الخميس 18 إبريل 2024
سياسة

إبراهيم رشيدي: قرار تسقيف سن التوظيف في 30 سنة يوسع دائرة الغضب الشعبي

إبراهيم رشيدي: قرار تسقيف سن التوظيف في 30 سنة يوسع دائرة الغضب الشعبي من وقفة/ مسيرة احتجاجية بزاكورة) على قرار مذكرة بنموسى، وفي الإطارين من الأعلى الأستاذ إبراهيم رشيدي والوزير بنموسى

يعرض الدكتور إبراهيم رشيدي في مداخلة له حول تسقيف سن التوظيف في التعليم وتحديده في 30 سنة، من طرف الوزير بنموسى، وهو ما نتج عنه ضرر كبير مس شرائح مهمة من حملة الشواهد؛ (يعرض) شريط النكسات التي توالت على قطاع التعليم في حكومتي البيجيدي (بنكيران والعثماني)؛ مشيرا إلى أنه (ويا للأسف) يلاحظ "أن حكومة أخنوش تخطو في بدايتها بخطوات مرتبكة ومحفزة لغضب فئات وشرائح واسعة من المجتمع المغربي"...

في ما يلي "أنفاس بريس" تنشر نص المداخلة كاملا:

 

"إن كانت الأعراف الديمقراطية تقتضي أن نحكم على أداء الحكومات بعد 100 يوم، لكن للأسف يلاحظ أن حكومة أخنوش تخطو في بدايتها بخطوات مرتبكة ومحفزة لغضب فئات وشرائح واسعة من المجتمع المغربي، فبعد سوء تواصلها في إجبارية جواز التلقيح، وما نجم عن ذلك من غضب شعبي واسع، ترتب عنه احتجاجات مقلقة في شوارع المدن، وفي شبكات التواصل الاجتماعي، انضاف على هذا الارتباك ارتباك آخر مَسَّ بالضرر شرائح مهمة تجلى في قرار تسقيف سن التوظيف في 30 سنة.

 

طبعا هذا الموضوع لم يكن جديدا، لقد تسلمه الوزير المعني بالقطاع السيد بنموسى من سابقه، حيث سبق أن أثار هذا الموضوع توترا وغضبا بين رئيس الحكومة السابق والوزير أمزازي في الموسمين الفارطين، حيث أصدر رئيس الحكومة السابق سنة 2019 ترخيصا استثنائيا يقضي برفع سن التوظيف في "مباريات التعاقد" إلى 50 سنة، حيث وجه مراسلة إلى الوزير أمزازي يدعوه فيها إلى "فتح مباريات توظيف الأساتذة أطر الأكاديميات في وجه فئة من المترشحين وعدم حرمان عدد مهم منهم من اجتيازها" وقد نجم عن تجاهل الوزير المعني لمراسلة رئيس الحكومة غضب السيد العثماني، وهو ما عبّر عليه عدد من قيادات حزبه وأيضا العاملين بديوان رئيس الحكومة، الذين سارعوا إلى نشر المراسلة على مواقع التواصل الاجتماعي، في خطوة تهدف إلى إحراج أمزازي أمام الرأي العام.

 

كما أن السيد العثماني، رئيس الحكومة، سبق أن رفع سن الولوج إلى مباريات التعليم بالتعاقد إلى غاية 55 سنة بدل 45 سنة في سنة 2018؛ لكنه خلال سنة 2019 خفض شرط السن إلى 50 سنة، بسبب اعتراض الوزارة الوصية على مسألة الترخيص لـمن هم فوق 50 سنة لولوج مهنة التدريس.

