الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

ادريس المغلشي: لماذا مرافقنا الصحية معطلة فاقدة لكل ميكانيزمات النجاعة مفرغة من الإنسانية؟

ادريس المغلشي: لماذا مرافقنا الصحية معطلة فاقدة لكل ميكانيزمات النجاعة مفرغة من الإنسانية؟ ادريس المغلشي
أيادي بيضاء.. ناصعة كبياض فوق قمم الجبال غير مختلطة بسواد تدافع عن نفسها. لاتحتاج لبهرجة من أجل إبراز إنسانيتها. تعمل في صمت دون ضجيج. مجالها يدفعك مرغما لتحس بوطن بأكمله تقف دون عناء على الفارق بيننا وبينهم دون حاجة للتعليل. حين تسمع قصصا عن تدبير الصحة بالبلدان الأوروبية تطرح على نفسك سؤالا. لماذا مرافقنا الصحية معطلة فاقدة لكل ميكانيزمات النجاعة والجدية و مفرغة من الإنسانية ؟ 
هل مرد ذلك إلى هزالة الإمكانيات المرصودة بالفعل أم إلى قلة الموارد البشرية وغياب التأهيل أم هناك خلل ما يتعلق بسؤال مقلق حول القيم والأخلاق وثقافة الواجب والإحساس بالمسؤولية؟ 
في ظل مانسمع من روايات عن التدبير الأوروبي للصحةالتي تشبه لحد بعيد قصص الخيال. ولعل أبرز وأغرب ماسمعت أن قريبة لي مقيمة لفترة قصيرة بدولة أوروبية كعاداتها مغربية محافظة على التقاليد، تدبر معيشها اليومي كما كانت تفعل بالمغرب تحرص بشدة على نمط الأكل بالطريقة المغربية. عكس التوقع، حدث في يوم من الأيام، ما أرغمها للخضوع لريجيم صارم بعدما أصيبت بمغص قلب عليها المواجع تحاشت الذهاب إلى المستشفيات والمصحات مكتفية ببعض الأدوية التقليدية(عينة من الأعشاب التي استقدمتهامعها من الوطن ) كما يفعل أغلب المغاربة الذين لايملكون القدرة لإقتناء الأدوية لغلاء سعرها. تضاعفت الأعراض فنصحها زوجها بالذهاب للمستشفى العمومي القريب من سكناهم. استقبلوها على الفور نظرا لكبر سنها وحالتها الحرجة. تمت معالجتها في ظرف وجيز مع إمدادها بمهدئات وورقة تحدد موعدا آخرا فيما يستقبل من الأيام من أجل المراقبة والتتبع. بعد مرور أيام  تحسنت صحتهاوأحست براحة جعلتها تعود لحياتها العادية والطبيعية .
في يوم من أيام الله الجارية، خرجت في نزهة للتبضع ناسية الموعد الذي حدده الطبيب بعدما سقط من مفكرتها. جاءت سيارة الإسعاف بعد مرور بعض الوقت منتظرة  أمام البيت خروج المعنية معتقدة أنها في وضعية حرجة منعتها من الالتحاق في الوقت المحدد بالمستشفى وأنها غير قادرة. نقرت المسعفة الباب نقرات خفيفة فخرج الزوج مذعورا مستفسرا عن هوية الطارق تفاجأ حين علم بأنهم جاءوا لنقل الزوجة المريضة. تذكر وهو يناقش المسعفين ورقة الموعد فتبين أنه لم ينتبه للأمر. بل تفاجأ كون المستشفى لاينسى نزلاءه وهي طريقة لم يتعودعليها في بلده الأصلي. بل بدا مشدوها لأنه لم يتحرربعد مماعلق بذهنه من سلوكات اعتادها هناك جعلته يستبعد مثل هكذا تعامل. فبقدرما كبر في عينيه  هذا الفعل بدا جاحظ العينين مرتبكا كيف سيعالج الأمر. أخرج هاتفه النقال بسرعة وهاتف زوجته للرجوع على الفور  لأن هناك مستجد. عادت للتو إلى البيت، فبدأ المسعفان أكثر انشراحا واستقبلاها وهما يزاوجان بين الدعابة في الكلام والتعامل دون تكلف ولاحرج. مؤكدين على ضرورة إجراء الحصة الثانية من المراقبة. أخذتها سيارة الإسعاف متوجهة للمستشفى من أجل إجراء الفحص المحدد لها بورقة الموعد.
 فعلا موقف يصعب استيعابه بالمنظور والواقع الذي نعيشه نحن لكنه موجود وحقيقة لاينكرها إلاجاحد. مثل هذه الأحداث النبيلة والأساسية والضرورية في مرفق يعنى بصحة المواطنين كاولوية. نتساءل عن غيابها عن مرافقنا الصحية. ماذا ينقص الوطن لنمارس مثل هكذا سلوكات حتى لانصدم مرتين من الفرق الموجود بين الوضعيتين. أم أننا نعيش وضعية حقيقية يجسدها المثل الذي يقول"لامقارنة مع وجود الفارق " للأسف الشديد .