الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

أحمد الحطاب: الإسلام دين يُسر و ليس دين عُسر

أحمد الحطاب: الإسلام دين يُسر و ليس دين عُسر أحمد الحطاب

أولا وقبل كل شيء، أنا شخصيا، أومن إيمانا راسخا بأن الدين الإسلامي الحق هو الذي جاء به القرآن الكريم والسيرة النبوية التي لم يتدخَّل فيها الفقهاء المتطرّفون الذين حرَّفوا مقاصدَها لأسباب شخصية أنانية أو كذلك لأسباب سياسية واجتماعية.

 

ثانيا، أومن كذلك إيمانا راسخا أن التَّديّن يجب أن يكون أمرا محصورا بين الخالق والمخلوق، أي أن هذا التَّديُّنَ يجب أن يكون عموديا وليس أفقيا كما يريد بعض الفقهاء الذين، باسم الدين، يريدون أن يكونوا أوصياء على الناس ويتحكَّموا في حياتهم. فرق كبير بين فقيه يريد أن يساعدَ الناس على الهداية وفقيه يريد أن يبسط سيطرتَه عليهم بالتخويف والتَّرعيب وكأنه يملك مفاتيحَ الجنة وجهنَّم.

 

ثالثا، أومن إيمانا راسخا أن هناك فرقا كبيرا بين مَن يعبد اللهَ بعقل متنوِّرٍ و مًن يعبده بعقل مُتَحَجِّر. العقل المتنوِّر يرى في عبادة الله تقديرا لعظمتِه في خلق الكون وما فيه. هذا الكون المتناغم، المتجانس والمُتوازن في استقراره واستمراريته. كون ليس للصُّدفة فيه مكان. كل شيء له غاية و كل غاية تساهم بطريقة أو أخرى في هذين الاستقرار والاستمرارية. أما العقل المتحجِّر، إما أن يكونَ من أولئك الذين لا يفقهون في الدين إلا سطحَه أو من أولئك الذين، لحاجات في نفس يعقوب، يلجؤون للغُلوِّ والشَّطط في تفسير وتأويل التَّعاليم الدينية علما أن الديانات السماوية جاءت لإخراج البشر من الظلمات إلى النور. ولا ننسى أن الله سبحانه وتعالى، في العديد من آيات القرآن الكريم يوجِّه كلامَه لأولي الألباب. والألباب هي العقول التي تميِّز بين الحق والباطل وبين الخير والشر وبين الطيب والخبيث… العقل هو سرُّ وجود الإنسان علما أن هذا العقل، إذا لم يقترن بالحكمة والتَّبصُّر، فلا نفْعّ فيه ومنه.

 

رابعا، أومن إيمانا راسخا أن الديانات السماوية جاءت لإسعاد البشر وليس لقهرهم واستعبادهم والسيطرة على عقولهم. وحتى الديانات الوضعية جلًّها يسعى إلى إسعاد البشر وذلك بتبني مبادئ أخلاقية تساعد على التَّعايش والتَّساكن. فكيف لبعض البشر نراهم يجتهدون اجتهادا جنونيا ليجعلوا من الدين جحيما لا يُطاق يسود فيه التَّخويف و التَّرعيب وكأن هؤلاء البشر يملكون الحقيقة المُطلقة ولهم عقول قادرة على التَّوغُّل في الغيبيات. فإذا كان الله عز وجل يريد الخيرَ لعباده، فكيف لمخلوقات لا حول ولا قوة لها أن تنهجَ اتجاها معاكِسا؟

 

خامسا، كل عقل تدبَّرَ و تمعَّنَ في القرآن الكريم، سيجد ما يكفي من الإشارات والآيات والتَّنبيهات تبيِّن بوضوح أن الدين الإسلامي دينُ يُسرٍ وليس دين عُسر. لقد قلتُ أعلاه إن الديانات السماوية جاءت لإسعاد البشر. فكيف للخالق سبحانه وتعالى، الذي جعل الدينَ إسعادا للبشر أن يجعل من نفس الدين دينَ قهر وإكراه؟ ألم يقل سبحانه وتعالى :

 

- لا إكراهَ في الدين… (البقرة، 256)

- سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (الطلاق، 7)

- فإن مع العُسر يسرا… (الشرح، 5)

- يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ… (البفرة، 185)

- اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ… (الشورى، 19)

- لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ (الغاشية، 22)

- فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ… (الكهف، 29)...

 

إن دلَّت هذه الآيات على شيء، إنما تدلُّ على أن الله سبحانه وتعالى خلق الناسَ أحرارا لكن زوَّدهم بالعقل ليختاروا بين الإيمان والكُفر. يقول المثل المغربي: "كل الشاة تْعَلّق من كْرَاعْها"، أي أن كل إنسان مسؤول عن تصرفاته وسلوكاته وأعماله ولن يُحاسبَ أحدٌ غيرُه عليها.

 

أليس دينُنا الحنيف دينَ يُسر كما أراده الله لعباده؟

 

- أحمد الحطاب، فاعل مدني