الجمعة 3 مايو 2024
كتاب الرأي

عياد بلا: غرابيب دهم تحلق تحت سماء أسا

عياد بلا: غرابيب دهم تحلق تحت سماء أسا

عدت اليوم إلى مسقط رأسي وأول من كان في استقبالي غرابيب الكآبة كعادتها، مظهر جلي اكتسى لون السواد، وطغت حلكته بين الأشخاص والأشياء واللحظات والأقوال وحتى الأرواح... الكل ينتحب... هنا أب يبكي ابنته... هناك أم تبكي ابنها... وهنالك مدينة تبكي حظها العاثر... أن يقتل ثلاث شبان في ريعان الشباب وآخرون "مجرحون" في مدة قياسية بدراجات نارية كأننا أمام مدينة مليونية لهو الخزي المبين ولهو الخطر الداهم... أن يقتل هؤلاء بدم بارد ولم يجف بعد دم "رشيد" وقبله مئات الشهداء.. لدليل ساطع في زمن العتمة على الاستهتار بالإنسان الذي كرمه الله... هل الزلزال الذي أطاح برؤوس وزراء ومسؤولين وعمال عندما فرطوا في منارة المتوسط كما أطلقوا عليها… لم تصل ارتفاع درجاته على سلم "ريشتر" إلى أسا الزاك فوهة النار رغم استباحتها وسرق الاعتمادات التي خصصت لتأهيلها والتواطؤ المفضوح على أن تكون هذه المنطقة المنكوبة وكر للمخدرات وقتل بطيء لشبابها باستهدافه في المقتل وإنتاج زمرة من الجُهل فلا محاضن تربوية تأويهم ولا أنشطة هادفة تلهيهم.. ولا شعار يرفع سوى "السيبة" وترك الأمور على عواهنها حتى أصبحنا نعيش حالة من الفوضى والاستخفاف واللاقانون... لم يشفع لها دم أبنائها المراق على عتبة الذل والهوان.. أم أن التقارير المفبركة التي تنجز في دهاليز اللجان –المرشاة- لم تعكس سواد الواقع الذي كتب وصفه بالحبر الأبيض.. وهل ننتظر أن تحلق الغربان تحت سماء أسا معلنة على موت ما بقي من شرف وكرامة... أم أن الحزن يبقى سيد الموقف.. وليس لنا إلا أن نقول: حسبنا الله ونعم الوكيل لنستقبل الصدمات بصدر رحب... وليس لنا سوى فرجة ممتعة لفيلم تراجيدي درامي ساهمنا في صناعته بصمتنا أو بتواطؤنا... أو أن نرفع أكف الضراعة للمولى عز وجل – في الفيسبوك أو في خوالجنا- أن يتغمد من مات برحمته ونحن لا نعلم أننا أموات نعيش هوس الحياة.