الاثنين 7 أكتوبر 2024
اقتصاد

العسري: المغرب الأخضر مجرد بزولة لإرضاع الأباطرة وماكينة لسحق الفلاح الصغير

العسري: المغرب الأخضر مجرد بزولة لإرضاع الأباطرة وماكينة لسحق الفلاح الصغير جمال العسري وعزيز أخنوش
مع القلق المتزايد الذي ينتاب الجميع على إثر شح التساقطات المطرية، وتهديد الجفاف الذي بات يخيم على المغرب هذه السنة، بدأ يطرح السؤال العريض اليوم حول ماذا جناه المغرب من "المخطط الأخضر"، الذي طالما هلل له وتبناه عزيز اخنوش رئيس الحكومة منذ أن كان وزيرا الفلاحة لعدة سنوات، كما أن الوزير الحالي للقطاع -محمد صديقي-منصب الكاتب العام لنفس الوزارة ويعتبر الرجل الثاني للوزارة المسؤول عن وضع الاستراتيجية والسياسة العامة للقطاع والبرنامج. فماذا حقق برنامج المغرب الأخضر بالنسبة لتطوير قطاع الفلاحة، وما هي قيمته المضافة وهل حسن من مستوى عيش الفلاحين الصغار.
"أنفاس بريس"، حاورت الدكتور جمال العسري، عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد، ح ل حصيلة" مخطط المغرب الأخضر":
 
