الجمعة 29 مارس 2024
فن وثقافة

مذكرات امحمد التوزاني: هذه حقيقة ما قاله بوعبيد بعد المحاولة الانقلابية الثانية عام 1972 ( الحلقة 26 )

مذكرات امحمد التوزاني: هذه حقيقة ما قاله بوعبيد بعد المحاولة الانقلابية الثانية عام 1972 ( الحلقة 26 ) المناضل امحمد التوزاني يتوسط وزير الدفاع الليبي الأسبق أبو بكر يونس والزعيم الاتحادي الراحل عبد الرحيم بوعبيد (يسارا)
المناضل امحمد التوزاني..سليل حركة التحرر المغاربية والعربية من مواليد سنة 1938 بتازة، حمل في المنفى 13 اسما حركيا، من بينه خالد (بتسكين اللام) وحسن..صديق الروائي والقاص والصحافي الفلسطيني غسان كنفاني ورفيق درب المناضل الاتحادي المرحوم الفقيه البصري. ناضل بمعية وتحت قيادة الشهيد المهدي بنبركة وعبد الرحمان اليوسفي ومحمد باهي، وغيرهم.
التحق بالاتحاد الوطني للقوات الشعبية في مرحلة التأسيس وتكلف ضمن اللجنة التنظيمية للمؤتمر بالجانب التنظيمي واللوجستيكي إلى جانب المرحوم مصطفى القرشاوي وفاضل الناصري وأحمد الخراص.
التقى أول مرة بالشهيد المهدي بنبركة عام 1962 حين كلف بمهمة استقباله بفاس والذهاب به إلى تأهله ليؤطر تجمعا جماهيريا كان قد هيأ له الفرع الحزبي هناك.
ساهم في تأسيس حركة الاختيار الثوري بعد انتقاله إلى باريس إلى جانب عبد الغني بوستة السرايري وأحمد الطالبي المسعودي رغم كفره بمغامرات قائده ومثله الأعلى محمد الفقيه البصري..
"أنفاس بريس" تنشر مذكرات المناضل امحمد التوزاني، والتي تسلط الضوء على حقبة مهمة من تاريخ المغرب السياسي.
 
الأستاذ امحمد التوزاني أين كان معسكركم بليبيا ؟
معسكرنا كان بالسواني غرب ليبيا و يبعد سبعة عشر كيلومتر عن العاصمة طرابلس و المنطقة كانت عبارة عن غابة كثيفة الأشجار وضمنها بعض أشجار البرتقال. وسط تلك الغابة نصبنا ثلاثة خيام كبرى للإستقرار و أخرى للمطبخ و أدوات التدريب.
 
وكم كان عددكم. و من المسؤول منكم ؟
ابراهيم أوشلح كان هو محاورنا مع الليبيين و كان الشهيد محمود بنونة هو المسؤول عن التكوين السياسي و كنت أنا مسؤولا عن التدريب العسكري و كان يساعدني في مهمة التدريب ضابط صف ليبي. و كانت مدة التدريب هي خمسين يوما، و كان عدد المتدربين في كل فوج مابين 19 و 24، و كان التدريب كما العادة يشمل جانب التكوين السياسي و الفكري الى جانب التدريب العسكري.
 
و ما طبيعة المتدربين ؟
كان المتدربون يتوافدون علينا من بلجيكا و هولندا وفرنسا وسوريا و المغرب العربي وكانت أعمارهم متفاوتة بل متباعدة و بعضهم من الكهول وأغلبهم ليس لهم أي تكوين رغم كونهم مناضلين بالحزب و أغلبيتهم الساحقة تنحدر من منطقة سوس جنوب المغرب. وكل من أنهى تدريبه لا نعلم الى أين يتجه.
 
السي امحمد وما هي الجهة التي كانت تمول معسكركم بالسواني ؟
كان مقام على الأراضي الليبية و كان تمويله من الليبيين. كنا نحن المدربون وكذلك المتدربون متطوعين، بل وكان الشهيد الحسين المانوزي الذي كان يشتغل آنذاك بالخطوط الجوية الليبية وابراهيم أوشلح الذي يشتغل في شركة البترول يتبرعان بجزء من راتبيهما على الحزب. أما المؤونة والذخيرة فكانت من الليبيين وكانت الميزانية بسيطة جدا، إذ كانت المنحة هي ثلاثين قرشا عن كل يوم ( الجنيه/الدينار يساوي 100 قرش ) لكل مناضل و كانت تسلم مؤونة ولم نكن نتلقى نقدا ولا قرش واحد لا من الليبيين و لا من قيادتنا.
 
