الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

سعيد توبير:مشروع استكمال الوحدة الترابية للمغرب في ضوء الحرب الروسية الأوكرانية

سعيد توبير:مشروع استكمال الوحدة الترابية للمغرب في ضوء الحرب الروسية الأوكرانية سعيد توبير
يرى أحد الباحثين على أن وضع العالم بعد فيروس كورونا لن يكون كقبله، بعد هذا الوباء سيكون "هناك ما قبل وهناك ما بعد"، كل شيء سيتغير بعد فيروس كورونا: النظام العالمي، الاقتصاد الدولي، النظام الديمقراطي الليبرالي، هذا الفيروس سيخلق "نموذجا عالميا جديدا"، أو بالأحرى "عالما جديدا"، سنشهد معه تحولات اقتصادية واجتماعية وثقافية عميقة. والحال هو أننا عشنا "كمغاربة" تجربة الحجر الصحي والخوف من الموت واستيعاب درس ضرورة الاعتماد على الذات" الدولة الوطنية الاجتماعية الديمقراطية"، التي اعتبرنا فيها أن يكون التّغيير في البداية صعبا، سواء أكان على الصّعيد الفردي أو المجتمعي أو الاقتصادي أو البيئي أو السّياسي! نحن أمام مشوار طويل يحتاج جهود الشباب وجهود كل فرد منّا يتحلّى بالوعي والأمل.
وفي سياق تحديات الجائحة تبلورت لدينا استجابة من بين الاستجابات الثقافية والتاريخية التي يمكن أن تسعفنا في اقتفاء أثر استكمال وحدتنا الترابية ضمن سعي تكويني نشيط وبحثي مفيد في أفق تأسيس "ثقافة وطنية جديدة" كرد فعل سياسي واعي واستجابة تاريخية اتجاه خطورة استهداف المغرب في كفاحه من أجل النهوض الشامل والسيادة الكاملة على ترابه التاريخي. بحيث منذ أن اعترفت الإدارة الأمريكية بمغربية الصحراء، ظهرت ردود أفعال شرسة ومناوئة لوحدة المغرب "الجزائر وصنيعتها الوهمية، ألمانيا وإسبانيا".
وعليه ستكون وظيفة "الوطنية الجديدة" هي الحرص على التعبئة الجماعية الممنهجة اعتمادا على وثائق و نصوص تاريخية لشحذ همم الرأي العام لصالح قضايا الوحدة الترابية، والتفاني في حماية حدود البلاد وإعلاء شأن السيادة الوطنية.
الواقع هو أن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس كما يقال في أدبيات الديبلوماسية المغربية. بحيث أن المغرب يُراهن على حماية مصالحه بشكل أساسي، دون أن يخسر علاقاته مع روسيا ولا مع أوكرانيا، كما أنه لا يمكنه المغامرة بقضية الصحراء المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو، ويُصوت على إدانة روسيا، هذه الأخيرة التي تتمتع بحق الفيتو في الأمم المتحدة. لكنه في النهاية اختار عدم المشاركة في التصويت. وقد كشف أغلب الملاحظين على أن "الموقف المغربي واضح من التطورات الجارية بأوروبا الشرقية، وهو التزام الحياد والحفاظ على وحدة جميع الدول العضوة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولم يتغير فيه شيء وسجلت أن الرباط تدبر علاقاتها مع العالم انطلاقاً من مبادئ ثابتة، قائمة على احترام مبادئ القانون الدولي، وعلى ميثاق الأمم المتحدة، والتي من بينها عدم المساس بالوحدة الترابية لجميع البلدان العضوة في المنظمة الدولية.
وأفادت بعض المنابر الدولية الاعلامية " عربي بوست" على أن للمغرب مبادئ وثوابت، من بينها رفض استعمال القوة لفض الخلافات بين جميع البلدان، وهذا ما سبق للخارجية المغربية أن صرحت به تجاه كثير من الملفات والخلافات بين البلدان التي عليها الجلوس إلى طاولة الحوار لحل الخلاف. وأشارت نفس المصادر إلى أن المغرب لطالما دعا الدول الكبرى في الأمم المتحدة إلى دعم جهود الرباط في حماية وحدته الترابية، ومراعاة مصالحه السياسية والاقتصادية في المنطقة.
وسجلت المصادر المهتمة أن المغرب يعتبر أزمة أوكرانيا فرصة لتذكير العالم بقضية الصحراء، فالمغرب يريد من الدول، خاصةً الكبرى، مراعاة مصالحه ودعمه في حماية وحدته الترابية. وبالفعل لم تتأخر ثمرة المجهودات الديبلوماسية وأنواع التفاوض والصراع خصوصا مع اسبانيا. وجاء الإعلان بعد بيان للديوان الملكي المغربي أشار فيه إلى رسالة وصلت من رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز اعتبر فيها أن مبادرة “الحكم الذاتي” المغربية المقترحة للإقليم المتنازع عليه بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف. أي أن الحكومة الإسبانية أعلنت، الجمعة 18 مارس 2022 عن مرحلة جديدة في العلاقة مع المغرب تقوم على الاحترام المتبادل واحترام الاتفاقات وغياب الإجراءات الأحادية والشفافية والتواصل الدائم. وكرد فعل طبيعي ستحتج الجزائر بالرغم من أنها تدعي انها ليست طرفا في النزاع وبالفعل استدعت سفيرها في اسبانيا. والحال هو أن أخطاءها قد تؤدي بها إلى عقوبات دولية بسبب التدخل في الشؤون الداخلية لإسبانيا.
والمغرب بدوره يؤكد أنها طرف في عرقلة ملف الصحراء المغربية كما لاحظنا أن مجلس الأمن الدولي يدعو المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا إلى استئناف المفاوضات المتوقفة منذ 2019 “بدون شروط مسبقة وبحسن نية” بهدف التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين.
.
سعيد توبير، باحث في التربية والفلسفة