الثلاثاء 16 إبريل 2024
سياسة

كمال السعيدي يكشف خلفيات فك حزب منيب الارتباط الانتخابي مع فدرالية اليسار

كمال السعيدي يكشف خلفيات فك حزب منيب الارتباط الانتخابي مع فدرالية اليسار كمال السعيدي، ونبيلة منيب
أثار سحب الحزب الاشتراكي الموحد، لاسمه من لائحة التحالف الانتخابي لفيدرالية اليسار، رجعة وردود فعل متباينة في الوسط اليساري المغربي.
في هذا الإطار تبسط " أنفاس بريس" موقف الدكتور كمال السعيدي، عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد من هذه الهزة " السياسية":
 
* تواجه الأحزاب انتقادات بكونها لا تتوفر على برامج مضبوطة ولا على تصورات عملية قابلة للتطبيق؛ في وقت نجد فيه أحزاب فدرالية اليسار الديمقراطي عجزت حتى في الاندماج بالأحرى الحديث عن البرنامج؟
المشكل القائم اليوم داخل فيدرالية اليسار ليس مشكل برنامج لأن أحزاب الفيدرالية من الأحزاب القليلة التي لا زالت تعطي أهمية لقضية البرنامج سواء تعلق الأمر بجوانبه التدبيرية والتقنية أو التأسيسية السياسية والدستورية، على عكس باقي الأحزاب التي وقعت على التزام تتقيد بمقتضاه بالبرنامج الذي أعدته لجنة النموذج التنموي وستخرج كعادتها في الحملة الانتخابية للتسويق لبرنامج مستنسخ تعلم جيدا أنها ستضعه في الرف بمجرد انتهاء الانتخابات ..
مشكل الفيدرالية اليوم يقع في مكان آخر ويحتاج شرحا مطولا سيأتي دوره لذلك سأكتفي هنا ببعض التوضيحات كما عايشتها لعلها تقرب القارئ والمهتم من الصورة ..
كان مفترضا أن يتم تحقيق الاندماج بين مكونات الفيدرالية مع الانفتاح على محيطها من الفعاليات قبل الانتخابات بسنة على الأقل لكن بدا أن هناك توجها داخل الحزب الاشتراكي الموحد يطالب بتأجيل الاندماج إلى ما بعد الاستحقاقات لمزيد من إنضاج الشروط وقد تمت ترجمة هذا التوجه بشكل ديمقراطي إلى قرار من المجلس الوطني، وقد أعتبر الحزبان الحليفان أن هذا القرار قد اتخذ دون التشاور معهما لأنه ليس من حق كل حزب على حدة أن يحدد توقيت الاندماج ومع ذلك فقد تم القبول بهذا القرار الذي اتخذه الحزب الاشتراكي الموحد، لكن الحزبان طرحا بالمقابل علينا داخل الهيئة التنفيذية ثم الهيئة التقريرية (خاصة بعد أن لاحظوا أن هناك نوع من المماطلة وشعور بعدم الثقة ) أن نعطي ضمانات بأن هذا المسار هو مسار جدي ولا رجعة فيه وذلك من خلال الالتزام الجماعي بعدم عقد مؤتمرات الأحزاب العادية والالتزام بسقف محدد للاندماج، وإعلان ذلك للرأي العام والمصادقة عليه داخل المجالس الوطنية للأحزاب الثلاث .. لكن الأمينة العامة ومعها أغلبية نسبية داخل المكتب السياسي للحزب رفضت عرض توصيات الهيئة التقريرية على المجلس الوطني الذي لم ينعقد إلى حدود الآن بعد أكثر من سنة ونصف عن آخر دورة .. هذا الموقف عمق أزمة الثقة داخل الفيدرالية وحتى داخل الحزب وخاصة الأغلبية التي أوصلت نبيلة منيب إلى الأمانة العامة وسمحت لها بتشكيل مكتب سياسي لا يعكس حقيقة الواقع التنظيمي والسياسي للحزب ..
كان متوقعا بعد ما حدث وخاصة بعد أن تم التعامل باستخفاف من طرف الأمينة العامة مع محاولات الرفيق بنسعيد لرأب الصدع داخل الحزب والفيدرالية، أن تتعمق أزمة الثقة وأن تصبح مفاوضات تدبير المحطة الانتخابية غاية في الصعوبة لأنها أصبحت تخاض بمنطق غير وحدوي وبدون تنازلات طالما أن الأفق غير واضح وغير مضمون ..
وأصبح الحزب الاشتراكي الموحد منقسما الى طرفين، طرف يعتبر أن القرارات التي تتخذها الأمينة العامة منفردة أو مدعومة بأغلبيتها داخل المكتب السياسي ملزمة للجميع وطرف يعتبر أن الملزم ضمن ما يقرر داخل المكتب السياسي هو ما لا يتعارض صراحة مع مقررات المؤتمر والمجلس الوطني وأن يتم إنضاجه داخل مؤسسة المكتب السياسي لا خارجها حتى لا تتحول المؤسسة القيادية إلى غرفة تسجيل فقط كما أصبح عليه واقع الحال وخاصة قرار الانسحاب من التحالف الذي تم إنجازه والتداول فيه خارج المكتب السياسي قبل أن يطرح عليه بشكل استعجالي لاستصداره باسمه.
 