هل تذكر حوادث ما وقعت لكم و أنت بمعسكر السواني ؟
نعم. ففي أحد الأيام و بينما كان مناضلونا في خرجة تدريبية تسمى ( اختراق الضاحية ) والتي كانت من ضمن حصص التداريب العسكرية حيث يمشي المتدرب لمسافة حوالي 25 كلم وكان المناضلين أثناء ( اختراق الضاحية ) يحملون معهم الماء و امتعتهم و أسلحتهم و قائدهم يحمل معه البوصلة و الخريطة و الإحداثيات، و أثناء رحلتهم تلك التي كانت ليلا ألقي عليهم القبض من طرف الدرك و نقلوهم إلى ثكنة لعزيزية و أتى عندي نفس الدركيين الى المعسكر طالبين حضوري الى لعزيزية لكنني طلبت منهم أن نقوم بجرد للآليات الموجودة بالمعسكر ونترك حارسا به و آنذاك يمكنني مصاحبتهم فتمت الاستجابة لشرطي وذهبت معهم واحتججت عليهم و قلت لهم نحن ضيوفا عندكم و أسلحتنا من عندكم ولا يجوز أن تحتجزوا جنودي. فهذه ليست طريقة يعامل بها الضيوف، و جهت كلامي ذاك للمسؤول عنهم وهو الرائد خير الدين وطلبت منه أن أكلم أحد رؤسائه في الموضوع. أحرج الرجل و أحس أن الأمر أكبر منه فأجرى اتصالاته و في النهاية مرر لي سماعة الهاتف وقال لي هذا وزير الدفاع أبو بكر يونس يريد أن يحادثك.
تكلمت مع وزير الدفاع و بعد التحية بلغته احتجاجي فاعتذر عما وقع وقال لي أنهم لا يعلمون بالأمر على اعتبار أن معسكرنا كان تحت رعاية الشرطة المدنية وليس الجيش وسألني عن حاجاتنا في المعسكر فقلت له أن لنا احتياجاتنا، فقال لي عليك بتسجيلها في لائحة وتسليمها للرائد خير الدين كي أمدكم بما تحتاجون و في نفس الليلة سجلت لائحتي وعلى الساعة الثامنة صباحا توصلنا بكل ما طلبنا.
 
الأستاذ امحمد و أنتم بليبيا سنة 1972 وقعت بالمغرب المحاولة الانقلابية الثانية في 16 غشت. كيف تلقيتم الخبر وكيف تفاعلتم مع الحدث ؟
 نعم وقعت المحاولة الفاشلة يوم الأربعاء حوالي الساعة الرابعة بعد الزوال حسب ما سمعنا، وكان الملك حينها عائدا من فرنسا على مثن الطائرة الملكية، وكان ربانه هو القباج، و فوجئت الطائرة الملكية وهي في سماء مدينة تطوان بطائرات عسكرية مغربية تهاجمها و تطلق النار عليها و كان من أصاب الطائرة الملكية هوالعسكري محمد كويرة ومع ذلك تمكنت الطائرة رغم اعطابها من الوصول الى مطار القنيطرة و منه غادر الملك مع بعض مرافقيه. ومن المعروف أن الذي كان وراء الانقلاب هو الجنرال أوفقير، وكان الإعلام الليبي  يدعم الانقلاب وكانت القيادة الليبية مستعدة لتقديم العون للانقلابيين. وبعد أن فشل الانقلاب و إعلان انتحار أوفقير ( الذي لم يصدقه أحد) قال لنا ابراهيم أوشلح نحن المشتغلون بإذاعة صوت التحرير أنه تلقى مكالمة من القيادة السياسية من باريس وتقول القيادة وعلى وجه التحديد عبد الرحيم بوعبيد اذكروا أمواتكم بخير.
 
و كيف تصرفتم مع مقولة اذكروا أمواتكم بخير التي قيل أن مصدرها زعيم الحزب عبد الرحيم بوعبيد خصوصا و أن الأمر يتعلق بأحد قتلة الشهيد المهدي بنبركة ؟
قلت لابراهيم أوشلح أن ما أعرفه أن المرحوم بوعبيد هو صاحب المقولة الشهيرة و المؤثرة ( بيننا و بين النظام جثة المهدي ) وشخصيا لا يمكنني أن أقول شيئا إيجابيا عن أوفقير ومن يريد من القيادة أن يقول شيئا من هذا القبيل فليتفضل.
و بقينا في حرج من أمرنا لأن الليبيين كانوا مع الانقلاب و نحن المناضلين ضده فكيف نجد مخرجا.
كان الحل هو أننا طلبنا أنا و الشهيد الحسين المانوزي من أصدقائنا بالإذاعة الليبية أن يستضيفونا لمناقشة موضوع الانقلاب بالإذاعة و فعلا استضافتنا إذاعة ليبيا لمدة 45 دقيقة وشرحنا لليبيين و للرأي العام أن أوفقير جنرال دموي وكان خادما للاستعمار الفرنسي وشارك في قتل الفيتناميين وهو بالجيش الفرنسي وفيما بعد أصبح خادما للنظام الإقطاعي المغربي، وكان عدوا للحركة الوطنية والديموقراطية المغربية وأنه من قتلة الشهيد المهدي بنبركة.