الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الرحمان العمراني: حاضنات النخب إلى أين؟ رأي للمناقشة

عبد الرحمان العمراني: حاضنات النخب إلى أين؟ رأي للمناقشة عبد الرحمان العمراني
لا شيء يجمع أو يقرب بين السوسيولوجي الإيطالي الليبرالي الشهير فالفريدو باريطو، صاحب أطروحة الدور الحتمي للنخب في كل المجتمعات التي تصبو إلى الحداثة والتطور، منظر فكرة la loi d airin des elites c والزعيم البلشفي الروسي اليتش لينين مهندس ثورة 1917الشيوعية صاحب كراسة "ما العمل "؟ التي كان قد أكد فيها على دور النخب من مثقفين وانتلجنسيا بكل أصنافها في إدارة وريادة ومرافقة التغييرات السياسية، مبرزا في ذات السياق أنه بدون دور النخب. فإن أقصى ما يمكن أن تصل إليه الديناميات الاجتماعية العمالية هو وعي نقابي ضيق على النمط التراديوني trade unioniste الذي كان سائدا في بريطانيا قبل تأسيس حزب العمال نهاية القرن التاسع عشر.
ومع ذلك فإنهما يلتقيان في مجال حاسم، مجال الإقرار بدور النخب الحقيقية الفاعلة في التطور والتقدم.
وبالطبع، فإن الحديث عن النخب ودورها يستدعي بالضرورة ويستلزم الحديث عن مشاتل وحاضنات إنتاج النخب، وهي تتضمن ثلاثة أركان متلازمة مترابطة:
المؤسسات السياسية الحزبية بما هي آليات للتوسط الاجتماعي والسياسي وتجميع المطالب وإعادة صياغتها ووضع القيم المصاغة على محك الممارسة.
المرجعيات الفكرية التي تستمد منها النخب مبررات ومقومات الوجود والاستمرارية.
والحركات الاجتماعية أو ما يسمى في لغة العلوم السياسية اليوم grass rout social mov ،ments أي تلك الحركات المرتبطة على مدار الأيام بالميدان والمشتغلة على عمق القضايا المجتمعية استقصاء وتأطيرا وإعداد مخرجات عمل.
وغني عن البيان، كنا ليبراليين على شاكلة فيلفريدو باريتو او يساريين لينينيين أو غير لينينيين، التأكيد على الضرورة القصوى لحضور النخب الفاعلة المكونة (بكسر الواو وتشديدها) والمكونة (بفتح الواو مع تشديدها)، والمشبعة بالقيم المرجعية والمتصرفة على ضوئها، والحاملة لمشاريع مجتمعية منسجمة ومتكاملة لا تتلون بتلون الظرفيات والحسابات، بل تغتني بالمراجعات التي تفرضها التحولات الموضوعية.
مناسبة هذا الكلام هو سؤال استبد بذهني خلال الأيام التي تلت الانتخابات الأخيرة وأنا ارى ما تبرزه وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي والوقائع المؤكدة الماثلة حول حالة النخب ونوعية السلوكيات التي سجلت مثلا عند انتخاب بعض مكاتب المجالس حتى في مدن وعواصم جهوية كبرى.
والسؤال إياه هو بكل بساطة ماهي بالضبط اليوم حاضنات ومشاتل النخبة وأصنافها التي تقدمت للانتخابات وستتولى إدارة الشأن العام؟ علما بأن الحاضنات والمشاتل بالنسبة لاجيالنا والى عهد قريب كانت واضحة لا تخرج عن تشكيلات سياسية ونقابية أطرتها مصادر الفكر الوطني بمختلف روافده وتشعباته وامتداداته وجمعيات مندمجة في قلب المعترك الاجتماعي ومؤسسات فكرية رائدة تقع في مقدمتها الجامعة المغربية.
ماهي تحديدا أدوات وبرامج التنشئة السياسية والقيمية التي تشكل مواد التشغيل على مدار السنوات داخل هذه الحاضنات والمشاتل؟
لماذا قل إلى هذا الحد المهول إقبال أصناف النخب المثقفة كما عهدناها في السابق على مشاتل وحاضنات العمل السياسي والمؤسساتي الجديدة؟ وبالمثل لماذا صار العمل السياسي المؤسساتي يجذب ويستهوي تحديدا أصنافا معينة من "النخبة " لها نواميسها ولغتها وثقافتها الخاصة؟
ووجدتني بالتبعية في سياق هذه الشواغل أطرح سؤالا فرعيا له صلة بـآفاق التطور المستقبلي وشروطه وآفاقه يتجاوز سؤال نزاهة العمليات الانتخابية ويفرض ترتيب الأولويات من جديد.
والسؤال أليست حالة حاضنات النخب ومشاتلها اليوم ام المشكلات وأكثرها استرعاء للاهتمام واستثارة لتخوفات مشروعة حول حالة التطور والتنمية السياسية؟
مجرد رأي للمناقشة.