تستدعي معالجة عنوان إطلالة اليوم، مقدمة لقياس وتيرة السرعة بين الداخل والخارج، في حراك الريف. فعلى ضوء نجاح اليسارالديموقراطي بأوروبا في محاصرة الجمهوريين والانفصاليين هناك، وبالنظر إلى إرهاصات الأمل في نجاح مبادرة الدكتور عبد الوهاب التدموري (المنسق العام لمنتدى حقوق الانسان لشمال المغرب) للخروج من مأزق حراك الريف، انبرى كل المحسوبين على حركة 18 شتنبر لاستقلال الريف، للمزيد من جنون التجريح في حق الملك، و النهج الديموقراطي ،وإلياس العمري، وعبد الوهاب التدموري.
وعلى المستوى الميداني، تنظم "المنظمة الشعبية الريفية" التي يديرها عزوز ويوبا، يوم السبت 7أكتوبر 2017، وقفة احتجاجية أمام إقامة الملك بضواحي باريس،وهي الوقفة الاستفزازية التي تبرأت منها التنسيقية الأوروبية لدعم حراك الريف. وفي نفس اليوم سيسهر بوجيبار بهولاندا، على ميلاد تنظيم جمهوري ريفي خالص. وقد بارك بوجيبار وقفة باريس الاحتجاجية، وزكى بشكل خاص يوبا، هذا الأخير الذي أكد مؤخرا في إحدى خراجاته، على أنه في الوقت الذي سيتم فيه إفراغ حراك الريف من الفكر الجمهوري، سيموت الحراك.أما نوفل المتوكل بلندن، فقد أسس المركز/المرصد الدولي الريفي لحقوق الانسان، بوعي اللعب بورقة حقوق الإنسان التي تم الانتصار بها على المغرب -حسب زعمه-في جنيف، وبوعي سد الطريق على الجمعية المغربية لحقوق الإنسان،والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان،وقد اتهمهما بالتلاعب والسمسرة في القضايا الحقوقية للمواطنين المغاربة. حيث يظهر أن أذرع حركة 18 شتنبر لاستقلال الريف وهي تغير جلدها، هي في طريق التمدد بأذرع مختلفة. لكن يبقى اللافت في هذا، هو اعتبار المتوكل مؤخرا - وهو ينفي بشكل مضمر تورط حركة 18 شتنبر في في ربط الحراك بمخطط الانفصال- أن معتقلي الحراك، "لا علاقة لهم بأي جهة أو منظمة تدعو إلى الاستقلال. هي فقط مجموعة من النشطاء الجمهوريين الطائشين، مع الأسف قاموا باتصالات مع مجموعة الزفزافي وقالوا لهم:سنرسل لكم السلاح (..) لكن الزفزافي -حسب كلام المتوكل -كان إنسانا واعيا في نضجه، نظر للمسألة أنها لطائشين جمهوريين، رأوا فقط توريطه في مسألة الانفصال".
هذه الديناميه للراكبين على الحراك في الخارج، والذين يستغلون فيه حالة الجمود في الداخل ومنعرجات المسار القضائي، ووضعية إضراب المعتقلين، تفرض علينا بصدق البحث عن نافذة صحية لتهوية هذا الملف المحتقن جدا. وهنا سأبلور مقترحا، يتأسس على اعتبار أن اقتصار الحسم، على المستوى الأمني والقضائي في ملف الحراك، لن يجعل الأمر مختلفا عما حدث في 1984، في حين هناك أمل في أن تتم مقاربة هذا الملف بثقافة الشراكة السياسية بين الدولة والمجتمع، تحسب في عداد إشراقات العهد الجديد، وهي الادإشراقات التي ستعيد الثقة لذاتنا الجمعية، ونحن على وعي بقدرة المغاربة على التجاوز الواعي لعثرات سيرنا الجماعي، وبالتالي قدرتهم على تحويل انكسارات عابرة في هذا السير، الى انتصارات للوطن برمته، تضيىء بنموذجيتها، حتى من حولنا، من عوالم الجوار الانساني.
لذلك،وكما هو معروف، فإن ملف الحراك ،أمام استقالة الحكومة والوسائط السياسية، وبصرف النظر عن مساره القضائي، يوجد بيد الملك. وبالرغم من حجم السب المقرف، الذي طاله من جمهورري وانفصاليي الخارج، فإنه لم يغضب لشخصه، بل وجدناه يتعامل مؤسساتيا مع الموضوع، وقد أنصف الحراك في خلفيته الاجتماعية،لدرجة اعتبرناه،"حيلف" الحراك.
هذه الحكمة،التي تفرض على قادة الحراك التحلي أيضا بفضائل التعقل والحكمة، ولو من باب رد التحية بمثلها، تلهمنا جميعا رؤية الانتقال بحس الشهامة والنبل لدى الرجل، من المستوى الانساني، الى المستوى المؤسساتي، ضمن صلاحياته الدستورية كملك؛ وهو أن يعهد إلى لجنة مكونة من: المجلس الوطني لحقوق الانسان،وشخصية وطنية، وأحد مستشاريه، لمباشرة الاستشارات مع المعتقلين وعائلاتهم ورموز نخبة الريف التاريخية والدينية والسياسية والثقافية، ليتوج هذا الجهد الوطني، في إطار تعاقد سياسي، بإصدار عفو عام. فدينامية المبادرات المدنية في حاجة لمخاطب رسمي، لتجاوز المأزق الحالي، تغذية لروح الأمل في مستقبل عيشنا المشترك.
وهنا أضع مبادرة الدكتور التدموري لحل أزمة الحراك، بغاية تحصينها، ضمن عمل هذه اللجنة الملكية التي نتطلع إلى وجودها بامتنان، لاستيعاب ملف الحراك بشكل مشرف للجميع.وأعتقد أننا مع هذه اللجنة، لن نكون في حاجة للغة الحناجر في الشارع هذه المرة، بل لقوة الاجتهاد وإبداع الحلول. ولن نسأم من دعاء الخير!