الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

محمد المهدي: حرمان طلبة ماستر الأسرة والقانون بكلية الحقوق بمكناس قرار تعسفي

محمد المهدي: حرمان طلبة ماستر الأسرة والقانون بكلية الحقوق بمكناس قرار تعسفي الدكتور محمد المهدي أستاذ التعليم العالي

وصف الدكتور محمد المهدي أستاذ التعليم العالي حرمان طلبة ماستر الأسرة والقانون بكلية الحقوق بمكناس من اجتياز مباراة الدكتوراه المفتوحة بمؤسستهم، بالقرار التعسفي وبغير القانوني، معتبرا إياه هدرا وإنكارا لجهود الأساتذة والطلبة على حد سواء. مزيدا من التفاصيل حول هذا الموضوع في هذا الحوار الذي أجرته معه "أنفاس بريس" :

 

ما تعليقك على ما حدث مع بعض طلبة ماستر الأسرة والقانون بكلية الحقوق بمكناس من حرمانهم من اجتياز مباراة الدكتوراه المفتوحة بمؤسستهم؟

بداية أؤكد من جهتي أن حرمان هؤلاء الطلبة من حقهم في اجتياز مباراة الدكتوراه المعلن عنها في مؤسستهم، التي درسوا بها ونهلوا من معين أساتذتها على امتداد سنتين من الدراسة في الحقل القانوني، شكل لنا في حقيقة الأمر صدمة بكل المقاييس، بحيث يمكن اعتبار ما حصل معهم سابقة فريدة من نوعها في تاريخ الجامعة المغربية، خاصة وأن العلة الواهية التي بني عليها قرار حرمانهم هي أنهم حاصلون على الإجازة من كلية الشريعة، ولم يشفع لهم أنهم حاصلون على الماستر في القانون من كلية الحقوق، ولذلك فإن قرار الإقصاء في اعتقادنا معيب جدا، شكلا وموضوعا، وأقل ما يوصف به أنه قرار تعسفي لا ينبني على أي أساس قانوني سليم، فضلا عما فيه من هدر وإنكار لجهود الأساتذة المساهمين في تكوين الماستر المذكور، ذلك أن:

- من شروط اجتياز مباراة الدكتوراه في الخاص المفتوحة بكلية الحقوق بمكناس، حصول المترشح (ة) على شهادة الماستر في ذات التخصص، وليس شرطا أن يكون حاصلا (ة) على الإجازة أيضا في نفس التخصص، مما يعني أن الإقصاء لم يستند على أي تبرير قانوني معتبر، وكان على إدارة الكلية أن تستشير أصحاب الاختصاص قبل أن تقدم على هذه الخطوة المتهورة، وغير المحسوبة العواقب، قبل أن تتبنى آراء بعض المحيطين بها ممن يصطادون في الماء العكر.

- وحتى على فرض أنهم عدلوا الملف الوصفي كما يشاع شفاهيا داخل أروقة إدارة الكلية، واشترطوا فضلا عن شهادة الماستر في القانون أن تكون الإجازة محصلا عليها أيضا من كلية الحقوق، فإن هذا التعديل لا ينبغي تطبيقه بأثر رجعي، وهذا من الأبجديات المتعارف عليها قانونيا ودستوريا، لأن الطلبة المحرومين قبلوا في ماستر الأسرة والقانون بالمؤسسة، وقضوا سنتين من التكوين به، شأنهم في ذلك شأن نظرائهم من الحاصلين على الإجازة في الحقوق، تمكنوا فيها من تعزيز ومراكمة معارفهم القانونية على يد أساتذة أكفاء بالكلية، متوجين ذلك بحصولهم على شواهد الماستر بنقط جد مشرفة، فكيف بعد هذا الجهد والوقت يتم إنكار ذلك التكوين وعدم الاعتداد به في قبول ترشيحهم لاجتياز مباراة الدكتوراه ؟

- ثم إن إقصاء الطلبة المعنيين من حق اجتياز مباراة الدكتوراه للعلة السابقة، فيه إساءة واضحة أيضا للأساتذة الذين ساهموا في تكوينهم على امتداد سنتين، لأنه ضرب جهودهم في الصميم وجعلها في مهب الرياح، فكأنهم ما زرعوا زرعا ولا غرسوا غرسا، مع أنهم بذلوا جهودا كبيرة مضنية لا تنكر، كادت أن تؤتي أكلها لولا ما نزل بها من جائحة.

