الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

الحسن زهور: هل غير قيس سعيّد سياسة تونس اتجاه الصحراء المغربية؟

الحسن زهور: هل غير قيس سعيّد سياسة تونس اتجاه الصحراء المغربية؟ الحسن زهور
استقبل الخميس 19 غشت2021 الرئيس التونسي قيس سعيد وزير الشؤون الاجتماعية والوزيرة المكلفة بتسيير الاقتصاد والمالية والاستثمار.
فيديو اللقاء الذي نشرته قناة (بيبي سي) البريطانية في أخبارها لهذا اليوم الجمعة الساعة الثانية بتوقيت المغرب، ظهر فيه الرئيس بمكتبه الرئاسي ووراءه خريطة تونس وفي أسفلها داخل الإطار إطار خريطة صغيرة هي خريطة المغرب الكبير وبها أسماء الدول الأساسية المغرب والجزائر وتونس وإشارة إلى ليبيا بإظهار جزء منها دون ذكر موريتانيا.
الخريطة الرسمية في مكتب الرئيس الرسمي توحي بعدة دلالات سياسية. توحي من النظرة الأولى بأن تونس الرئيس قيس غيرت من تبعيتها للجزائر سنوات حكومته الإسلامية لتقف الآن على الحياد الإيجابي لصالح المغرب.
هذه الخريطة توحي بقراءات وبدلالات أكثر عمقا، فوضع الخريطة وراء الرئيس وفي مكتبه الرئاسي بهذه الطريقة هي رسائل سياسية لمن يهمه الأمر حول السياسة الخارجية لتونس الآن في إطار المغرب الكبير، منها:
1- الرسالة الأولى، هي رد سياسي على سياسة حزب النهضة الإسلامي الذي حكم البلاد، والذي مال بتونس إلى المحور الجزائري مقابل بعض المعونات المالية ومنها إعلان الجزائر سابقا بأنها ستوفر لقاح كورونا لتونس، لذلك أخرج الغنوشي وحزبه الإسلامي الحاكم تونس من موقفها الحيادي (لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، مع أن موقف تونس العاطفي والتاريخي مع المغرب) ليصطف إلى جانب الجزائر عندما دعا في تصريحه الشهير لإقامة مغريه العربي مستثنيا منه المغرب، وهو بهذا يقول الرئيس التونسي بأن سياسته الخارجية ستتغير.
- الرسالة الثانية: طمأنة المغرب الجار والعضو الأساسي في المغرب الكبير على أن سياسة تونس عادت إلى سابق عهدها مع الرئيس قيس ومع عهده الجديد الذي جمد فيها البرلمان النهضوي، وحكومة النهضة الإسلامية، أي الحياد الإيجابي، عكس موريتانيا التي تروج بخطاب الحياد وفي نفس الوقت تعترف بالبوليزاريو ودولتها الوهمية.
- الرسالة الثالثة: هي أن الأعمدة الأساسية للمغرب الكبير هي ثلاثة: المغرب والجزائر وتونس (الخريطة غيبت موريتانيا) وبالتالي ضرورة وحدة هذه البلدان واي طرف آخر يعترف بالتجزئة فلا محل له في الوحدة ما دامت سياسته تكرس التجزئة، كحالة موريتانيا (وهذه الرسالة الثالثة مجرد أمنية).
- الرسالة الرابعة: ما معنى أن يوضع مصطلح الصحراء في جنوب الجزائر دون حدود جغرافية، ودون تحديدها هل هي الصحراء الجزائرية؟ أم الصحراء الكبرى؟ ودون الإشارة إلى الصحراء المغربية وإلى موريتانيا؟ مع أن شكل الخريطة يوحي بأنها توقفت عند أفني أو طرفاية، لكن ما يهمنا نحن هو مصطلح الصحراء في خريطة الرئاسة التونسية كمصطلح سياسي مبهم، فهل هي رسالة سياسية إلى الجزائر بأن صحراءها بدورها مشكوك فيها إلى أن يتم حسم النزاع بين المغرب والجزائر حول الصحراء المغربية، سؤال فقط مستخلص من مصطلح الصحراء العاري من هويته. فهل هذا المصطلح يوحي بأنه سيرجع إلى هويته الجزائرية حين تعترف الجزائر بالصحراء المغربية؟
فخريطة المغرب الكبير تحمل اسم الصحراء عارية من الانتماء، لكنها تنتمي إلى هذا المغرب الكبير.
هذا التغيير في سياسة تونس من موقفها من المغرب الكبير يظهر نجاح السياسة الخارجية للمغرب لمصلحة وحدتنا الترابية بعد نجاحها في ليبيا، معلنة تفتت محور الجزائر الذي بنته بالمال والإغراءات، لتفقد مواقعها الأساسية الواحدة تلو الأخرى في شمال أفريقيا بعد أن فقدت الكثير من مواقعها في وسط أفريقيا وجنوبها لصالح المغرب، وهذا ما يفسر الحملة الإعلامية الضخمة التي رافقت زيارة وزير الخارجية الجزائري إلى مصر وأثيوبيا للتوفيق بينهما في مشكل سد النهضة لاستمالة البلدين إلى محور الجزائر، لكن المحاولة أخفقت.
نتمنى لتونس أن تستعيد قوتها وعزتها وأمازيغيتها لتستقل بقرارها الوطني رغم الضغوط والإغراءات التي تمارسها عليها الجزائر.