الجمعة 19 إبريل 2024
خارج الحدود

الوزير الأول الإيطالي في الجزائر للبحث عن الغاز المفقود تحت هاجس عدم الاستقرار وبوتين

الوزير الأول الإيطالي في الجزائر للبحث عن الغاز المفقود تحت هاجس عدم الاستقرار وبوتين ماريو دراجي وعبد المجيد تبون( يسارا)
 تحاول إيطاليا بشكل يائس إيجاد مصادر جديدة للطاقة من خلال رحلات ديبلوماسية في العديد من الدول. لسوء الحظ، في الحرب الاقتصادية التي سببتها الأزمة الأوكرانية لا توجد نتائج مثالية، هناك فقط حلول أقل سوءا من غيرها. 
يندرج الاتفاق الذي سيوقعه ماريو دراجي يوم الإثنين 11 أبريل  2022 مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على إمدادات الغاز في محاولة التخلي عن الغاز الروسي وخنق اقتصاد الروس عبر حصار شامل على صادرات النفط والغاز الروسية من قبل الاتحاد الأوروبي. 
تبيع الجزائر 31٪ من الغاز إلى إيطاليا وتعتبر ثاني مصدر لها بعد روسيا. وفقا لتقديرات الوزارة الأولى الإيطالية، يمكن أن تحل زيادة الواردات من الجزائر محل حوالي ثلث الطاقة التي يشتريها من بوتين الآن. لكن ما يجب معرفته أن البنية التحتية الحالية لضخ الغاز قديمة ومهترئة وفي حاجة إلى الصيانة والتحديث وأن الأنابيب الحالية غير مستخدمة بشكل كاف، وبالتالي لن يكون من السهل تسريع جلب المنتوج الجديد إلى إيطاليا. 
العلاقات الإيطالية الجزائرية بلغت ذروتها بزيارة الرئيس الايطالي ماتاريلا في نوفمبر الماضي، ومؤخرا زيارة وزير الخارجية لويجي دي مايو برفقة الرئيس التنفيذي لشركة إيني كلاوديو ديسكالزي. 
حسب لاريبوبيليكا الإيطالية، "تعد صداقة روما مع الجزائر عاملا مهما في سياق التنافس بين البلدان الأوروبية حول إمدادات الغاز الجديدة: فالجزائر على خلاف مع إسبانيا لأنها تعتقد أن مدريد قريبة جدا من المغرب بشأن قضية الصحراء المغربية". ويعتبر إغلاق الطغمة العسكرية في الجزائر لخط أنابيب الغاز المتوسطي الذي يعبر المغرب للوصول إلى إسبانيا والبرتغال، الذي ساهمت في تشييده أموال أوروبية لتزويد الاتحاد الأوروبي بالغاز، ابتزاز وعملية مقايضة مواقف سياسية مقابل الغاز. 
فإذا كانت روما تدرك جيدا علاقاتها الاستراتيجية المتميزة والمتعددة الأبعاد مع المملكة المغربية وعلاقاتها بباقي دول الاتحاد الأوروبي، فإنها مطالبة بتوخي الحذر من أن المحاورين الجزائريين لا يمكن الاعتماد عليهم ولا الثقة فيهم وأن تأخذ على محمل الجد تصريح تبون أمام وزير الخارجية الأمريكي بلينكن الأسبوع الماضي حول علاقة "الأوليغارشية الحاكمة في الجزائر بالمافيا الإيطالية وبالمافيا الروسية". 
في لقائه مع الوزير الأول الإيطالي، لن يكتفي تبون بالابتسامات والمصافحات، قد يكون المقابل حاضرا والمقايضة الأكثر وضوحا هو جر إيطاليا لتوقيع اتفاق يخدم أجندة الطغمة العسكرية في شمال إفريقيا، وربما إدراج قضية الصحراء في اتفاقيات اقتصادية وتجارية لا علاقة لها بالموضوع. قد تكون على الطاولة قضايا أخرى كقضية تطوير الطاقة المتجددة في الجزائر، وهي خطوة بديلة لكن مكلفة ونتائجها بعيدة التحقيق لدولة كانت تعتمد على الغاز والتي كانت تمتلك حقولا أصبحت شحيحة، وملفات أخرى متعلقة بالاستثمارات في القطاع الصناعي والمساعدات الفنية لسوناطراك التي تعيش صعوبة كبيرة، والبحث عن حقول غاز جديدة علما الحقول الحالية تبخر غازها وأصبح من الماضي، وقد أثار هذه الحقيقة العديد من الخبراء والمهتمين الإيطاليين بالشأن الطاقي. 
"إن الجزائر بلا شك منتج مهم للغاز، لكن لا يمكن اعتبار هذا البلد دولة ديمقراطية أو داعمة لحقوق الإنسان، فضلا على أنه غير مستقر"، كما نشرت اليوم 10 أبريل كبريات الجرائد الايطالية ك "لاريبوبيليكا". لازال الحراك الاحتجاجي الجزائري يطالب بـ "دولة مدنية لا دولة عسكرية"، ولازال القمع منهجيا ويوميا ضد المعارضين، ويعاني آلاف سجناء الرأي والصحافيين والمثقفين والوزراء السابقين وأكثر من 40 جنرالا وضابطا من جناح الجنرال المغتال قايد صالح يعانون في السجون الجزائرية. ولا زال مناخ الاستثمار الأجنبي غائبا في بلد مستقبله السياسي مبني للمجهول. 
ويؤكد العديد من المحللين الإيطاليين على أنه على الرغم من العلاقات الودية بين البلدين - في مرحلة المفاوضات - يجب عدم نسيان أن الجزائر كانت دائما قريبة من موسكو، خاصة على المستوى العسكري والاستخباراتي. وفي هذا الإطار أشارت وسائل الإعلام الإيطالية أن روسيا وسعت سيطرتها على قطاع الطاقة في إفريقيا أيضا، بهدف حماية احتكارها العالمي للغاز، كاشفة: "المشكلة هي أن الجزائر عززت علاقاتها العسكرية بشكل كبير مع بوتين، مبتعدة عن العلاقات الاقتصادية مع إسبانيا وفرنسا، لكنها تحافظ على علاقات الطاقة مع إيطاليا". 
وأشارت إلى أن المرتزقة الروس من مجموعة فاغنر العاملة في الجزائر قد "حلت محل البعثة الأوروبية الفرنسية في مالي" وأصبحت جد نشيطة في ليبيا وفي دول أخرى في منطقة الساحل. 
وتثير الصحافة الإيطالية احتمال بيع الجزائر لإيطاليا جميع الكميات القادرة على إنتاجها من الناحية الفنية، لكن وجود روسيا وابتزازها في إفريقيا سيؤثران بشدة على الإمدادات في المستقبل. 
 و"يرتبط الاتفاق الإيطالي الجزائري أيضا بالأزمة الدبلوماسية بين الجزائر وإسبانيا" التي ربما ستؤدي إلى وقف مبيعات الغاز الجزائري لإسبانيا، لكن "يقال أيضا أن هناك يدا إيطالية وراء ذلك" واستغلالها للظروف وعدم تضامن روما مع مدريد وكلاهما عضوان في الاتحاد الأوروبي المتضرر في حالة قطع الغاز الروسي.