 

لماذا تعتقدون أنه يتم التعامل مع طلبة كلية الشريعة بهذا الشكل الإقصائي المجحف؟

في اعتقادي الشخصي أن الأمر لا يخلو من أحد احتمالين:

1- إما أن الأمر له علاقة بالجهل بطبيعة التكوين في كلية الشريعة، خاصة وأن الناس أعداء ما يجهلون كما أثر عن سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، ذلك أن الإنسان مهما بلغ من الشجاعة فإن ما يخيفه دائما هو المجهول، فهناك من لا يزال يعتقد بأن التكوين المفتوح في كلية الشريعة لا يتجاوز مجال العبادات، من وضوء وصلوات وما إلى ذلك، والحال أن بها تكوينات قانونية، خولت لهم على امتداد سنوات الحق في اجتياز مباريات الملحقين القضائيين ومباريات المنتدبين القضائيين وغير ذلك، مما هو ليس خاف على العموم؛

وإذا صدق هذا الاحتمال، فإنه كان على إدارة الكلية أن تفهم أولا ما تجهله، ولا تستبق الأمور في الحكم على طبيعة التكوينات المفتوحة بكلية الشريعة، لأن هذا التسرع وضعها في مأزق الاتهام بأنها متحاملة على خريجي الكلية المذكورة، خاصة وأن الثابت أن صفة هؤلاء لا تقدح في تكوينهم، وأنه كان عليها أن تنتبه إلى أن هناك فروقا كبيرة بين تكوينات كلية الشريعة وتكوينات الدراسات الإسلامية، وأن من يخلط بينهما فهو في حكم الجاهل؛

ومن جهة أخرى، أعتقد أن العمداء المتعاقبين على كلية الشريعة يتحملون قسطا مما يعانيه خريجوها، من إقصاء وتهميش، إذ كان عليهم أن يضعوا ضمن أولوياتهم العمل على تسويق المنتوج العلمي لهذه المؤسسة، وإبراز تكويناتها القانونية، والتعريف بها في مختلف المحافل العلمية، أو من خلال تنظيم ندوات صحفية، أو من خلال التواصل مع مختلف القطاعات الحكومية، أملا في تغيير الصورة المشوهة عن خريجيها، وبالتالي فتح آفاق أفضل أمامهم لولوج سوق الشغل.

2- وإما أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد حسابات شخصية، تصفى على حساب طلبة، لا ذنب لهم سوى أنهم اجتهدوا وكدوا، فوجدوا أنفسهم ضحايا، وهذا مشكل آخر ينخر جسم الجامعة المغربية مع كل أسف، من شأنه أن يعمي البصيرة، ويوقع في الأخطاء الجسيمة، وإلا كيف يعقل منطقا وقانونا أن يتم قبول الطلبة في ماستر معتمد بالكلية منذ سنة 2008 رغم العلم بكونهم قادمين من كلية الشريعة، ويخضعونهم لتكوين على امتداد سنتين، ينتهي بتتويجهم بشهادة الماستر، بكل ما تدل عليه هذه الشهادة من معاني ودلالات، أسوة بأفواج سبقت، ثم بقدرة قادر تنقلب إدارة الكلية عليهم، فتراهم غير مؤهلين لاجتياز مباراة الدكتوراه، مع أن التجربة أكدت أن منهم من اجتاز بنجاح مباراة الدكتوراه في مؤسسات جامعية أخرى، فكيف بهذه تقبلهم ومؤسستهم التي احتضنتهم تلفظهم بهذه الطريقة المهينة ؟

 

سمعنا أن الطلبة المقصيين لجأوا إلى القضاء، فهل ترى أنهم سيربحون المعركة قضائيا ؟

أولا لا أريد أن أستبق الأحداث، فالكلمة للقضاء أولا وأخيرا، باعتباره حامي الحقوق والحريات، فهو الذي يقرر في الأمر إيجابا أو سلبا، ولكن حسبي أن أؤكد بأن ثقتي في القضاء المغربي كبيرة جدا، فقد عهدنا فيه دائما الذود عن المظلومين وجبر خاطر المقهورين، لاسيما وأن هناك سوابق قضائية أبان فيها عن تفاعله التام مع قضايا الفئات المستضعفة، كما هو الشأن بالنسبة لقضية الأستاذ (ع.ل) في مواجهة عميد كلية الحقوق بفاس، حيث رفض هذا الأخير طلب الأستاذ مناقشة ملفه من أجل نيل شهادة التأهيل الجامعي بهذه المؤسسة رغم أنه معين بها، لا لشيء إلا لأن شهادته الجامعية من كلية الشريعة، الشيء دفع بالأستاذ إلى طرق باب القضاء الإداري الذي صدع بالحق من خلال قراره، القاضي بإلغاء قرار العميد، مع الحكم بتعويض الأستاذ بمبلغ مالي.

