الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

شوقي: الحلف الأطلسي الإفريقي .. ضربة معلم مغربية !

شوقي: الحلف الأطلسي الإفريقي .. ضربة معلم مغربية ! سمير شوقي
الديبلوماسية المغربية لا تضيع الوقت في النقاشات الفارغة و الجدل العقيم، لقد انخرطت بمبادرة مغربية خالصة في تحدي كبير من شأنه أن يغير معطيات جيوسياسية إفريقية كثيرة.
استضافت الرباط قبل أيام،  الإجتماع الوزاري الأول لدول إفريقيا المطلة على ضفة المحيط الأطلسي في مبادرة أطلق عليها: "الحلف الأطلسي الإفريقي"، لوضع أسس رؤية موحدة لهذا الفضاء مع الإضفاء عليه هوية أطلسية، و هي مبادرة مغربية بأبعاد مختلفة. 
 
في مواجهة الشمال
لتتمكن إفريقيا من الإنعتاق من التبعية المفرطة اتجاه دول الشمال، لابد من أن تقف موحدة و في صف واحد اتجاه هذا الشريك المهيمن. و هناك وعي إفريقي غير مسبوق بهذا المعطى. فقبل أسبوع ذهب الرئيس السينغالي ماكي سال، لموسكو بصفته رئيسا للإتحاد الأفريقي، لمناقشة تموين افريقيا بالحبوب، مذكرا أن الحرب في أوكرانيا شأنا أورو-أوروبيا و أنه لا يقبل أن تٌجبر إفريقيا على مقاطعة التجارة مع روسيا. هاته الاخيرة تعهدت بتأمين تصدير الحبوب لإفريقيا بمساعدة تركيا التي تتوفر على مصالح اقتصادية كبرى في إفريقيا هي الأخرى.  هكذا صارت قواعد اللعبة تتحرك و هكذا بدأت أوروبا تفقد قواعدها التقليدية التي كانت لوقت قريب تعتبرها معاقلها الخلفية. ولعل فرنسا هي الأكثر تضررا بهذا الشأن اقتصاديا (التخلي عن الفرنك الفرنسي)، سياسيا (إخراج فرنسا من مالي) و لغوياً (بدء تعامل الغابون بالانجليزية).   
إفريقيا بصفة عامة و دول غربها خاصة بحاجة لقوة تفاوضية تجعلها ندا للند مع شركائها وتنهي مع زمن الإملاءات التي عهدتها القوى الاستعمارية القديمة. 
 
المغرب، حامل المشعل
تعتبر هذه المبادرة متناغمة مع الديبلوماسية المغربية في إفريقيا و التي تعتمد على التعاون جنوب-جنوب بمبدأ رابح-رابح. ولعل التجربة المغربية في القارة خلال العشرين سنة الأخيرة بلورت نموذجاً موفقاً لأممية إفريقية ناجحة. بخصوص مبادرة الحلف الاطلسي الافريقي،  تقرر عقد اجتماع آخر بالرباط للتقدم في هذا المشروع. و هناك توابل لنجاحه منها مشاريع مشتركة في المنطقة كمشروع أنبوب الغاز نيجيريا-للمغرب والذي ستستفيد منه اثنا عشر دولة. كما يمكن لدول الساحل الأطلسي الأخرى (جنوب الكاميرون)  من بلورة مشاريع مشتركة رافعة للقيمة المضافة الجهوية و مٌهيكلة وخاصة في جانب البنى التحتية. 
إن ضفة الأطلسي الإفريقية تضم اليوم حوالي 400 مليون نسمة، و في سنة 2050 حوالي 750 مليون نسمة، وهي سوق كبيرة بإمكانيات غير محدودة. وهذا يعني تحدي كبير بخصوص أولوية الأولويات وهي الأمن الغذائي. وهنا سيلعب المغرب دوراً محورياً عن طريق مجموعة OCP الرائد العالمي في الفوسفاط و الأسمدة. في الساحل الأطلسي الإفريقي نجحت المجموعة في بلورة حلول ثورية في نيجيريا و دول أخرى يمكن تطبيقها في العديد من الدول الإفريقية حتى يمكن أن نقول ادإن افريقيا عامة و غربها خاصة محظوظ بالتوفر على الدرع الغذائي الأول في العالم. 
في الأخير، يمكن لهذه المبادرة أن تكون بالنسبة للمغرب بديلا عن الإنخراط في مجموعة CEDEAO التي تضم مخاطر و صعوبات جمة، سنرجع إليها في ورقة لاحقة.
                                           سمير شوقي المحلل الإقتصادي والجيوسياسي