الجمعة 19 إبريل 2024
اقتصاد

محمد قزيبر: لهذه الأسباب لايمكن مقارنة المغرب بإفلاس الدولة اللبنانية أو حالات بلدان عربية

محمد قزيبر: لهذه الأسباب لايمكن مقارنة المغرب بإفلاس الدولة اللبنانية أو حالات بلدان عربية محمد قزيبر، أستاذ المالية العمومية بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس
أمام ارتفاع الأسعار والتضخم، إلى جانب تفاقم الديون وصعوبة تمويل المغرب لحاجياته، فضلا عن مطالب نقابية وتنظيمات مهنية إما بالزيادة في الأجور أو المطالبة بتعويضات.. هل المغرب يسير نحو النموذج اللبناني؟ أي الإفلاس التام وعجز الدولة عن القيام بوظائفها؟
أسئلة طرحتها "
أنفاس بريس" على محمد قزيبر، أستاذ المالية العمومية بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس، واستفسرته حول هذا الموضوع:
 
"أبدى البعض بناء على تصريح الحكومة اللبنانية بإفلاس الدولة والبنك المركزي تكهنات ببداية مسلسل إفلاس لعدد من الدول العربية على شاكلة قطع الدومينو، خاصة في ظرفية تتسم بتراكم الأزمات المتمثلة أساسا في الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والمالية الناتجة عن جائحة كوفيد19، والأزمة المترتبة عن النزاع الروسي الأوكراني، وتأثيراته المتعددة الأبعاد، خاصة فيما يتعلق بموجات التضخم، وارتفاع الأسعار المرتبطة بالمواد الطاقية والغذائية، وهي أزمات تفاقم وضعية هذه البلدان التي تعاني أصلا من تداعيات المديونية المرتفعة، فضلا على أن العديد من البلدان المقصودة تعاني أزمات سياسية خانقة كاليمن والسودان وتونس، وهي أزمات تصل في بعض هذه البلدان إلى حد الصراع المسلح. 
ومن البلدان المقصودة أيضا مصر التي تعاني أزمة مالية خانقة بالرغم من الدعم المتواصل من البلدان الخليجية، حيث شهدت في الآونة الأخيرة محاولة لتعويم عملتها الوطنية لكنها أدت إلى انهيار جزء من عملتها المحلية، ترتب عنه موجة تضخمية كبيرة.
لا يمكن مقارنة المغرب بوضعيات هذه البلدان، فهو بلد يتمتع باستقرار سياسي، وبتنوع في أنشطته الاقتصادية وبنوع من الاستقلالية الاقتصادية والمالية تجاه شركائه وحلفائه أيضا، إذا ماقورن بالحالتين اللبنانية والمصرية. حيث على الرغم من الارتفاع الكبير للمديونية العمومية في المغرب والتي تقارب 100 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، إلا أن المغرب يحظى منذ مدة بثقة المؤسسات المالية الدولية بالنظر لتجربته على مستوى سياساته النقدية والميزانياتية للضبط والتحكم في العوامل المؤثرة على اقتصاده الوطني وفي ماليته العمومية وفي نظامه النقدي.
ولعل تجربة التعويم الجزئي للعملة الوطنية خير مؤشر على الثقة في النظام النقدي المغربي، حيث وعلى عكس كل التوقعات اتجهت العملة الوطنية إلى الارتفاع بدل الانهيار، حيث اتضح أنها عملة قوية والسلعة مطلوبة في السوق، وهنا وجب التنويه بالدور الذي يلعبه مغاربة العالم، وإقبالهم على صرف أو شراء العملة الوطنية معوضين بذلك حتى ركود النشاط السياحي وماكان يدره من مداخيل بالعملة الصعبة، كما أن المغرب قام منذ مدة بتنويع شركائه التجاريين، فمادة القمح مثلا التي تعرف أزمة عالمية في التزود بها حاليا. إذ أن المغرب لم يعتمد كليا على الشريك الأوكراني أوالروسي إذا ما قورن بمصر التي تعتمد بشكل شبه كلي على هذه المادة من هذين البلدين.
إذن الحالة المغربية لا يمكن مقارنتها بالحالة اللبنانية ولا بالحالات المتوقع حصولها في بلدان عربية أخرى لأن بنياتها الاقتصادية والاجتماعية والمالية مختلفة عن المغرب، وسياستها المعتمدة في المجال المالي والاقتصادي مختلفة عن التجربة المغربية، حيث أن الثقة التي يحظى بها المغرب تسمح له بالتحكم في اتجاهات الصرف وفي احتياطه من العملة الأجنبية، وأيضا في التزود من المواد الضرورية لمختلف المغاربة.
أما فيما يتعلق بالموجات التضخمية التي يمكن أن يعرفها المغرب والتي قد تؤثر في اقتصاده الوطني وفي نظامه النقدي فلا أعتقد أنها سوف تمارس هذا النوع من التأثير، نظرا لأن الموجات التضخمية بالمغرب ناتجة عن عوامل خارجية كالمواد الطاقية والمواد الغذائية التي ارتفعت على المستوى الدولي، لكن الاقتصاد الوطني يعرف تنوعا في أنشطته وبالتالي يمكن تعويض المنتوج المغربي المنتوج الأجنبي خاصة وأن الطرفية المناخية التي كانت جد سيئة في فترة ما، عرفت تحسنا كبيرا خلال الآونة الأخيرة والتي يمكن أن تمارس تأثيرا معنويا ودافعا لحركية وانتعاش الاقتصاد الوطني".