ولذلك، فنحن على يقين بأن الطلبة المقصيين سيجدون في القضاء الإداري الصدر الرحب والملاذ الآمن، الذي يحميهم من شطط الإدارة، ويرفع عنهم الضرر بما يحقق لهم العدل والإنصاف، خاصة وأن مبررات حرمانهم من حقهم الدستوري جد واهية، ولا تستند على أي منطق قانوني معتبر.

من جهة أخرى قرأنا في بعض المواقع الإلكترونية أن هناك مباراة تمت في كلية الحقوق بمكناس لتعيين أستاذ التعليم العالي مساعد، تم إلغاء نتيجتها بسبب وجود عضويتكم ضمن لجنة المباراة، فهلا وضحتم لنا ملابسات هذا الموضوع ؟

 

فعلا كانت هناك مباراة تمت في كلية الحقوق بمكناس يوم 05 نونبر 2021، لتعيين أستاذ التعليم العالي مساعد، في تخصص القانون الخاص بالعربية، كنت عضوا ضمن لجنتها، وقد تم إلغاء نتيجتها بسبب كوني حاصلا على الدكتوراه في الشريعة، وذلك بمقتضى رسالة صادرة عن الوزارة الوصية، وهو ما أثار استغراب أغلب أساتذة شعبة القانون الخاص بالكلية، خاصة وأني معين بقرار من وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر في منصب القانون الخاص، منذ سنة 2003، ومارست مهامي بهذه الصفة على امتداد 17 سنة، بكل من شعبة القانون بالكلية متعددة التخصصات بتازة ابتداء وانتهاء بشعبة القانون الخاص بكلية الحقوق بمكناس، سواء على المستوى العلمي أو البيداغوجي، وتوليت عددا من المهام بمباركة الوزارة، ولم تثر مطلقا صفتي كوني حاصلا على الدكتوراه في الشريعة، من أي جهة كانت، بل إن هناك زملاء من الأساتذة لهم نفسي وضعي بمختلف المؤسسات الجامعية بالمغرب، من شماله إلى جنوبه، يمارسون مهامهم إلى حدود اليوم كأساتذة للقانون الخاص، ولم تثر بشأن أي مباراة شاركوا في عضويتها كونهم حاصلين على الدكتوراه في الشريعة، ولعل آخرها المباراة التي انعقدت بالكلية متعددة التخصصات بتازة لتوظيف أستاذ التعليم العالي مساعد، تخصص القانون الخاص (دورة 30 نونبر 2021)، حيث ترأس لجنة المباراة أستاذ حاصل على الدكتوراه في الشريعة، وتمت المصادقة على النتيجة (مترشح ناجح، وآخر في لائحة الانتظار)، وتم تعليقها على موقع الكلية، دون أن تثار صفته كدفع لإلغاء المباراة المذكورة.

ولكل ذلك فالموضوع يطرح في نظري وفي نظر كثير من زملائي بالمؤسسة علامات استفهام كبرى، تخفي وراءها خفايا تنذر بحصول كارثة في مسار التعليم الجامعي، لماذا أثيرت كل هذه الضجة بمناسبة هذه المباراة بالضبط التي شاركت أنا في عضويتها دون سواها؟، وكيف لم تلاحظ الوزارة أن هناك حالات مشابهة كثيرة لم يتم فيها إلغاء المباراة لذات السبب ؟، وكيف صدر قرار إلغاء نتيجة المباراة دون التأكد من معطياتي الدالة على كوني معينا بمنصب القانون الخاص ؟، وكيف سيطمئن المترشحون مستقبلا إلى مباريات يكون ضمن عضوية لجانها أحد الأساتذة ممن هم في وضعيتي بمختلف المؤسسات الجامعية بالمغرب ؟، هذه التساؤلات وغيرها تجعلنا نناشد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار المحترم من هذا المنبر للعمل على فتح تحقيق جدي في الموضوع، حتى لا يثار الموضوع مرة أخرى بكل تداعياته، ونحن على يقين من أن معاليه سيصل إلى كبد الحقيقة بما يعيد الثقة إلى الجامعة المغربية.