الجمعة 20 سبتمبر 2024
كتاب الرأي

حيمري البشير: الوطنية ما تباع ما تشرى الوطنية في القلب

حيمري البشير: الوطنية ما تباع ما تشرى الوطنية في القلب

يجب أن نفرق بين الوطنية، وبين محاربة الفساد والاستبداد. البعض غاضته مواقف البعض من الفساد ومصادرة الحقوق، في وطن نناضل منذ سنوات من أجل انتزاع حقوقنا فيه، حقوق ضمنها الدستور وحرمتنا منها الحكومات المتعاقبة، ومن أجل وطن تسود فيه العدالة الاجتماعية، من أجل وطن لا مكان فيه للمحسوبية والزبونية وباك صاحبي. من أجل وطن لا يقهر فيه أحد ويسود فيه العدل والإنصاف، وطن طاهر من الرشوة والمرتشين.

عجبت لقوم يتهمون من ضاعت حقوقهم في وطنهم وصودرت أموالهم من طرف بارونات الفساد ولم تنصفهم العدالة، ويتخذون قرارا يعبر عن قمة غضبهم، قرار يصفون فيه الإدارة المغربية بالفساد والرشوة وكل الصفات المرفوضة، وينبهون الناس بعدم الاستثمار لهذه الأسباب، الفساد الذي دفعهم لاتخاذ هذا الموقف، وهو سليم تحدث عنه الملك في خطبه وذكره بالواضح بأن الإدارة ليست في مستوى تطلعاته شخصيا وتطلعات الشعب المغربي، وذكر بالواضح أن الموظفين مقصرون ولا يقومون بما يملي عليهم القانون والواجب والحس الوطني. عندما يصرح ملك البلاد بأن المواطن يلتجئ إليه للإنصاف واسترجاع حقوقه فمعناه أن هناك تقصير من جهات عدة من الإدارة من جسم القضاء ووووو. لا يجب أن نتهم المتضررين الذين فقدوا أموالهم في المغرب من خلال شراء عقارات، بالخيانة وقلة الحس الوطني، عندما ينبهون الناس بعدم الاستثمار في المغرب. إذا كُنتُم حقيقة تتابعون ما يجري فمغاربة العالم في كل الجهات في المغرب نددوا بما يجري من فساد وطالبوا باسترجاع أموالهم، وإذا كُنتُم فعلا تتابعون ما يجري من نقاش على مستوى الصفحات الاجتماعية ففيه ما يكفي من أدلة تؤكد تعرض العديد للسرقة والنصب ورفعوا قضايا في المحاكم ولم يتم إنصافهم.

المطالبة بالحقوق التي ضاعت في وطن نحبه جميعا ولستم أنتم وحدكم يا من تتهمون المطالَبين باسترجاع ما ضاع منهم بالخيانة الوطنية، هي عندما تطالب بالعدالة الاجتماعية، ونزاهة القضاء. الوطنية هي عندما تقف في وجه المفسدين وتطالب بمحاسبتهم، الوطنية هي عندما تناضل من أجل أن يرقى بلدك لمصاف الدول النامية والديمقراطية.

وحتى نزرع في الجيل المزداد في الغرب حب الوطن، يجب أن يلمس فيه المبادئ والقيم التي تربى عليها في بلدان الإقامة، يجب أن يلمس وطنا تسود فيه العدالة والإنصاف، وطنا تكون فيه الإدارة خالية من الزبونية والمحسوبية، وطنا يحترم فيه المواطن، ولا تنتهك فيه حقوقه، وطنا ينصف المرأة، وطنا تغيب فيه الحكَرة، وتسود فيه القيم الإنسانية.

عندما يطالب البعض بعدم الاستثمار في المغرب، فإنهم يحذرون الغافلين، وهي وسيلة ضغط على المسؤولين. في نفس الوقت

ليس من حق أي كان أن يعطي دروسا للآخر في الوطنية، وأولادنا الذين ازدادوا وترعرعوا في الدنمارك، لن يقبلوا العديد من الممارسات التي يرونها يوميا في كل مناحي الحياة في المغرب، ولن نستطيع إقناعهم بحب الوطن الذي يمارس عليهم فيه كل السلوكات والصور التي لم يتعودوا عليها في بلد الإقامة.

لا تعتقدوا أنكم تحبون المغرب أكثر منا، أو قدمتم لهذا الوطن ما لم نقدمه، نحن والذين صرحوا ما صرحوا به في حالة غضب تجاه الوطن، فهم وطنيون وإقناع الجيل المزداد بالغرب بحب الوطن لن يكون إلا من خلال ما يلمسونه في عطلهم.