الخميس 28 مارس 2024
فن وثقافة

بلقايد: الكَناوية.. الحاضنة الفنية للعيطة الحوزية وباقي فنون الحوز

بلقايد: الكَناوية.. الحاضنة الفنية للعيطة الحوزية وباقي فنون الحوز الحضرة الكَناوية

يشير الباحث عبد العالي بلقايد في هذا المقال أن الموسيقى "اَلْـﯖْنَاوِيَةْ" هي المناخ الفني والموسيقي الذي "لعب دورا أساسيا في نشأة العيطة الحوزية، باعتبارها وليدة محيط سوسيو ثقافي تفاعلت فيه الكثير من الأنماط والطقوس الفنية التي تدل على الغنى الثقافي والحضاري لهذا المحيط"، حيث يعتبر اللون "لـَﯖْنَاوِي" واحدا منها.

 

استهلال بقصيدة ذات نفحة صوفية/ ﯖناوية

"لَا إِلَهَ إِلَّا اَللهْ

نَطْلَبْ رَبِّي وَنْصِيبُو

مَاذَا تْسَارِيتْ بِينْ لَجْبَالْ

مَاذَا قْطَعْتْ بِينْ اَلْوِيدَانْ

نْزُورُو مُولَايْ عَبْدْ اَلسَّلَامْ

مُولْ شَاشَةْ مُولْ لَمْقَامْ

حْبِيبِي وَحْبِيبِي

وَحْبِيبِي وَنَبْينَا

حْبِيبْ اَلنَّاسْ كُلَهُمْ

يَا شَافِي يَا عَافِي

يَا اَلْبَارِي تَعَالَى

جُدْ بِالُّلطْفْ اَلْخَافِي

وَأنْتَ اَلْعَالَمْ بِالْحَالَةْ

يَا بْعَيْنِي رَيْتْ سْبَعْ

فِي غَابَةْ خَلْوِيَةْ

وَمَنْ اَلنُّورْ مَنُّو يَسْطَعْ

حُبِّي هُوَ وَلِيَّا

لَا إِلَهَ إِلَّا اَللهْ

نَطْلَبْ رَبِّي وَنْصِيبُو"

 

لقد تميزت منطقة الحوز بكونها فضاء ثقافيا تفاعل فيه المكون الأمازيغي، والأفريقي على حد سواء، وأعطى أنماطا تجمع بين المكونين معا، أي الأمازيغي، والعربي، مثل نمط "حُمَّادَةْ"، الذي تعني في واحد من معانيها منتهى الحمد، وتحميد الله، فجاءت بذلك مفعما بمدح الرسول، عليه السلام مثل سائر باقي الألوان، كالفن اَلـﯖْنَاوِي الذي ردد جل غناءه في مدح خير البرية محمد رسول الله عليه السلام، وباقي الأولياء،  بل ارتبط فيما ارتبط به بزاوية سيدنا بلال، كباقي الأنماط سواء الأمازيغية أو العربية، التي لا تحيد واحدة منها عن هذه الميزة. وهذا طبيعي في مجال للزاوية دورا محوريا في ضبط علاقات القوة، بتفعيل دورها التحكيمي.

 

وقد ارتبط الغناء بالرقص، الذي يستثمر الجسد وحركاته لغاية خلق ذلك الطقس، المستحضر للرسول والأولياء لغاية حيازة العون، لمواجهة هشاشة المجال وتحدياته. ولقد خصص "ﯖْنَاوَةْ" ليلة لنمطهم، فيه مناجاة مع عوالم لا مرئية، كما خصص شيوخ "اَلْمْخَالِيفْ" ذات تاريخ موسما لفن العيطة، وربطها "عْبِيدَاتْ اَلرْمَا" بمدينة بن جرير بموسم بَنْ عَزُّوزْ، مثل اَلطَّلْبَةْ، وأَوْلَادْ اَلْمُوجِيبْ، كرجال للحضرة الصوفية، فكان بذلك موسما لـ "اَلرْمَا وَالطَّلْبَةْ"، والصوفية.

 

النفحة الصوفية ميزت كذلك الدقة المراكشية، التي خصتها بليلة لها مكانة متميزة عند المسلمين، وهي ليلة عاشوراء حيث، في تاريخ ما، كانت مراكش تتحول إلى مهرجان، يعم جميع حواري الحمراء، التي تكتنفها الموسيقى، ولا شيء غير الموسيقى، بموازين الدقة، شريطة عدم الشدود عن الميزان، فكل من حاد عنه يقصى من المشاركة، وبذلك كان للحضارة المغربية تفرد خاص، باحتفالاتها الدينية، التي كانت تعطيها بعدا فرجويا، واحتفاليا، عكس المشرق الذي كان يعطيها بعدا دراميا، في بعض البلدان...