 

وللإشارة فقد سبق أن أصدر الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، رحمه الله، بصفته وزيرا أولا، مرسوما سنة 2002، تحت رقم 2.02.349، بتحديد السن الأقصى للتوظيف ببعض أسلاك ودرجات الإدارات العمومية والجماعات المحلية، حيث تم "رفع إلى 45 سنة حد السن الأقصى للتوظيف المحدد في 40 سنة بموجب بعض الأنظمة الأساسية الخاصة بموظفي الإدارات العمومية والجماعات المحلية فيما يتعلق بولوج الأسلاك والأطر والدرجات المرتبة على الأقل في سلم الأجور رقم 10 والأسلاك والأطر والدرجات ذات الترتيب الاستدلالي المماثل."

 

ورجوعا إلى قرار وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، المتعلق بتنظيم مباراة توظيف أطر هيئة التدريس، وأطر الدعم الإداري، والتربوي، والاجتماعي، حول شروط القبول للالتحاق بأسلاك التعليم، لابد من اعتبار أن المرحلة السياسية والسوسيو اقتصادية الراهنة للمغرب لا تحتمل هذا النوع من القرارات المتسرعة، لأنها تعمق الأزمات أكثر بعدما عمقتها أزمة كوفيد والتدابير الناجمة على قانون حالة الطوارئ الصحية.

 

كما أن الشروط المثيرة للجدل تتنافى مع مضمون الوعود الانتخابية للأغلبية الحكومية، وتضرب على الحائط مبدا تكافؤ الفرص بين حاملي الشواهد، كما أننا على يقين تام أن ميزة الشهادة ليست مقياسا في تقييم الكفاءة، فإن مثل هذه الشروط ستحرم فئات واسعة من حاملي الشهادات من الاندماج الاجتماعي وستدفعهم إلى سوق الشغل بالقطاع الخاص وهم يحملون شارة الذل والتبخيس لكفاءتهم بشكل مسبق ونظامي، فالمرتكز الاجتماعي في قرارات التوظيف مسلم بها والتراجع عن سن 40 سنة باعتباره من الناحية القانونية والحقوقية معيارا لتكافؤ الفرص في مثل هذه الوظائف، ودفع الأمور إلى هذا الوضع هو يخلق جو مُحفِّز لتوسيع دائرة الغضب الشعبي، ونحن في الظرفية الراهنة في حاجة إلى السلم الاجتماعي أكثر من أي وقت مضى، فلا يجب أن يغيب عنا السياق الذي نحن فيه، سياق تطبعه توترات الصراعات الخارجية مع خصوم وحدتنا الترابية ومن يحاربون بأساليب ماكرة ومتخفية تطور مملكتنا الشريفة، وللأسف فالحكومة إن كانت غير مشبعة بالحمولة السياسية الكافية فلن ترى بهذا البُعد، وهذا أمر في حد ذاته مقلق للغاية.

 

والسؤال الذي يشغلني هنا هو، هل استشير بخصوص هذا الجدل المثار المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، بصفته هيئة دستورية استشارية مستقلة أحدثت لتكون مهمتها إبداء الرأي في كل السياسات العمومية، والقضايا ذات الطابع الوطني، التي تهم ميادين التربية والتكوين والبحث العلمي.

 

فبعد اطلاعنا على آراء المجلس السابقة لم نعثر عما يشير إلى سن التوظيف بقدر ما ركز على ضرورة التوافر على شروط الكفاءة والاستحقاق وتكافؤ الفرص اللازمة لولوج ومزاولة المهن التـربوية بوصفها خدمة عمومـية.

 

وطبعا تبقى المباراة هي الآلية القانونية في التمييز بين المترشحين على أساس الكفاءة والاستحقاق.

 

كما تتلخـص الفكرة الشمولية لآراء المجلس فـي حث السياسـات التربوية الموجهة لهيئات ومهـن التربية والتدريس والتكوين والبحـث، على تغيير المنظور لهذه المهن، ولمنطق تدبيرها من خلال تحقيق شـروط الإنصاف الوظيفي بين هذه المهن، والتمكين من الإمكانات والموارد اللازمة، فـي إطار تكافـؤ الفرص، مـع تشجيع المبادرة والابتكار والتميز.

 

إذن يبقى السؤال هو، هل استشير في الأمر المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي؟".