الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

البدالي صافي الدين: الدولة والفساد

البدالي صافي الدين: الدولة والفساد صافي الدين البدالي
تم توقيف في الأيام الأخيرة أشخاص، بناء على وجود شبهة تورطهم في جرائم الفساد المالي والإداري واستغلال النفوذ، من بينهم نائبان برلمانيان حكم على أحدهما وتجري محاكمة الثاني.
ولقد ذهب البعض الى القول بأن الدولة اصبحت لها الإرادة السياسية لمحاربة الفساد، بناء على محاكمة هؤلاء البرلمانيين ومتابعة أشخاص آخرين تورطوا في ملفات لها ارتباط باستغلال النفوذ من أجل الاغتناء غير المشروع.
لكن الإرادة السياسية للتصدي للفساد والرشوة ونهب وتبديد المال العام لا يمكن قياسها بحالات لا تمثل 0,001 في المئة، ذلك بأن واقع الفساد في المغرب والإفلات من العقاب واستمرار هذا الواقع على أكثر من صعيد يؤكد بأن الدولة ليست لها نية لمكافحة الفساد ومتابعة المفسدين الذين تشهد عليهم ملفات في المحاكم على تورطهم في جرائم مالية واقتصادية، بل منهم من عاد بقدرة قادر في الانتخابات الأخيرة إلى ترأس جماعة ترابية او مجلس اقليمي ومنهم من أصبح نائبا برلمانيا. وإلا فأين هم الذين نهبوا 44 مليار درهم من ميزانية البرنامج الاستعجالي للتربية والتكوين؟ والتي هي أموال الشعب المغربي وحق الأطفال المغاربة في تعليم جيد وهادف. بل بعض من هؤلاء الذين تحول حولهم شبهة المشاركة في هذه الجريمة المالية أصبح يطل على الشعب كل مرة في القناة الرسمية ليشرح استراتيجية الوزارة في التسيير التربوي والإداري وفي الجدية والنزاهة. وأين هو ملف المحروقات الذي يشهد على تفويت 17 مليار درهم في سنة واحدة على خزينة الدولة، استفاد منها لوبيات المحروقات على حساب الشعب المغربي؟
ولماذا تم تهريب الملف من البرلمان الى جهة غير معلومة؟ وأين هي متابعة أشخاص استغلوا نفوذهم واستولوا على أراض استراتيجية (تاركة مثلا) بمراكش تحت ذريعة الاستثمار بأثمان لا تتعدى 300 درهم للمتر المربع في حين أن الثمن الحقيقي لتلك الأراضي يتجاوز 10.000,00 درهم للمتر المربع مما فوت على خزينة الدولة أزيد من 400 مليون درهم. فلم تتم متابعة المعني بالأمر بناء على شكاية الفرع الجهوي لجهة مراكش الجنوب للجمعية المغربية لحماية المال العام؟ ولماذا لم يتم تنفيذ الأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف بمراكش في حق المتابعين في قضايا الفساد ونهب المال العام والتزوير في محررات رسمية؟ و لماذا لم يتم تنفيذ الأحكام الصادرة في القضية المعروفة بملف « كازينو السعدي» بمراكش، حتى أن المواطنين و المواطنات فقدوا ثقتهم من دور القضاء في التصدي للفساد ونهب المال العام ؟و ما هو مصير ملف فضيحة ميناء آسفي الذي كلّف خزينة الدولة أكثر من أربعة مليارات درهم، بعد توقف الأشغال داخله بسبب ظهور تشققات ضخمة بالرصيف الخاص بالفحم الموجه للطاقة الحرارية ؟. أم أن هناك مؤامرة تستر الوزراء المعنيين بعضهم على البعض.؟
ولقد سبق للفرع الجهوي لجهة مراكش الجنوب للجمعية المغربية لحماية المال العام أن تقدم بشكاية في الموضوع مشفوعة بوثائق وأدلة تثبت تورط حاملي المشروع في عملية الغش التي كانت وراء التشققات التي ظهرت على الرصيف، هذا بالإضافة الى حماية المفسدين من المتابعات القضائية في ملفات أصبحت معروفة لدى الرأي العام مثل ملف البنك العقاري والسياحي. إن مظاهر الفساد والرشوة تملأ البلاد، فهي حاضرة في جميع القطاعات العمومية وشبه العمومية وأن الدولة بدل أن تتصدى للفساد فانها تحميه لغاية في نفس يعقوب.وهي تزرع اسبابه بتوسيع الريع المالي وبتجميد أو إلغاء القوانين التي من شأنها الحد من مظاهر الفساد والرشوة مثل: الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد والرشوة، قانون الاغتناء غير المشروع، قانون التصريح بالممتلكات…إلخ
إن التصدي للفساد يحتاج الى ارادة سياسية شجاعة و إعادة الثقة للشعب المغربي وليس بعملية انتقائية أو لتصفية حسابات خاصة .