الخميس 25 إبريل 2024
سياسة

هل المغرب في حاجة إلى تعديل حكومي..إقرأ جواب نجيب كومينة

هل المغرب في حاجة إلى تعديل حكومي..إقرأ جواب نجيب كومينة محمد نجيب كومينة وفاطمة الزهراء عمور وزيرة السياحة
في سياق انشغال الرأي العام الحزبي والإعلامي باحتمال إجراء تعديل حكومي، تطرح عدد من الأسئلة.. هل فعلا هناك دلائل وقرائن تثبت التوجه نحو تعديل حكومي مقبل، هل المغرب الآن في حاجة إلى تهوية المؤسسة الحكومية وإخراج الوزيرات والوزراء الذين أظهروا فشلهم في تدبير الشأن العام؟
محمد نجيب كومينة، خبير في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، يضع الأصبع على تجربة وزيرة السياحة عمور، التي تعد في نظره، عنوانا على فقدان الكفاءة المطلوبة في وزراء مفروض أن يحرصوا على النجاعة والفعالية من أجل بلوغ أهداف ملموسة تتقدم بقطار التنمية:
 
خرج عدد من وزراء الحكومة الحالية من حالة السبات التي جعلت المغاربة غير عارفين بوجودهم وبأسمائهم وبالوزارات، التي وضعوا على رأسها، والبين أن رئيسهم قد دفعهم إلى ذلك بعدما راجت إشاعة عن قرب تعديل حكومي، تم تكذيبها في انتظار الآتي.

لكن هذا الخروج كان عشوائيا و اعتمد على أكلات بائتة أو مثل تفاعل ساذج، حتى لاننعثه باللامسؤول، مع ما يتم تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي. ولعل خرجة وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي عمور من أكثر الخرجات كارثية في هذا التوقيت. 

ذلك أن الوزيرة، التي يصفها البعض بالتكنوقراطية، أعلنت عن منح دراسة لأحد المكاتب، الذي لاتعرف خبرته في الموضوع، من اجل إعداد إطار قانوني للاقتصاد الاجتماعي بتمويل اوروبي، وهو ما يعني أن الوزيرة تجهل تماما معطيات القطاع الوزاري الذي تشرف عليه وتجهل في نفس الوقت المعطيات المتعلقة بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني بالمغرب.

ذلك أن الدراسة التي أعلنت عن تكليف مكتب دراسات بإنجازها تعد تكرارا مملا لدراسة سبق ان مولتها منظمة الاغذية والزراعة (الفاو) منذ وقت قصير وتم تقديم نتائجها في ندوة. و معنى ذلك، وكما جرت العادة، أن الدراسات تجرى لتوضع في الرفوف وتنسى لتتم العودة إلى نقطة الصفر، مع ما يترتب على ذلك من إهدار للمال العام و من إهدار للسمعة عندما يتعلق الأمر بتمويلات دولية. 

إجراء دراسات متكررة عن نفس الموضوع هو قمة العبث وعلامة على فقدان الكفاءة المطلوبة في وزراء مفروض أن يحرصوا على النجاعة والفعالية من أجل بلوغ أهداف ملموسة تتقدم بقطار التنمية، ومن المحتمل جدا أن تكون الوزيرة، عن جهل، قد وافقت على ما أعدته الإدارة دون أن تشغل مخها جيدا وتطرح على الاقل أسئلة حول ما كان وحول الجدوى والغاية.
 
وعندما نتحدث عن الجدوى في هذا السياق، فإن الصدمة تكون أكبر. ذلك ان مجرد إعداد إطار قانوني شامل للاقتصاد التضامني والاجتماعي بالمغرب يعتبر ضربا من العبث وإفراطا في "النقيل" من فرنسا، على طريقة التلاميذ الكسالى الذين يكتفون بنقل ما يكتبه غيرهم، حتى ولو كان هذا الغير غارقا في الخطأ، غير عابئين بالنتيجة.

