظاهر الفرجة والفرح (مثلا: طقس سْبَّعْ بُو لَبْطَايْنْ وبُوهَيْرُوسْ). دون الحديث عن محطة الأعراس التي يشارك فيها الجميع ماديا ومعنويا وفنيا وتراثيا.

من أرض دكالة أطلق العلام محمد صوليح نداء نَدْهَةْ "دَرَّجْ وُتْفَرَّجْ" التي يعرف جميع من تتلمذ في كراسات خارطة طريقها مضمون رسائلها وقيمة مدلولها عند الفرسان و "الَعَمَّارَةْ"  وكل مكونات كتيبة سنابك الخيول الثائرة والجامحة لحظة صناعة الفرجة والفرح، لذلك كان ولابد من إدخال السعادة على قلوب الناس، ورسم الابتسامة على وجوههم التي انتظرتها طويلا هناك....فكان الحكم أَبَّا التّْهَامِي سبّاقا لإعلان فرحة جودة قرصة ورقصة "اَلْـﯕَنْبُورْةْ".

هي إشارات فقط، من قاع مسار الرجل الذي عانق الأمير الشريف مولاي عبد الله رئيس الجامعة الملكية للفروسية ورئيس معارض صالون الفرس، قبل الصعود لمنصة التتويج، وابتسامتهما العريضة لم تفارق وجوههما، لأن عوامل القدر والإرادة والإصرار كانت محفزة بعد مشوار طويل من العمل والكفاح من أجل لحظة مفصلية حولت دكالة قبلة لمحبي وعشاق نَدْهَةْ "دَرَّجْ وُتْفَرَّجْ" لمعانقة ممثل إقليم سيدي بنور وجهة الدار البيضاء سطات.