الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

فاطمة الزهراء علام: مؤتمر الدول الأطراف يعتمد "إعلان مراكش بشأن منع الفساد"

فاطمة الزهراء علام: مؤتمر الدول الأطراف يعتمد "إعلان مراكش بشأن منع الفساد"

انعقدت في فيينا أعمال الدورة السابعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ما بين 6 و10 نوفمبر 2017، بمشاركة ممثلي الدول الأطراف في الاتفاقية، وعدد من المنظمات الدولية المتخصصة في مجال الشفافية وحماية النزاهة ومكافحة الفساد. وقد اعتمد المؤتمر قرارا تقدم به المغرب يتضمن آليات تنفيذ "إعلان مراكش بشأن منع الفساد"، حيث حاز على دعم عدد كبير من الدول من المجموعة الأفريقية ومجموعة ال 77 والصين والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى دول أخرى مثل الأرجنتين والفلبين والمكسيك واليابان والهند والولايات المتحدة...

والجدير بالذكر أن "إعلان مراكش بشأن منع الفساد" انبثق عن الدورة الرابعة للمؤتمر، التي انعقدت بمراكش ما بين 24 و28 أكتوبر 2011، والذي طلب من الدول الأطراف أن تشجع على القيام بأنشطة ثنائية وإقليمية دولية ترمي إلى منع الفساد، وأوصاها بحمل عالم المال والأعمال على منع الفساد من خلال اتخاذ مبادرات لتعزيز أنظمة الصفقات العمومية وتنفيذها، عند الاقتضاء، بما يتسق مع مقتضيات الاتفاقية. وطالبها باستخدام الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد كإطار لوضع ضمانات محددة، ومكيفة حسب الاحتياجات، لمكافحة الفساد في القطاعات الأشد عرضة له. وحثها على نشر الوعي لدى الرأي العام بشأن الفساد والقوانين واللوائح المتعلقة بمكافحته، وضمان حق الأشخاص في الاطلاع على المعلومات الخاصة بإدارتهم العمومية. وناشدها أن تولي عناية خاصة بالشباب بإشراكهم في مبادرات منع الفساد، وأن تدرج برامج تعليمية، متلائمة مع أنظمتها التربوية، تغرس في المتعلمين قيم النزاهة، وشجعها على أن تدمج سياسات مكافحة الفساد في استراتيجيات منع الجريمة وإصلاح العدالة الجنائية ومخططات إصلاح القطاع العام، وكذا في ما يتعلق بالبرامج والمخططات التنموية .

وقد تميزت الدورة الرابعة للمؤتمر بالرسالة التي وجهها الملك محمد السادس إلى المشاركين في المؤتمر، والتي أعلن فيها أن التغيــرات العميقــة الــتي حدثت في مختلف أنحاء العالم، قد أحيـت آمـالا كـبيرة في تعزيـز القـيم الأخلاقيـة والشفافية والمساءلة والنـزاهة والحكامة الرشيدة. وأبـرز مـا للفـساد مـن أثـر سـلبي على الجهـود الراميـة إلى بلـوغ الأهـداف الإنمائيـة للألفيـة على الصعيد الدولي، داعيا إلى تنسيق جهـود مكافحة هذه الظـاهرة. وقـدم عرضـا للإصـلاحات الـتي قـام بهـا المغـرب ضـمن إطـار عمليـة عميقـة لإصـلاح الدولـة والمجتمـع وإرسـاء الديمقراطيـة فيهمـا، مشيرا إلى أن دستور 2011 قد جعل الحكامة والمساءلة ضمن مبادئه، وأقر بمبدأ سمـو الاتفاقيات الدولية، التي صدق عليها المغرب، على التشريعات الوطنية. وأن المغرب اعتمد تـشريعات جديدة وأجرى إصلاحات دستورية دعمت مكانة الهيئة الوطنية للنـزاهة والوقاية من الرشـوة ومحاربتــها. ودعــا الملك إلى إنــشاء تحــالف دولي للدول الأطراف في الاتفاقية، يهدف إلى توسيع المشاركة في تنفيذها وضمان انـضمام جميـع الـدول إليـها، وتعهد بأن المغـرب سيعمـل علـى التـشجيع على الانضمام إلى الاتفاقية وتعزيز الوعي بأبعادها العالمية والإنسانية. ودعـا إلى تـدعيم المـساعدة التقنيـة المقدمـة في مجـال منـع الفـساد ومكافحتـه، وإنـشاء مرصد دولي يتولى جمع البيانات ذات الـصلة بالفـساد وتحليلـها وتـدوين الممارسـات الجيـدة في هذا المجال، وجعل تلـك المعلومـات متاحـة للـدول الأطـراف في الاتفاقيـة دعمـا لبرامجهـا الإصلاحية. وأكد علـى أهميـة التعـاون الـدولي في مجـال التوعيـة والتثقيـف، وعلـى ضرورة ضمان مساهمة المجتمع المدني ووسائل الإعلام مساهمة فعالة في هذا المجال. وأعرب عن أمله في أن يؤكد القرار المعنون "إعـلان مـراكش بـشأن تدابير منـع الفـساد" وسـائر القـرارات الـتي سـيعتمدها المـؤتمر في دورتـه الرابعـة تـصميمَ الـدول الأطراف على مكافحة الفساد .

المثير للاستغراب حقا هو أنه ما بين مؤتمر مراكش سنة 2011، الذي احتفى بالرسالة الملكية حول سبل مكافحة الفساد، ومؤتمر فيينا سنة 2017، الذي اعتمد القرار المغربي، كان خطاب العرش في يوليوز 2017 الذي عدد فيه عاهل البلاد أعطاب الإدارة المغربية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن التوجيهات الملكية في واد وممارسات الإدارة العمومية في واد آخر، وهو أمر يسيء لسمعة المغرب الدولية ويظهره بمظهر الدولة التي تدعي مكافحة الفساد دون اتخاذ الإجراءات اللازمة للقضاء عليه.