الحديث عن الانتخابات بالمغرب ذو شجون. ومن هده الشجون المثارة حاليا نجد حديث الناس عن عملية الترحال الانتخابي بين الأحزاب ودعوات مقاطعة العمليات الانتخابية.
تثير عملية الاستقطاب الانتخابي التي تمارسها الأحزاب المغربية كثيرا من الشكوك حول جدية هذه الأحزاب وإيمانها بالعمل الحزبي كما هو متعارف عليه عالميا، خصوصا في الدول الرائدة ديمقراطيا.
في رأيي، إن هذا السلوك يعبر عن قصور كلي في فهم الانتماء السياسي والانخراط فيه، والذي يعبر ضمن ما يعبر عن رؤية الفرد المنتمي إلى واقع مجتمعه وما يعتمل فيه من مشاكل؛ فالانتماء تموقع طبقي وفكري وثقافي يعكس فهم الإنسان لمشاكل مجتمعه وتناقضاته ومحاولة الكشف عن العراقيل التي تعوق نموه وتطوره من المنظور السياسي والإيديولوجي الذي اختاره لذلك.
هذا المنظور أو زاوية النظر أو التموقع هو الذي جعل الأحزاب والتنظيمات الحزبية قديما، ومند نشأتها في العالم الغربي، تنقسم إلى محافظة وإصلاحية وثورية وراديكالية ويمينية ويسارية ...
أقول هذا لأن المرء يصاب بالعجز عن الفهم والإدراك، وهو يرى ما يحدث حاليا بالبلد من ترحال بين الأحزاب، يقوم به من يسمون خطأ أو صوابا بالسياسيين من منتخبين وقياديين بالأحزاب المغربية، حيث ينتقل أحدهم من تموضعه ضمن اليمين إلى اليسار، والعكس صحيح، دون خجل ودون مواربة.
والأمثلة معروفة وغزيرة هذه الايام، ولا حاجة لذكر الأسماء...
فكيف بمثل هذه التصرفات سنقنع كثيرا من المترددين عن الاشتراك في الانتخابات ترشيحا وتصويتا بصواب وجدية ما يقوم به البعض من تبخيس وتقزيم لهذه الآلية الديمقراطية، وبالتالي التساؤل عن جدوى هذه العملية.
ويبقى الاستفهام جديدا قديما متى يكف محترفي الانتخابات عن هذا السلوك الذي يصيب العملية الديمقراطية في مقتل، ألا وهو عزوف الناس عن المشاركة.
تبقى الدعوة للمقاطعة تعبيرا عن عدم إضفاء المشروعية للمؤسسات المنتخبة، وبالتالي سحب جزء من المشروعية السياسية للنظام، وهذه الدعوة تتبناها بعض المكونات السياسية المعروفة بعدائها للنظام المغربي.
لكنها في الواقع العملي تساهم في نجاح الفاسدين الذين يشترون ذمم الناس، وفي بسط سيطرة الإسلامويين الذين يتوفرون على قاعدة انتخابية صلبة.