**ماهو تقييمك لبرنامج المغرب الأخضر وماذا ربح المغرب من وراءه؟
حري بالذكر أن العمل بهذا المخطط بدأ منذ أزيد من عقد من الزمن (منذ سنة 2008) ورصدت له ميزانية ضخمة من أموال دافعي الضرائب وتم إسناده لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية و المياه والغابات، التي كان على رأسها رئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش والذي عمر على رأس هذه الوزارة حوالي 14 سنة، ليعوضه فيها بعد تسلمه رئاسة الحكومة الوزير الحالي صديقي، الذي كان الرجل الثاني في الوزارة بحكم شغله منصب الكاتب العام لها. وقد بشر أصحاب المخطط الأخضر بهذا الإنجاز واعتبروه ثورة فلاحية حقيقة، ثورة ستكون قاطرة النمو الاقتصادي المغربي. ولم يتوقف المطبلون لهذا البرنامج وعلى رأسهم عزيز أخنوش عن التطبيل له وتقديمه في صورة المنقذ للفلاحة والفلاح المغربي باعتباره أهم المشاريع الفلاحية لمغرب القرن الواحد والعشرين، يوازي إن لم يكن يتفوق على مشاريع السدود التي تميز بها العهد السابق. ولم يتوقف الكلام عن دور هذا البرنامج في القضاء على الفقر في العالم القروي ووقف عمليات الهجرة القروية من خلال تطوير العالم القروي وتطوير الفلاحة التضامنية والعصرية.
اليوم ونحن في مداخل موسم يتسم بالجفاف من حقنا أن نسائل هذا البرنامج ونسائل أصحابه ونسائل من أشرفوا عليه ونسائل من صرفوا عليه ونسائل من بشروا به: أين نحن مما كنتم تسوقون له ؟؟ ما الذي تحقق للفلاح والفلاحة المغربية من هذا البرنامج ؟؟ الجواب سيكون هو الصمت، صمت المسؤولين عنه وإخفاء رؤوسهم تحت الرمال وهم يرون المعاناة التي يعيشها الفلاح المغربي البسيط من جراء بوادر الجفاف الذي نحن على أبوابه.
معاناة زادت من حدتها مشاريعهم المدمرة للفلاحة المغربية ولفرشتها المائية. ويكفي أن نعطي مثال اعتماد زراعات تستنزف بشكل كبير الفرشة المائية؛ مثل البطيخ الأحمر الدلاح والأفوكا. والمثير أن مثل هذه الزراعات كان سيكون ضررها أهون لو تمت في المناطق الرطبة مثل سهول الغرب وسايس مثلا، لكن العكس هو ما حصل حيث تم تكثيف مثل هذه الزراعات بمناطق هي أصلا قاحلة وتشكو من ندرة الماء بالجنوب الشرقي كزاكورة وطاطا وغيرهما.
** ما هي الأخطاء الكبرى المرتكبة في المخطط الأخضر وفي طريقة تدبيره؟
من أهم الانتقادات و المؤاخذات على هذا البرنامج وواضعيه منذ البداية، هو توجهه لكبار الفلاحين وللإقطاعيين الكبار، لحل مشاكلهم و تحقيق مطالبهم في أفق الرفع من أرباحهم، حيث رصدت جل الميزانية المخصصة لمشروع "المخطط الأخضر" لأباطرة الفلاحة والفلاحة التصديرية بالأساس، ما الفلاحون الصغار، بسطاء العالم القروي، فقد ظلوا خارج اهتمامات هذا البرنامج، وتم إهمال الزراعات المشكلة لأعمدة الأمن الغذائي بالمغرب. وظل العالم القروي يعاني من الأرقام المرتفعة لنسبة البطالة، ولم يستطع توفير فرص الشغل بالعالم القروي تلك الفرص التي وعد بها.
كما لم ينجح البتة هذا المشروع في تكوين طبقة فلاحية وسطى ولم يعمل على تحسين ظروف العيش في العالم القروي للمساعدة على الاستقرار والعيش به.
ومن الأخطاء المرتكبة كذلك، التعامل الإستثنائي مع هذا المخطط، تعامل وصل لحد بعض التقديس، تجلى ذلك من الهالة التي أحيطت بالمسؤول عنه أي عزيز أخنوش، الذي قدم كسوبر وزير، وكأنه وزير فوق المحاسبة والمساءلة. حتى الأرقام التي كان يقدمها كانت فوق التشكيك، بل كانت فوق المناقشة، ومحرم التساؤل عن مدى مصداقيتها. فالأصوات المحاسبة والمسائلة كانت قليلة. ولعلنا نتذكر سنة 2009 حين وصف السيد " فؤاد عالي الهمة " المخطط الأخضر بالمشروع الفاشل، الذي سيتسبب في أضرار بليغة للقطاع الفلاحي، وانتقد أخنوش دون أن يسميه بالقول هناك "بعض الأشخاص كيجيبو وصفات جاهزة دون أن يعلموا ما يجري في الواقع.. وهناك مسؤولون يعتمدون على أجانب ما عارفين والو على المغرب"
** كيف يمكن إنقاذ الوضعية والتي ازدادت تأزما بفعل الجفاف ؟
السؤال مطروح على حكومة أخنوش رئيس الحكومة والأب الروحي للمخطط الأخضر. اليوم مطلوب من الحكومة وبشكل استعجالي إعادة مراجعة أرقام الميزانية التي وضعتها بخصوص هذه السنة، ومطلوب منها كذلك تقييم برنامج المخطط الأخضر. بل المطلوب ليس فقط التقييم بل المحاسبة عملا بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. ومطلوب العودة لسياسة السدود التي أثبتت جدواها ومنفعيتها. والأهم من كل هذا وذاك الاستفادة من الواجهتين البحريتين اللتين يتمتع بهما المغرب والاستثمار في مياههما من خلال تحلية مياههما حتى لا يبقى المغرب ومواطنوه وفلاحته رهائن السماء وما قد تجود به من أمطار.
على الحكومة تحديد وضعية المغرب أهو بلد فلاحي أم صناعي أم سياحي ؟؟ لا أن نضيع بين التسميات ويضيع معه اقتصاد الوطن.
وقبل هذا وذاك يجب العمل على إنقاذ الفلاحين البسطاء وتقديم الدعم المناسب لهم ونحن نرى معاناتهم من جراء الجفاف. وعلى الحكومة أن تعمل على فرض الضرائب المناسبة على كبار الفلاحين أو أباطرة الفلاحة والقطع مع سياسة الإعفاء الضريبي التي لم تعمل إلا على تكوين فئة من كبار أباطرة الفلاحة.