الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

البرديجي: اللجن الجهوية لحقوق الإنسان بالصحراء بنت مصداقيتها على العمل الميداني

البرديجي: اللجن الجهوية لحقوق الإنسان بالصحراء بنت مصداقيتها على العمل الميداني توفيق البرديجي، رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان – العيون الساقية الحمراء
ينبغي أن نفتخر بمسارنا الحقوقي في أرض الوطن، مسار دشنه المغرب منذ بداية التسعينيات من القرن 20، وهو يواصل بشكل إرادي مراكمة مجموعة من الإنجازات، بما في ذلك تجربة العدالة الانتقالية التي عالج فيها جزءا من هذه الملفات، على اعتبار أن الهيئة الوطنية للإنصاف والمصالحة اعترفت بالزج بمغاربة مدنيين في سجون البوليساريو باعتبار أنهم ضحايا، وبأن الدولة مسؤولة عن حمايتهم، وما تعرضوا له يستوجب الاعتراف بالانتهاكات التي قامت هيئة الإنصاف والمصالحة بتتبعها وجردها وإصدار مقررات تحكيمية تتعلق بها. هذه الشهادات لها حمولة حقوقيا، بما في ذلك التعذيب الممارس على مجموعة من المواطنين والمواطنات. تجربة الانصاف والمصالحة أكدت أيضا أن المسار يجب أن يكون مسارا لحقوق الإنسان، وهذا توجه عالمي لأنه يحفظ كرامة الإنسان، وثانيا المسار الوطني من خلال دستور 2011 الذي أكد هذا التوجه عبر الالتزام بتنفيذ مجموعة من توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، والتي فيها تبني حقوق الإنسان واعتبار الاتفاقيات الدولية أسمى من القانون الوطني فور المصادقة عليها. وبالتالي فمسار حقوق الإنسان يجب أن يكون هو المسار الحقيقي. أكيد أن الإنسان لا يتغير سواء كان في المغرب أو في أي بلد آخر، ويجب أن تحفظ كرامته وتصان، ويجب أن يحتفظ بحقوقه كما هي متعارف عليها دوليا. 
النقاش اليوم بخصوص الانتهاكات بمخيمات تندوف يحيلنا على الإصلاح الذي جاء به القانون التنظيمي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي أدمج ثلاث آليات وطنية في إطار البروتوكولات الاختيارية التي صادق عليها المغرب، خصوصا الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب التي هي آلية تابعة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، تهتم أساسا بتتبع وتقييم وحماية حقوق الإنسان وحماية ضحايا التعذيب على الصعيد الوطني، وهذا عمل مهم. ونتمنى أن يكون نبراسا لكل التجارب التي نتحدث عنها.
المسار الحقيقي هو مسار حقوق الإنسان، لذلك فتجربة المجلس الوطني لحقوق الإنسان تؤكد أن أي اعتراف دولي بهذا المسار مرتبط بالإنجازات على الأرض والعمل الذي يمكن أن تقدمه هذه المؤسسة في الميدان. المجلس الوطني لحقوق الإنسان على المستوى الجهوي يتتبع حالات حقوق الإنسان ويرصد الانتهاكات إن حدثت، ويقدم توصيات بهذا الخصوص، كما يقوم بالعمل من أجل النهوض بثقافة حقوق الإنسان، على اعتبار أن أقصر طريق لحماية حقوق الإنسان هي النهوض بها وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان لدى المؤسسات ولدى الأشخاص المكلفين بإنفاذ القوانين، ولدى المواطنات والمواطنين. فمعرفة المواطنات والمواطنين بحقوقهم تمكنهم من الذهاب إلى الإنصاف، سواء الإنصاف القضائي أو الإنصاف غير القضائي لدى المؤسسات الوطنية أو لدى مؤسسات الحكامة المنوط بها هذا النوع من الانتصاف، ما راكمناه لحد اليوم هو الذي يعطي للمؤسسات الوطنية شكل من الاعتراف الدولي بمكانتها. ويكفي أن نقول إن الآلية الدولية المكلفة بتقييم وتصنيف المؤسسات الوطنية، وهي التحالف الدولي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، يصنف المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجانه الجهوية في صنف ثالث سنويا منذ بدايتها، وهذا نتاج لهذا العمل الميداني والتفاعل الذي تقوم به هذه المؤسسة مع المؤسسات الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان، وأيضا مع المنتظم الدولي بصفة عامة. ولم يكن غريبا الإشادات الدولية، بما فيها القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي، بالعمل الذي يقوم به المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجنتيه الجهويتين بالعيون والداخلة، وهذه التجربة ليست معزولة على المستوى الوطني بل مشابهة لمؤسسات أخرى بنت مصداقيتها على العمل الميداني والعمل الحقيقي المبني على انتظارات المواطنات والمواطنين، والتعاطي مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان المبني على التعاون والعمل اليومي المبني على المصداقية، واللجان الجهوية للمجلس تعمل في الميدان بصفة مباشرة وتتعاطى مع جميع أنواع الشكايات بغض النظر عن أصحابا، والتدخل التلقائي أيضا في الأحيان التي يتعذر فيها وضع شكايات أو رفض التعاطي مع المؤسسة. اللجان الجهوية تتدخل عند ورود أي خبر يتعلق بادعاءات بانتهاك حقوق الإنسان، لأن جزءا من توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة هي ضمانات عدم تكرار ما وقع من انتهاكات في الماضي، وهذه الضمانات هي جزء من وجود هذه المؤسسة، وهي الآن تنصف من طرف التحالف الدولي لمؤسسات حقوق الإنسان في المرتبة «أ»، علما بأن عددا من المؤسسات الوطنية فقدت هذا التصنيف. آن الأوان لتغليب صوت العقل والحكم لصالح أبنائنا وبناتنا، تغليب  الحقوق التي ستضمن مستقبلا زاهرا يضمن كرامة كل المواطنات والمواطنين في المستقبل، هذا الوطن جدير بكل أبنائه وبناته، وحضن كل الفعاليات، وهذه هي رسالة الأمل التي يجب أن يسمعها الجميع.
 
توفيق البرديجي، رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان – العيون الساقية الحمراء
عن قناة العيون الجهوية