في سياق الدخول السياسي المقبل الذي يتميز بضبابية بحكم عدم معرفة ما سيؤول إليه مؤتمر الإستقلاليين والبيجيديين، وما إذا كان فعلا سيتم تثبيت نزار بركة على رأس حزب علال الفاسي خلفا لحميد شباط؟، ثم هل سيمنح عبد الإلاه بنكيران ولاية ثالثة لقيادة حزب "المصباح" من جديد؟. في هذا الإطار، تفتح "أنفاس بريس" النقاش مع فاعلين سياسيين وجامعيين حول توقعاتهم للمرحلة القادمة من هذا الدخول السياسي. وضمن هؤلاء محمد العسري، عضو المجلس الوطني للمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، الذي أغنى معطيات التفاعل بهذه المساهمة:
"حراك الريف كان له أثر سيء جدا على الواقع الحزبي ببلدنا، حيث لم تعد الجماهير تثق في خطابات الأحزاب، بعد أن اتضح لها أن الوعود التي تقدمها لهم خلال الإستحقاقات الإنتخابية المختلفة تتبخر عندما تصل إلى الحكومة، وآخر تجربة عاشها المغرب، كانت عندما تحمل بنكيران رئاسة الحكومة، ولم يف بالوعود التي قدمها للناخبين.
وإذا كان المغاربة يعرفون أن جميع الأحزاب السياسية المغربية قد تعاقبت على تدبير الشأن العام، ولم تنتج غير الكوارث والمصائب التي عرقلت حركة التقدم والتنمية وساهمت في فرملة عجلة التوجه نحو تحقيق الديمقراطية الحقيقية، في الوقت الذي استفاد زعماؤها من الريع والامتيازات والمناصب والكراسي والمكاسب إلى جانب عدد كبير من أتباعها المقربين..!!.
إن توظيف العمل السياسي للوصول إلى تحقيق مطالب شخصية انتهازية أثر على أداء الأحزاب التي شاركت لحد الآن في الحكومات المتعاقبة على تسيير شؤون البلاد والعباد، وهو ما جعلها غير قادرة على القيام بوظيفتها الأساسية في الوساطة بين الإدارة والمواطنين، وهو ما برز جليا في حراك الريف، حيث بقيت تتفرج على الأحداث بدل أن تتدخل للمساعدة على إيجاد الحلول المناسبة لها.
أما فيما يتعلق بالدخول الإجتماعي في خريف 2017 فكل المؤشرات تنبيء بأنه سيكون ساخنا في ظل الأزمة المركبة والمعقدة التي يواجهها البلد،والتي تتمثل في ارتفاع مستوى البطالة، حسب تقرير المندوبية السامية للتخطيط، وضعف وسوء الخدمات الصحية، و استفحال أزمة التعليم والسكن، وغلاء أسعار النفط على الرغم من انخفاض أثمانه على الصعيد العالمي، بالإضافة إلى كون الحكومة الحالية تعتزم إلغاء الدعم عن غاز البوتان والسكر، والآثار الناتجة عن تعويم الدرهم قبل دخول التعويم حيز التنفيذ، بحيث تقلصت احتياطات البلد من العملة الصعبة، وتراجعت قيمة الدرهم، كل ذلك يوحي بأن الدخول الإجتماعي المقبل لن يكون سهلا نتيجة غياب إرادة فعلية لمحاربة الفساد وتطبيع جميع الاحزاب التي شاركت إلى اليوم معه والإستفادة منه..!!.
وهو واقع رفع من مستوى استياء الشعب منها، وأدى إلى بروز صراع داخل قياداتها بحيث تم أبعاد مزوار أو تعويضه بأخنوش، والأمور ترتب داخل حزب الاستقلال لإبعاد شباط بعد ما أصبح غير مرغوب فيه بعد تعدد خرجاته غير محسوبة العواقب التي جنت عليه غضب السلطة، ولا ننسى الغليان الداخلي الذي يعيشه البيجيدي بسبب إعفاء بنكيران وتكليف العثماني بتكوين الحكومة الجديدة وما أحدثه من تصدع وخلافات داخل التنظيم، والتي وصلت درجة الإرتباك في دعم بنكيران أو العثماني، وهو ما أصبح يقتضي تغيير قوانين الحزب لإتاحة الفرصة لبنكيران لولاية ثالثة..!!.
وعودة بنكيران للحكومة مستحيلة، باعتبار أنه تجاوز كل الخطوط الحمراء، هذا بالنسبة للسلطة. أما بالنسبة للشعب المغربي فإن عودة بنكيران غير مقبولة لانه ضرب كل المكتسبات التي راكمها المغاربة..!!.".