الأربعاء 24 إبريل 2024
سياسة

يسردها أبو وائل الريفي: عشرة رهانات ربحها المغرب في اقتراع 8 شتنبر

يسردها أبو وائل الريفي: عشرة رهانات ربحها المغرب في اقتراع 8 شتنبر مشهد من أحد مكاتب التصويت (8 شتنبر 2021)

خصص أبو وائل الريفي، بوحه الأسبوعي، في موقع "شوف تيفي"، للحدث السياسي الراهن الذي عاشه المغرب يوم الأربعاء 8 شتنبر 2021، والمتعلق بالانتخابات التشريعية والجهوية والجماعية، معتبرا أن هذه الانتخابات تم إسدال الستار عنها دون مفاجآت تذكر حسب ما أفرزته صناديق الاقتراع، التي أعلنت وبشكل صارخ السقوط المدوي لحزب العدالة والتنمية الذي تربع على كرسي الحكومة لولايتين متتابعتين.

وأكد أبو وائل الريفي في بوحه هذا بأن المغرب قد رهانات كثيرة من هذه الانتخابات رغم سياقها الوبائي، وأظهر نجاح تنظيمها أن المغرب قوي باستقراره الذي يجعله قادرا على الوفاء بكل التزاماته...

 

"أسدل الستار أخيرا عن الانتخابات بدون مفاجآت كثيرة، انتخابات أجريت في ظروف استثنائية وكان المنتظر أن يكون لنتائجها نصيب من هذه الاستثنائية التي تمثلت في اتجاه إيجابي ضرب كل التوقعات التي كانت تتنبأ بعدم إقبال المغاربة على صناديق الاقتراع فكان ردهم عكس المتوقع. وبذلك يصدق على هذه الانتخابات أنها كانت استثنائية في ظرفيتها وعادية في دوريتها وجيدة من حيث نسبة الإقبال عليها ومفاجئة نسبيا في نتائجها.

 

ربح المغرب رهانات كثيرة من هذه الانتخابات رغم سياقها الوبائي، وأظهر نجاح تنظيمها أن المغرب قوي باستقراره الذي يجعله قادرا على الوفاء بكل التزاماته، ومتمسكا بمؤسساته وباختياره الديمقراطي وبانتصاره لدولة المؤسسات وسيادة الشعب.

 

ربح المغرب بتنظيم هذه الانتخابات عشر رهانات يلزم الوقوف عندها بتأن.

 

ربح المغرب أولا رهان الانتظام بما يعنيه من احترام للمقتضيات الدستورية ووفاء لالتزام الدولة بتعزيز الديمقراطية وتحصينها وتثبيتها.

 

وربح المغرب ثانيا رهان المشاركة الشعبية حيث فاق عدد المشاركين كل التوقعات بعد تفوق نسبة المشاركة على كل الانتخابات السابقة التي أجريت في 2011 و2016، وتجاوزت 50 في المائة على المستوى الوطني.

 

وربح المغرب ثالثا رهان الجمع في يوم واحد بين انتخابات محلية وجهوية وتشريعية، ستفرز أعضاء مجلس النواب وأعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات وأعضاء مجالس الجهات.

 

وربح المغرب رابعا رهان حكامة الإدارة الانتخابية بقدرته على تدبير هذه الانتخابات في وضعية وبائية مع توفير كل ضمانات النزاهة الانتخابية كما شهد بذلك فريق الملاحظين المحليين، الذي فاق 4500 ملاحظا، وفريق الملاحظين الدوليين الذي يمثل 19 منظمة بحوالي مائة ملاحظ دولي، والعدد الكبير لوسائل الإعلام الدولية التي غطت هذه الانتخابات، وهو ما جعل المنتظم الدولي يشيد بالتجربة ونجاحها.

وربح المغرب خامسا رهان جذب فئات شابة جديدة إلى المشاركة في الانتخابات لشعورهم أنها أفضل طريق لبناء المغرب المتجدد الذي يستجيب لتطلعاتهم، وهذا مؤشر على الأمل الذي ينتاب هذه الشريحة من المغاربة التي تنظر إلى المستقبل ولا تلتفت إلى الماضي الذي يريد البعض البقاء أسيرا له، وهي رسالة لكل الأحزاب للعناية بهذه الفئات لأنها خزان ومنبت حقيقي إن أحسن تأطيرها والتجاوب مع حاجياتها.

