الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

صافي الدين البدالي: الشعب لا يقبل تباكي الحكومة

صافي الدين البدالي: الشعب لا يقبل تباكي الحكومة صافي الدين البدالي
نظم أمناء الأحزاب الثلاثة المشكلة للحكومة ندوة صحفية يوم الثلاثاء 22 فبراير 2022 ليبينوا للناس بأن هناك قوة قاهرة فوق قدرة الحكومة، وتعود تلك القوة القاهرة إلى الظروف المناخية الاستثنائية التي يمر بها المغرب، وكذلك ارتفاع الأسعار في السوق العالمية وانعكاساتها على الأسعار وكذلك مخلفات الحكومات السابقة، لكن هذا لا يعفي الحكومة من تَحَمُّل مسؤوليتها في إيجاد حلول تحول دون الاستمرار في ارتفاع أسعار المواد الأساسية. وإن تبريرات الحكومة بأن تأخر التساقطات المطرية وتقلبات الأسعار في السوق الخارجية هي الأسباب الرئيسية لما أصبح عليه الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.
إنها تبريرات إنما تدل على عجز الحكومة وفشلها في تدبير الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تمر منها البلاد بل أزمة ثقة تواجهها أمام الشعب، ألم تر الحكومة بأن الأزمة ليست بسيطة محدودة في تأخر الأمطار وفي ارتفاع ثمن المحروقات في السوق العالمية؟،ألم تدرك بانها أزمة مركبة وتحتاج إلى تفكيك رموزها لإيجاد الحلول الحقيقية والجذرية للمعضلة الاقتصادية والاجتماعية؟ .
فالحكومة تريد أن تسوق للناس انها تجتهد لاحتواء الأزمة من خلال التخفيف من آثار الجفاف الذي ينذر بكارثة فلاحية وبيئية وشح في الماء الصالح للشرب باعتماد وسائل تقليدية في انتظار سقوط الأمطار التي لن يكون الحل النهائي
لاستمرار تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية واستمرار الاحتجاجات والحد من بوادر الفتنة التي بدأت معالمها تظهر من خلال سوق الأحد بالقنيطرة. فالحنكة والمسؤولية تقتضي من الحكومة اتخاذ قرارات شجاعة للخروج من الوضع السائد والموروث وفي مقدمتها القضاء على مظاهر الفساد الذي ظل يهدد الاستقرار الاجتماعي، لأنه يستنزف أموال الشعب ويكلف المغرب أكثر من 50 مليار درهم سنويا، وهذا ما يساوي 2 في المائة من النمو الاقتصادي، وهذا المبلغ يمكن توظيفه للرفع من ميزانية القطاعات الاجتماعية، مثل التعليم والصحة والتشغيل.
ان الفساد المالي يظل حاجزا أمام أية تنمية لميزانية الدولة بفعل إسناد الصفقات بطريقة مشبوهة بعيدا عن الشفافية وعن المنافسة الشريفة وتقديم المصلحة الخاصة قبل العامة مما يؤدي إلى تبديد المال العام وإلى تحمل الدولة تغطية أشغال وهمية وبفعل مشاريع غير منتجة ولا تستجيب للحاجات الملحة للمواطن
والفساد المالي هو السبب في ظاهرة الفساد الإداري الذي ظل يتسم بالبيروقراطية وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة وسوء التدبير والتسيير وهو ما يجعل الناس يفقدون الثقة في الدولة وفي قراراتها لأنها غير قادرة على حمايتهم من شطط السلطات وغير قادرة على محاسبة ناهبي المال العام من رؤساء جماعات محلية او إقليمية وجهوية، مما جعل الفتنة تجد ضالتها في كل مناسبة والفتنة أشد من القتل، ثم تنامي ظاهرة اقتصاد الريع والامتيازات والإثراء غير المشروع أصبحت تستفز الشباب العاطل والفقراء بشكل عام.
هل الحكومة لها الشجاعة للقطع مع الفساد ونهب المال العام واقتصاد الريع ومراجعة التعويضات الخيالية والتنقلات غير المنتجة واستنزاف مالية الدولة والجماعات في استعمال ترسانة من السيارات تتنقل عليها أسر وأقرباء المسؤولين؟
هل الحكومة لها الشجاعة والجرأة فتتجه إلى قطاع المحروقات من أجل وقف الارتفاع الصاروخي للأسعار واتخاذ ما يلزم من قراراتٍ للحد من هوامش الربح الخيالية التي تستفيد منها الشركات التي تشتغل في القطاع وإعادة تشغيل مصفاة لاسامير وذلك من أجل رد الاعتباري للقدرة الشرائية للمواطنين والمواطنات؟ هل الحكومة لها الشجاعة من أجل إرجاع الأموال الخيالية التي راكمتها شركات المحروقات بالبلاد؟
إن الوضع الحالي لم يعد يقبل التبريرات والتباكي والركوب على المناخ وعلى السوق الخارجية، بل أصبح يتطلب تغييرا جذريا من أجل بناء اقتصاد وطني وتنمية مبنية على الفعل التشاركي وجعل المواطن والمواطنة في قلب كل مشروع تنموي والقطع مع الفساد ونهب المال العام واقتصاد الريع والامتيازات وتنزيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.