أليس الاختلاف الواقع بين مكونات فدرالية اليسار الديمقراطي في طريقة المشاركة في الانتخابات وانسحاب الحزب الاشتراكي الموحد هو دليل على أن الصراع هو حول البحث عن مكاسب انتخابية قبل "نضج "شروط الافكار والبرامج؟
لا أستطيع إنكار أن هناك صراعات داخل الأحزاب على بعض المواقع الانتخابية حيث يشتد التنافس إما لقوة هذا الحزب أو ذاك أو كونها دوائر سهلة ويمكن الحصول على مقعد بها بمجرد الحصول على التزكية كما هو حال الدائرة الجهوية للبيضاء ، لكن هذا الأمر ليس هو السبب الوحيد لما وقع ودفع إلى فك ارتباط الحزب مع الفيدرالية من طرف المكتب السياسي، هناك سبب ثاني قد لا يقل أهمية وهو شعور جزء من قياديي الحزب بأن الاندماج يهدد مصالح البعض التنظيمية ويهدد كذلك وفق رؤية بعض آخر بتبديد هوية مكون سابق داخل الحزب (له أهميته ونكن له ولرموزه كل الاحترام) يرى أن أغلبية المكونات التي ستشكل عماد الحزب الجديد تنحدر من تجربة تاريخية معينة ومختلفة عنه وفي تقديري هذا مجرد تبرير ونظرة محافظة لأن المفروض أن اليسار اليوم وخاصة الشباب غير معنيون بتلك الانحدارات إلا بكونها جزء من تاريخ بلدهم وأحزابهم تستحق الاطلاع عليها للاستفادة من نجاحاتها وإخفاقاتها مع الاحترام لنضالات أصحابها لا أكثر ..
كان الأمل معقودا على الفيدرالية لإنقاذ ماء الوجه خاصة بعد المشاركة المتميزة في انتخابات 2015 و2016 والحضور الميداني لمناضليها في كل الحراكات الشعبية دعما ومشاركة لكن واقع اليسار اليوم ليس على ما يرام .. أتمنى أن لا يقع لهذا اليسار المناضل( بعد فك الارتباط الذي حصل) ما وقع لنظيره في تونس وأن لا يتراجع إلى هوامش الهامش بسبب حسابات صغيرة وأخطاء كبيرة لبعض قادته الذين لا يراعون مصالح البلد وحاجته إلى يسار موحد وفاعل بقدر اهتمامهم بمصالحهم الخاصة وأحيانا بجودة صورهم في الإعلام وشبكات التواصل.