 

وربح المغرب سادسا رهان إثبات الارتباط الوثيق لسكان الجنوب بمغربيتهم، حيث كان مرة أخرى هذا الاستحقاق الانتخابي استفتاء تأكيديا لمغربية الصحراء وتجاوبا كبيرا مع الخطاب الملكي الأخير بمناسبة الذكرى ال68 لثورة الملك والشعب الذي أكد فيه جلالته بأن الانتخابات وسيلة لإقامة مؤسسات ذات مصداقية تدافع عن قضايا الوطن وهي السلاح للدفاع عن البلاد في وقت الشدة والأزمات والتهديدات. لقد وصلت الرسالة للمغاربة في جهات الصحراء الثلاثة فكان إقبالهم كثيفا، حيث بلغت هذه النسبة 58,30 في المائة في جهة الداخلة وادي الذهب، و63,76 في المائة في جهة كلميم واد نون و66,94 في المائة في جهة العيون الساقية الحمراء. وبهذا ينضاف هذا الانتصار إلى الانتصارات الأخرى في ملف الوحدة الوطنية بما يؤكد أن هذا الملف طوي نهائيا وبأن مناورات خصوم مغربية الصحراء ليست إلا سكرات الموت الطبيعي لكائن فقد كل مقومات وجوده لأن تقرير المصير يتحقق بأشكال وطرق متعددة على أرض الواقع يوما بعد آخر ولتبق جبهة الوهم ومساندوها حبيسي طروحاتهم القديمة.

 

وربح المغرب تاسعا رهان تحقيق التداول على الحكم بصناديق الاقتراع وليس بطريق آخر، لأن حزب التجمع الوطني للأحرار لم يقد حكومة منذ أكثر من أربعة عقود، وهو ما يخدم الديمقراطية التي لم تعد ناشئة في المغرب بل أثبتت أنها وصلت مرحلة مهمة من النضج والرسوخ، وعلى الأحزاب المساهمة في هذا الترسيخ بتجنب اللغة الخشبية القديمة التي تضخم خروقات معزولة محاولة تصويرها كحالة عامة وأسلوب ممنهج، كما على بعض الأحزاب الاعتراف بالنتيجة بروح رياضية إن كانت تؤمن حقا بالديمقراطية واحترام إرادة الشعب.

 

وربح المغرب عاشرا رهان مصالحة المواطنين مع صندوق الاقتراع، وهو ما يؤكد أن المغاربة يتابعون بشكل جيد ما يجري في محيطهم ويؤمنون بالاستثناء المغربي ولا يريدون إعادة تجارب مجاورة للتخلص من فاعل سياسي لم يتجاوب مع انتظاراتهم، بل فضلوا الإقبال على المشاركة الواعية في الانتخابات لوضع حد لتجربة امتدت لولايتين. وفي نجاح هذا الرهان رسالة لدعاة المقاطعة للتحلي ببعض الانسجام السياسي ومعرفة حجمهم الحقيقي والتمييز بين المقاطعة والعزوف ورسالة لهم للالتزام بالحد الأدنى من الأخلاق السياسية وتفادي الركوب على أعداد العازفين عن المشاركة في الانتخاب واحتسابها في خانة المقاطعين المحدودي العدد حسب المؤشرات المنطقية لاحتساب كتلتهم كما أوضحت بتفصيل في البوح السابق. وتبقى الرسالة الأهم من هذه الانتخابات هي تلك التي أوصلها المشاركون فيها للعازفين عنها والتي مفادها أن صوت المواطن مهم ومؤثر في النتائج ووحده المشارك قادر على صناعة المستقبل لأنه يختار بشكل طوعي وواع من يدبر شؤونه لولاية قادمة.

 

بينت هذه الانتخابات أن النتائج تكون حقيقية تعكس حقيقة الحضور في المجتمع كلما ارتفعت نسبة المشاركة في الاقتراع لأن ارتفاع هذه النسبة يقطع الطريق على من ينتعش بعشيرته وجماعته وأنصاره فقط، ولأن مشاركة واسعة للمواطنين تمنح للنتائج مصداقية تمثيلية أكبر.

 

لقد أكد المغرب بهذا النجاح السياسي والتدبيري لهذا الاستحقاق نجاحه في تدبير جائحة كورونا، لتضاف إلى نجاحه في حملة التلقيح، وقدرته على تحويلها إلى فرصة لتحقيق الالتحام حول الوطن ومؤسسات الدولة وخياراتها، ولذلك وضحت هذه المشاركة الواسعة بأن المغاربة حاضرين في المناسبات الحاسمة. إن نجاح المغرب في تنظيم هذه الانتخابات دليل آخر على التفوق المغربي في التحكم في جائحة كورونا مما جعله يحتوي بشكل ناجح الكثير من تداعياتها السلبية سواء على الصعيد الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي أو الحقوقي".

 

(المصدر: موقع "شوف تيفي")