ذلك أن فكرة إعداد قانون شامل لمكونات الاقتصاد التضامني والاجتماعي وجدت طريقها الى الإدارة المغربية بعدما اعتمدت فرنسا قانونا من هذا القبيل، عندما كان الاشتراكي امون، وزيرا مشرفا على القطاع في ظل رئاسة هولاند، وكان الأمر "تخربيقة" حتى بالنسبة لفرنسا، إذ سرعان ما طوى النسيان ذلك القانون غير القابل للتنفيذ وتم التخلي عن وزارة الاقتصاد الاجتماعي كذلك بعد تولي الوزير الذي كان مشرفا عليها إلى وزارة التربية والتعليم. 

وحين نعود الى واقع مكونات الاقتصاد التضامني والاجتماعي بالمغرب، فإننا يمكن أن نخلص بسهولة، شرط التوفر على حد أدنى من المعرفة، إلى أن هكذا قانون لامعنى له، و سيصعب جدا إعداده، كما ظهر من خلال الدراسة السابقة التي مولتها الفاو، وسيكون في حال اللجوء الى استنساخ القانون الفرنسي قانونا ميتا منذ ولادته، اذ أن مكونات هذا القطاع، ولنسميه قطاعا تجاوزا رغم انه لا يحظى باي تمييز في المحاسبة الوطنية، متعددة الوضعيات القانونية تاريخيا وارتباطاتها بالادارات والوزرات كذلك وبشكل يجعل جمعها في سلة واحدة وتحت سلطة واحدة من المستحيلات. 

ذلك أن التعاونيات نظريا تحت وصاية قطاع الاقتصاد الاجتماعي ولها قانون خاص منذ 1984، تم تحيينه بصعوبة في السنوات الأخيرة للخروج من نظام الترخيص المسبق الغبي، لكنها تبقى عمليا موزعة وموضوع استغلال من طرف كل إدارة ترغب في ملء تقارير الانجازات بالخزعبلات والكذب، مادام اكثر من نصف عدد التعاونيات المدرجة في الاحصائيات الرسمية ميتا، والتعاضديات تحت وصاية وزراة الشغل والصحة او المالية بحسب تخصصها، ولها اطارها القانوني المختلف عن قانون التعاونيات، والجمعيات، التي ينطبق عليها مفهوم الاقتصاد الاجتماعي، لها ايضا اطارها القانوني الذي يطرح الى اليوم اشكالات عويصة لم يتم حلها، لأن ظهير 1958 كما تم تحيينه مرارا لم يستوعب، في الأصل وفي التحيين الجمعيات التنموية التي لم تعد، كما لم تعد التعاونيات، ذات هدف غير ربحي، وهذا ما تمت معالجته في قانون المالية لسنة 2005 الذي أدخل الجمعيات تحت مظلة الشركات الخاضعة للضريبة كما وضع نظاما ضريبيا للقطاع التعاوني انهى الاعفاء المطلق، أما التعاوني إلا الاسم والتحايل.

هذه مجرد إشارات سريعة، يمكن عند الحاجة الدخول في تفاصيلها، وهي كفيلة بان تكشف لكل من يرغب في أن يرى البلاد تسير بوتيرة معقولة لحل مشاكلها والتقدم على سكة التنمية، أننا بصدد حكومة تدعي ما ليس فيها وتتصرف في الشان العام بالخبط والعشوائية، مع الرهان على تواصل مغشوش يغلف المعلومات والمعطيات الحقيقية لخلق إيحاء مغلوط بكفاءة غبر متوفرة.

بحال هذي ديال دراسة على دراسة سابقة، فبلد يقدم فيه الحساب فعلا وليس في نصوص لاتفعل، فضيحة، والوزيرة في النهاية ماخاسرة والو، المغرب وفقراؤه هم الخاسرون، لان الاقتصاد الاجتماعي، منذ انطلاقه في صيغته الحالية في ثمانينات القرن الماضي موجه الى محاربة الفقر والهشاشة و الحلول محل الدولة التي دخلت مندئذ مرحلة التخليات تحت تأثیر هجوم كاسح لليبرالية المتوحشة".