يتوفر اليسار على رصيد أخلاقي ونضالي يجعل منه القوة السياسية التي تمثل إنتظارات وتطلعات شرائح واسعة من المجتمع في الحرية والكرامة والعدالة
واستطاعت القوى المحافظة والمعادية للديمقراطية ان تملأ مساحات واسعة من الفضاء العام التي كان يشغلها اليسار الديمقراطي وتمكنت من إنعاش وبشكل غير مسبوق الخزان والموروث التقليدي والرجعي المناهض للحقوق والحريات والمبخس للإنسان كمحور للكون ونالت النساء جراء ذلك القسط الأوفر من العنف المتعدد الأشكال والصور ،وسمح هذا المناخ لكل التصورات والرؤى المعادية للعلم والتطور بالزحف على المجتمع وقيمه النبيلة المتجلية في التسامح والتعايش والإنصاف وحل أسلوب التهديد والوعيد والترهيب محل لغة الحوار والعلم والعقل وأصبح الإحساس بالخوف وانعدام الأمان والأمن بمعناه العام يتعاظم يوما بعد يوم لنخير بين الحرية والفوضى !
مايؤلم كل الأحرار والمناضلين الذين يشتغلون في كافة الواجهات ،لا الذين يجيدون لغة المزايدات والنضال خلف شاشة الحاسوب ،هو أن جزءا عريضا ومهما من المجتمع يتعطش للبديل الذي يجعله يتنفس الحرية بلغة التعدد والتنوع ويرى أن هذا البديل يتجسد في اليسار الديمقراطي المبدع المستوعب لكل التحولات الكمية والنوعية الحاصلة على مختلف الأصعد
لكن وبكل أسف فإن اليسار الديمقراطي وأقول هذا دون يأس وإحباط، غير مؤهل لحدود اللحظة لإحتضان هذا الشغف المنقطع النظير للتغيير والتحول الديمقراطي وقد شكلت محطة الإنتخابات التشريعيةالأخيرة التي خاضتها فدرالية اليسارمؤشرا مهما على هذا الشغف
وإذا كان هناك طلب على البديل وسط المجتمع المغربي الذي يعيد الأمل في المستقبل وينتصر للحرية والكرامة فإن واقع اليسار يطرح تحديات كبرى أمام مناضليه ومناضلاته
والأكيد أن اليسار يتوفر على جزء مهم من مقومات صناعة الإنتصار وانتشال المجتمع من الفساد والاستبداد
لكن يبقى السؤال المحير والذي يتطلب الإحساس بالمسوؤلية المشتركة عن هذا الواقع هو لماذا عجز هذا اليسار بمختلف أطيافه لحدود الآن عن صناعة الأمل والغد المشرق؟؟
كتاب الرأي