الثلاثاء 19 مارس 2024
كتاب الرأي

إسماعيل فيلالي: أوقفوا الرشوة والفساد

إسماعيل فيلالي: أوقفوا الرشوة والفساد إسماعيل فيلالي

في السابع من شهر يناير من كل سنة أصبح العالم يخلد اليوم العالمي لمحاربة الرشوة، وهي مناسبة تفرض علينا مراجعة الذات وتسليط الضوء على هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد اقتصاد البلاد، وعيش العباد.. وبالرغم من خلق "الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة" التي تم التنصيص عليها في الفصل 167 من دستور المملكة لتساهم في نشر قيم النزاهة والشفافية والوقاية من الرشوة ومكافحة الفساد، فان المواطن المغربي لم يشعر بأي تغيير، وأن المجهودات المبذولة لم ترق إلى تحسين ملموس في هذا المجال، حيث تبين أن الرشوة استفحلت بشكل خطير في المجتمع، حيث أصبحت تلتهم الملايير من خزينة المملكة، والأرقام بتفصيل نتركها لأهل الاختصاص، وقد قال عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب في عرض داخل لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب في شهر نوفمبر 2020 إن الوضع الاقتصادي بالمغرب سيعرف مشاكل كثيرة في السنوات القادمة بسبب أزمة جائحة كورونا، حيث أصبحت تهدد مالية  الدولة بكاملها، لأن الاقتصاد المغربي كما هو معروف لدى الجميع هش ويتأثر بشكل كبير بالصدمات والأزمات، مشيراً في ذات الوقت إلى انتشار هائل للقطاع غير المهيكل الذي يشغل 25 مليون نسمة من سكان المغرب...

وشدد والي بنك المغرب على ضرورة  محاربة الفساد والرشوة التي لم تعد طابو في العالم، داعياً إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة ومحاربة الفساد على أعلى مستوى بالمغرب من وزراء ومدراء المؤسسات العمومية والمقاولات كما ينص على ذلك دستور المملكة المغربية؛ ومن الأمثلة التي أعطاها الجواهري في ربط المسؤولية بالمحاسبة، واقعة إدانة رئيسة كوريا الجنوبية ثالث أقوى اقتصاد في العالم، بـ 24 سنة سجنا بسبب اتهامات بالفساد... ودعا جميع المؤسسات إلى الحرص على ترشيد النفقات وتمويل الأولويات... وتغيير عقلية السياسيين ورجال الأعمال المغاربة الذين يلهثون وراء جمع المال وتكديسها بل وتهريبها أيضا إلى المؤسسات البنكية الأوروبية  ...

إن ارتفاع حجم الفساد والرشوة في مختلف مناحي الحياة العامة، ستكون له تكلفة كبيرة على الوضع الاقتصادي والاجتماعي ونتائج سلبية على مستقبل التنمية، إذ سيعرقل كل المشاريع والبرامج التنموية مهما كانت طموحاتها، وإذا لم يتم تدارك الموقف والضرب على أيدي المفسدين والمرتشين الكبار الذين عاثوا فسادا في البلاد، وربط  المسؤولية بالمحاسبة كما ينص على ذلك دستور 2011، سيظل المغاربة ينتظرون الذي يأتي ولا يأتي... فالرشوة تفسد المجتمع وتدمر الأخلاق وتفقد المواطنين الثقة في مؤسسات الدولة ...

وللخروج من هذه الأزمة  الخانقة (النائمة) لا بد من إرادة سياسة حقيقية وفعالة وناجعة لمحاربة هذه الآفة الخطيرة،  وذلك بالمتابعة الزجرية للمتورطين والحسم في الملفات المعروضة على القضاء والتي عمّرت كثيرا في دهاليز المحاكم المغربية، فمن أهم مؤشرات تقدم المجتمعات في جميع الميادين هو محاربة الرشوة واحترام قيم الشفافية والنزاهة، ليس فقط كقيمة أخلاقية تطبع تصرف أفراد المجتمع ولكن كمنظومة مجتمعية حاضرة في السلوك اليومي للمواطنين يجب أن تترسخ كأولوية لتحقيق تطلعات المغاربة للعدالة والديموقراطية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية...