الخميس 28 مارس 2024
سياسة

محمد بودن يبرز أسباب بداية فصل جديد في العلاقات المغربية الألمانية

محمد بودن يبرز أسباب بداية فصل جديد في العلاقات المغربية الألمانية محمد بودن

أكد المحلل السياسي، محمد بودن، ورئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، على أن اللقاء الذي جرى عبر البث التناظري بين وزير الخارجية المغربي "ناصر بوريطة"، ونظيرته الألمانية "أنالينا بيربوك"، بالإضافة إلى الخطوات التي تم القيام بها على مستوى عودة السفراء، تمثل بداية فصل جديد في العلاقات المغربية-الألمانية، ودينامية مكثفة بالعوامل المشجعة التي برزت في محتوى الرسائل المتبادلة بين الملك محمد السادس، والرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير.

وأضاف بودن في تصريح لجريدة "أنفاس بريس" أن العلاقات الثنائية المغربية -الألمانية، واحدة من أهم العلاقات بين بلد أوروبي، وبلد إفريقي لما تتمتع به من زخم، وتاريخ حافل، وسعة نطاق، ومستقبل واعد وثقل لدى البلدين، مشيرا إلى أن العلاقات بين البلدين تمتد منذ بداية القرن 16 بوجود فروع تجارية ألمانية في مدينة أسفي المغربية، علاوة على مفاوضات إبرام اتفاقية تجارية بين المغرب، ومدينة بريمن إبان حكم السلطان العلوي مولاي سليمان، وكذا فتح ألمانيا لتمثيلية دبلوماسية بطنجة سنة 1872، وتوقيع اتفاقية تجارية بفاس سنة 1890، تم فتح سفارة مغربية بألمانيا سنة 1900، وزيارة القيصر فيلهلم الثاني المعروف بغيوم الثاني لطنجة سنة 1905، لتعاد تأسيس العلاقات بين البلدين منذ سنة 1956 بحيث استقبلت الرباط طيلة هذه المدة 18 سفيرا ألمانيا الى غاية 2021.

العلاقات بين البلدين تتمتع بخلفية تاريخية حافلة بالتقدير

رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، أبرز أيضا أن العلاقات بين البلدين تتمتع بخلفية تاريخية حافلة بالتقدير المغربي للجدية، والواقعية الألمانية، وبالتالي فالعلاقات بين الجانبين تمثل نموذجا لعلاقات المدى الطويل بين الأمم.

وعن الرسائل التي وجهها الملك محمد السادس، وكذا الرئيس الألماني، وقبلهما الإشارات البناءة الصادرة عن وزيرة الخارجية في حكومة المستشار أولاف شولتز، والترحيب الذي عبرت عنه الدبلوماسية المغربية، أفاد المتحدث ذاته أن كل تلك الإشارات تمثل إطارا يتضمن عناصر جوهرية، ومعيارية لشراكة جديدة بين ألمانيا صاحبة المكانة الدولية كشريك موثوق، ومسؤول، و المملكة المغربية كبلد محوري في إفريقيا، و شريك نزيه، وواقعي له إيمان عميق بأن حقوقه السيادية، هذا بالإضافة إلى أن وحدته الترابية لا ينبغي أن يعتبرها أي بلد كعقبة للتعاون معه، حيث ثمة أبعاد شاملة للعلاقات بين البلدين استراتيجيا أمنيا،اقتصاديا، وسياسيا.

وزاد قائلا، إن التفسير الذي يمكن تقديمه للدينامية المثمرة بين الجانبين، يتجلى في التقارب الهادئ، و الاهتمام المتزايد بين البلدين، كما أن الاتصالات جارية للبدء في ترتيب جدول أعمال العلاقات الثنائية، و كذلك في إطار الريادة الأوروبية لألمانيا، ولذلك يتبين أن الفترة السابقة أصبحت في الخلف، والبلدان لديهما مصالح تمتد في أوروبا، وإفريقيا خاصة في ملفات الاقتصاد الأخضر، و الأزرق، و مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف و المساهمة بما يلزم لمعالجة أسباب الهجرة والمغرب كرس اسمه دوليا كفاعل وكمصدر للحلول بهذا الخصوص.

المغرب وألمانيا قادرين على بناء تقارب معاصر

وفي السياق ذاته، أشار المحلل السياسي إلى أن العلاقات المغربية الألمانية قادرة على بناء تقارب معاصر للمنفعة المتبادلة، وما حصل من قيود على مسيرتها فيما مضى يمكن اعتباره كجزء من ديناميات السياسية الخارجية عبر العالم، بحيث إن المملكة المغربية طموحة، وواضحة مع شراكائها، ومن الطبيعي أن تتأثر علاقاتها بأي بلد لا يتبنى مواقف بناءة، وصريحة بخصوص حقوقها السيادية على أقاليمها الجنوبية، ووحدتها الترابية، ودورها الإقليمي في صنع مبادرات السلام، و جهودها لمكافحة المخاطر من الجيل الجديد، والعكس صحيح، بحيث لما يتم احترام أسبقيات، وأولويات السيادة المغربية، تصبح العلاقات مع أي طرف في أرفع مستوياتها، وبالتالي فكسب المغرب كصديق ملتزم، وشريك هام يتماشى مع منطق واضح و لا ينطوي على أية تعقيدات.

وفي حديثه عن الموقف الألماني الذي عبرت عنه رسالة الرئيس الألماني التي وجهها للملك محمد السادس، قال محمد بودن، أن هذه الخطوة تستند إلى احترام السيادة الترابية للمملكة المغربية، ودعم مبادرة الحكم الذاتي كأساس منطقي، ووجيه للحل السياسي بخصوص النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، من منطلق قرارات مجلس الأمن، وآخرها القرار 2602.

وشدد على أن دعوة الرئيس الألماني للملك محمد السادس ليقوم بزيارة دولة، مثلت إشارة دالة على الرغبة في بعث العلاقات من جديد، فزيارة الدولة بروتوكوليا تمثل أعلى تعبير عن العلاقات الثنائية الودية بين بلدين، وقد كان واضحا التقدير الألماني للأجندة الإصلاحية الملكية في المغرب، وما تلتزم به من قيم، وما حققته من إنجازات اقتصادية، وأمنية، وتنموية بحيث أصبح المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس مفتاحا هاما في محيطه الإقليمي، وهمزة وصل محورية بين أفريقيا، وأوروبا، ومصدرا للمبادرات البناءة، والفعالة في قضايا السلم، والأمن، والتنمية المستدامة.