الأربعاء 24 إبريل 2024
فن وثقافة

فؤاد زويريق:"لمكتوب"مجزرة حقيقية للفن والإبداع والمنطق

فؤاد زويريق:"لمكتوب"مجزرة حقيقية للفن والإبداع والمنطق فؤاد زويريق
أجلت مشاهدة الحلقة الأخيرة من مسلسل ''لمكتوب'' لأنني اعتقدت بيني وبين نفسي أنها لن تخرج عن السائد، وستكون نهاية عادية أو نهاية ساذجة كما تعودنا في اعمالنا الدرامية، شاهدتها اليوم فتفاجأت أنها ليست كما ظننت، وأن توقعاتي كلها باءت بالفشل الذريع، أنا الذي ظننت أنني أفهم خبايا وويلات وعيوب أعمالنا الدرامية، صراحة أرفع القبعة لمؤلفة هذا المسلسل وأصفق لها بحرارة هي التي عرفت كيف تراوغنا وتسقط كل توقعاتنا الأرض، أول نهاية غير متوقعة يجب أن تُدرّس في العالم كله، كونها خرجت عن المألوف في الأعمال الدرامية، كنت سأظلمها لو قلت أنها نهاية ساذجة بينما هي تعدت السذاجة والسطحية بمراحل، أول مرة أكتشف أن بالشر يمكننا صنع الهابي آند، أي النهاية السعيدة لمن لا يفهم اللغة الصينية، بعد أحداث المسلسل التي كلها تشنج وعصبية، بدون أي مشهد فيه انفراجة أو تفاؤل أو سعادة تريح اعصاب الجمهور، تأتي النهاية بالضربة القاضية لتنهي حياة سي عمر الشخص الوحيد غير المذنب في المسلسل هو وابنته الصغرى طبعا، سي عمر ينتحر بعد اكتشافه في ثانية كل الدسائس والمؤامرات التي تحاك ضده والتي تابعناها نحن لثلاثين حلقة متتالية من شد الأعصاب، هو لم يصبر للحظات وانتحر بكل سهولة وغباء، وبدون مقاومة وحتى دون أن يفهم التفاصيل، فما بالك بنا نحن الذين غرقنا وسط كل هذه الفوضى الباتولية لأربع أسابيع متتالية، عليهم أن يعطوننا إذن الدرع الذهبي لأكثر الجمهور صبرا وتحملا لكل هذه المصائب التي يسمونها أعمالا فنية، الحمد لله أننا لم ننتحر  ك''سي عمر'' لكننا نُحرنا كما نُنحر في كل موسم درامي، عليهم أن يسموه موسم النحر الدرامي، وهذا اقتراح من عندي، على اعتبار أنه مجزرة حقيقية للفن والإبداع والمنطق.
 بالعودة الى فاجعة النهاية في المسلسل، وهي نهاية بعيدة عن المنطق واللامنطق أيضا في الاعمال الدرامية، نهاية سيكوباتية وسادية ومازوشية وكل الحالات النفسية التي تنتهي ب''ية''، المسلسل هو الأكثر متابعة هذا الموسم ويقولون والله أعلم أنه الأكثر مشاهدة في تاريخ الدراما المغربية، سنغمض أعيننا عن هذه الأرقام والإحصائيات، لكن لا بد لنا أن نتساءل، ألا يستحق جمهور هذا المسلسل نهاية سعيدة وقوية ومنطقية تعيد للخير مكانته وقيمته، فحتى لو افترضنا أن الشر لا بد أن ينتصر في النهاية وفقا لسياق الأحداث، فهل من الضروري أن تكون الشخصيات التي شاركت أو صنعت الشر سعيدة بشرها ومرتاحة الضمير كأن شيئا لم يكن ؟ هل من الضروري أن يموت عمر ولا يعاقب من دفعه للإنتحار؟ هل من الضروري أن تنتصر المؤلفة للشر بكل وضوح ووقاحة؟ هذا فقط من ناحية أعراف النهايات، دون أن نتكلم عن كمية الثغرات والهفوات والأخطاء غير منطقية في الحلقة الأخيرة والتي تعتبر بحق مرجعا لكل مؤلف فاشل.
              
وهابي آند وكل عام وأنتم بألف خير