الأربعاء 24 إبريل 2024
فن وثقافة

عبد اللطيف هلال.. أناقة الصورة، ظاهرها والتغيبات

عبد اللطيف هلال.. أناقة الصورة، ظاهرها والتغيبات نعيمة المشرقي، من "مقامات بديع الزمان الهمذاني" (1971 – 1972)
مشهدان يخلدان، بالنسبة إلي على الأقل، صورة عبد اللطيف هلال في شبابه وامتدادته:
- الأول في نهاية ستينيات القرن الماضي حين استمتعت به ممثلا في أحد المسلسلات الرمضانية الهزلية رفقة محمد الخلفي والمرحومين محمد العلوي وأحمد الصعري (أحد مدرسي بمدرسة النابغة- ليزير سابقا)، بشارع النيل مقابل شركة التبغ بالدارالبيضاء.
- المشهد الثاني تم سنة 1974 خلال بروزه معتليا الغلاف الأول لمجلة "الفنون" التي كانت تصدرها وزارة الثقافة، وذلك بمناسبة أدائه الدور الرئيسي في مسرحية "مولاي إدريس" التي أخرجها الطيب الصديقي عن نص لعبد السلام البقالي.
منذ ذلك التاريخ ظللت أقتفي أثر هذا الفنان الراقي بسلوكه، والسامي باختياراته الرفيعة، وأساسا باحتساب متى يظهر ويختفي، ومتى يقرر أن يختفي حتى ولو كلفه ذلك ما يكلفه ذلك.
انطلاقا من هذه الاستعادة العفوية على وقع الفقدان، أستطيع أن أميز بين ثلاث محطات في المسار الثري لابن درب السلطان، فقيدنا الغالي، الذي دشنه بالعمل مدرسا بسيدي بنور، ثم بالالتحاق ممثلا بفرقة البدوي، وفرقة الأخوة العربية:
* المحطة الأولى: الريادة في التلفزيون المغربي عبر الأعمال الأولى التي رافقت إرهاصات البث الأولي بإدارة الرواد، وضمنهم طيب الذكر عبد الرحمان الخياط من خلال مسلسل "التضحية" باشتراك مع الراحلين عبد الله المصباحي ومحمد الركاب وحسن الصقلي، و مسلسل "المنحرف" من اخراج عبد الرحمان، والعملان معا أنجزا سنة 1964...
*الثانية: الريادة عبر العمل المسرحي. لقد شارك الراحل مع الأعمال الأولى لفرقة المعمورة من خلال مسرحية "هاملت" شكسبير التي شارك بها المغرب في مهرجان قرطاج بتونس 1967، وكانت من ترجمة خليل مطران بإضافة جزئية للطاهر. في نفس الإطار شارك في مسرحية "عطيل" بإخراج عبد الصمد دينية سنة 1968...
ثم كانت المشاركة القوية مع فرقة الطيب الصديقي التي لم يلجها إلا متأخرا بالنسبة إلى مجايليه، بدءا من "مقامات بديع الزمان الهمذاني" سنة 1971، "النور والديجور" و"كان يا ما كان" و"السفود" خلال موسم 1973 – 1974، وانتهاء ب"بديع الزمان الهمذاني" سنة 1977. وهي التجربة التي تواصلت، إلى اليوم، عبر تجارب الفرق الخاصة، وضمنها بعض الأعمال التي تمكنت من مشاهدتها بمعادلات مختلفة، من "بنت الخراز" و"سعدك يا مسعود" و"كاري حنكو" مثلا إلى "ليلة راس العام" مع العزيز محمد مفتاح" وغيرها اليوم. وفي هذه المحطة بالذات أذكر أن الكثيرين ممن اشتغلوا مع الفقيد كانوا يؤكدون لي انه في الغالب كان يشترط مراجعة الأعمال التلفزيونية والمسرحية المقترحة عليه ضمانا للجودة، ورغبة في التطوير.
ـ المحطة الثالثة: الحضور السينمائي الرمزي الذي لم يتجاوز هذه الحدود لاعتبارات لا أدركها مع أنه جدير بكرم الشاشات. فقط يذكر للراحل الحضور المبكر في "الرسالة" لمصطفى العقاد، والمشاركة في فيلم "أين تخبئون الشمس" للمرحوم عبد الله المصباحي، و"مكتوب" لنور الدين عيوش، و"جارات أبي موسى" لمحمد عبد الرحمان التازي...
تغيب الأسماء ولا تغيب آثارها.
طوبى لمن له مثل هذه الآثار الطيبة، ظاهرها ورسومها الغائبة أو المغيبة.