الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

أحمد نور الدين: الأزمة الأوكرانية الروسية كشفت عن  ازدواجية الخطاب والمواقف الأوربية

أحمد نور الدين: الأزمة الأوكرانية الروسية كشفت عن  ازدواجية الخطاب والمواقف الأوربية أحمد نور الدين
الأزمة الأوكرانية الروسية أظهرت مرة أخرى ازدواجية الخطاب والمواقف الأوربية فيما يتعلق بالنزاعات الدولية وتحديدا من قضايا الانفصال والوحدة الترابية للدول. 

فالاتحاد الأوربي أعلن رسميا خلال هذا الأسبوع كما أعلن رؤساء الدول الأوربية كل على حدة، رفض انفصال إقليم للدونباس عن جمهورية أوكرانيا، واعتبر إعلان استقلال جمهوريتي لوجانسك ودونيتسك عملا منافيا للقانون الدولي.  
وتبعا لذلك فقد أدان الاتحاد الأوربي انفصال الجمهوريتين لأنه اعتداء على وحدة وسلامة أراضي أوكرانيا، كما قرر فرض عقوبات على روسيا بسبب ذلك.
 
ولكن في المقابل لم نسمع ولم نر خلال نصف قرن من الحرب العدوانية على المغرب ووحدته الترابية، إدانة من الدول الأوربية والاتحاد الأوروبي للنظام الجزائري الذي أعلن من جانب أحادي جمهورية انفصالية في الصحراء المغربية ،كما أننا لم نشاهد أي قرار يفرض عقوبات على الجزائر بسبب احتضانها وتمويلها   للمشروع الانفصالي وتوفيرها القواعد والمعسكرات والسلاح الثقيل والخفيف لميلشيات الجبهة الانفصالية في تندوف، كما لم نسجل أي عقوبات  على الجزائر.  
فالدول الأوربية تتعامل إذن بسياسة الكيل بمكيالين مع القانون الدولي ومبادئ ما يسمى بالشرعية الدولية، حسب ما تمليه مصالحها وخططها الاستراتيجية أو التكتيكية. 
 
وهذا ينطبق أيضا على روسيا التي تعترف سياسيا وتدعم عسكريا انفصال إقليم للدونباس وجعلت منه جمهوريتين وليس جمهورية واحدة، في حين أنها شنت حرب إبادة على جمهورية الشيشان في بداية التسعينيات من القرن الماضي، حين أعلنت استقلالها عن موسكو على غرار باقي الجمهوريات السوفييتية. علما أنه لا مجال للمقارنة بين للدونباس كإقليم لم يعرف له وجود ككيان مستقل، وبين الشيشان التي كانت إمارة إسلامية قبل احتلالها من طرف روسيا القيصرية، كما أنها كانت جمهورية في العهد السوفيتي لها لغتها الخاصة وقوميتها المختلفة عن الروس، ولها تراث وزخم كبير في مقاومة الاحتلال الروسي يمتد لأربعة قرون من عهد الإمام شامل إلى الرئيس جوهر دوداييف.  

وسواء تعلق الأمر بروسيا أو الدول الأوربية، فنحن أمام وقائع ثابتة ومتكررة تدل على أن الشرعية الدولية والقانون الدولي ما هي إلا عصا بيد القوى العظمى تهش بها على بقية الدول لتبقيها في دائرة التبعية السياسية والاقتصادية والعسكرية لمراكز القرار في الدول الكبرى. لذلك على المغاربة الاعتماد على أنفسهم ووحدة صفهم للدفاع عن سلامة الوطن ووحدة أراضيه.
 
ومع ذلك فإن على الدبلوماسية المغربية ولو من باب إقامة الحجة أو من باب الإحراج، وفي إطار هامش التحرك السياسي المتاح دوليا، أن تطالب الدول الأوربية منفردة والاتحاد الأوربي مجتمعا، بالاتساق والانسجام في مواقفهما تجاه الانفصال، وتبعا لذلك على خارجيتنا وبرلماننا وكل مؤسساتنا أن تطالب نظراءها في الدول الأوربية بإدانة النظام العسكري الجزائري الذي أعلن بشكل أحادي كيانا انفصاليا في الصحراء المغربية، في تناقض تام مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي تناقض حتى مع مطلب تقرير المصير نفسه.