الخميس 28 مارس 2024
منبر أنفاس

خليل البخاري: الانتخابات الرئاسية الفرنسية بين ماكرون ولوبين

خليل البخاري: الانتخابات الرئاسية الفرنسية بين ماكرون ولوبين خليل البخاري
لقد افرزت نتائج الدور الأول من الانتخابات الرئاسية الفرنسية, انتقال كل من ايمانويل ماكرون زعيم حزب الجمهورية إلى الأمام ومرشحة اليمين المتطرف ماري لوبين الى الدور الثاني المقرر تنظيمه يوم 24 أبريل. فقد حصل ماكرون على 27,85% أما ماري لوبين فقد حصلت على 23,15%.
 
لكن الملفث للانتباه في الدور الأول، هو حصول مرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلنشون على 21,95%, ومرشح حزب الاسترداد أقصى اليمين ايريك زمور على7,2% واحتل الرتبة الرابعة.
 
ستكون المنافسة في الدور الثاني المقرر تنظيمه في 27 أبريل من هذه السنة قوية بين ماكرون زعيم حزب الجمهورية للأمام وماري لوبين زعيمة حزب التجمع الوطني PRN   وبدون شك، ستكون كلمة مرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلنشون عي الفصل في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية. فالمرشح الراديكالي سيكون من الصعب عليه اقناع أنصاره بالتصويت لمارين لوبين. فهما معا  على طرفي نقيض من الخريطة السياسية في فرنسا. ومع ذلك, فإنه (جان لوك ميلنشون) وانصاره غير راضين عن أداء ماكرون الذي في نظرهم خان أصواتهم عندما ذهب بعيدا في جعل الاقتصاد الفرنسي أكثر ليبرالية.. أما أصوات مرشح أقصى اليمين ايريك زمور، المعروف بعدائه وعنصريته للمهاجرين خاصة الجزائريين، فهو من المؤكد سيمنح دعمه ومساندته لمارين  لوبين .
 
وبخصوص الأحزاب أقل حجما مثل حزب الجمهوريين 5% الذي ستتوزع اصواتهم على المرشحين. وهناك أصوات الحزب الشيوعي والحزب الإشتراكي اللذان تحولا إلى حزبين صغيرين بالإضافة إلى أحزاب صغيرة أخرى في الغالب ستذهب أصواتهم إلى ماكرون.
 
لقد أكدت انتخابات الرئاسة الحالية، أن الخريطة السياسية بفرنسا قد تلاشت. فقد أصبح الجمهوريين (الديغوليون) والاشتراكيون والشيوعيون صغارا وتراجع تأثيرها في المشهد الحزبي الفرنسي وحلت محلها احزاب جديدة تحمل الالوان السياسية والايديولوجية ذاتها بمعنى يسار ويمين، ووسط ويمين، ويسار متطرف.
 
ان ماكرون زعيم الجمهورية للأمام من مساندي وداعمي الاتحاد الاوروبي بخلاف مارين لوبين التي تدعو الى الخروج نن الاتحاد الاوروبي على غرار ما فعلت بريطانيا  Brexit .وهناك الفوارق المتعلقة بالمهاجرين حيث تدعو مارين لوبين الى تقييدها، في حين تبنى ماكرون سياسة أكثر تساهلا مع المهاجرين.
 
ولعل حصول مارين لوبين على 23,15%من الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية يعود بالاساس الى برنامجها الانتخابي الذي ركز في محوره الاجتماعي على مستوى معيشة الأسر الفرنسية خاصة المعوزة والغلاء الذي تعرفه عديد من المواد الأساسية والمحروقات.. في حين حقق ماكرون  بعض الانجازات منها تقليص نسبة البطالة وانعاش الإقتصاد.
 
أن الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية ستواجه بدون شك رؤيتين مختلفتين بخصوص هوية فرنسا. هل ستبقى فرنسا بلد الانفتاح والثقافة الإنسانية كنا يريدها ماكرون أم فرنسا القومية المتعصبة الانعزالية كما يريدها اليمين المتطرف.بين فرنسا كجزء من الاتحاد الأوروبي او خارجه..
 
أن برنامج ماكرون الانتخابي  يرتكز على الاستثمار بكثافة في الصناعة والزراعة والتعليم والصحة والمساواة الكاملة بين الجنسين وتعميم الخدمة العسكرية. لكن ماكرون متهم لكونه الغى الضرائب على الثروات والغى المساعدات على للإسكان.. وفي المقابل، يرتكز برنامج مارين لوبين على رفع الضرائب على الاغنياء ورفع الأجور وتسهيل قروض الإسكان للمواطنين وسحب فرنسا من الجناح العسكري لحلف الناتو. وتظل قضية الهجرة في مقدمة القضايا الجوهرية بين المرشحين. فالناخب الفرنسي يجد نفسه أمام الاختيار بين ماكرون الواقعي الذي يتبنى مقاربة سوسيو اقتصادية تتوخى اندماج المهاجرين في النسيج الاجتماعي الفرنسي، ومارين لوبين العنصرية التي تكره وتنبذ المهاجرين وتعتبرهم مصدر الفوضى والمشاكل الأمنية والاقتصادية بفرنسا. لذا  فالمرشحة لوبين تحارب في برنامجها الهجرة وتدعو إلى إغلاق الحدود في وجه المهاجرين  ومنع الحجاب في الأماكن العمومية.
وبخصوص القضية الفلسطينية، فكلا المرشحين يساند اسرائيل في توسعها وفي إقامة المستوطنات على حساب اراضي الفلسطينيين.
 
وفي حالة فوز مارين لوبين، فإن تداعيات انتخابها ستكون كارثية على الغرب وعلى العالم كله لأنها ستزيد من قوة وعنصرية اليمين الاوربي والامريكي المتصاعد. وتكون بمثابة ضربة موجعة للديمقراطية والحرية والمساواة.
ان نتائج الانتخابات الرئاسية الفرنسية في عمقها  وجوهرها يتجاوز البعد الداخلي. فهي تمثل أهمية كبرى في إطار المشهد السياسي الدولي برمته ومستقبل أوربا الذي في حاجة إلى قيادة مؤهلة يمكن احيائه. كما تمثل الانتخابات الرئاسية الفرنسية أخد النقاط الفاصلة في تاريخ اوربا في المرحلة الراهنة.