الجمعة 19 إبريل 2024
سياسة

بروكي: إدخال إبراهيم غالي لإسبانيا بهوية مزورة يعكس التخبط الإسباني

بروكي: إدخال إبراهيم غالي لإسبانيا بهوية مزورة يعكس التخبط الإسباني عبد العالي بروكي، أستاذ باحث، خبير في العلاقات المغربية الإسبانية (يمينا)، وزعيم ميليشيات البوليساريو إبراهيم غالي
في إطار الفضيحة السياسية التي شهدتها إسبانيا، وأسالت الكثير من المداد وردود الأفعال، وذلك إثر استقبالها لـ "الجلاد" إبراهيم غالي، زعيم ميليشيات البوليساريو، بدعوى الاستشفاء تحت هوية مزورة وجواز مزور؛ ارتأت "أنفاس بريس" أن تفتح بابها لاستقاء وجهات نظر بعض ضحايا انتهاكات جبهة البوليساريو، وكذا بعض النشطاء الحقوقيين والجمعويين بخصوص هذا الموضوع...
وفي ما يلي وجهة عبد العالي بروكي، أستاذ باحث، خبير في العلاقات المغربية الإسبانية، من خلال هذا الحوار معه:
 
 
كيف تفسر موقف إسبانيا في توفير الحماية لشخص مطلوب للعدالة بناء على شكايات ضحايا صحراويين؟
حسب وزارة الشؤون الخارجية الاسبانية، فتقديم المساعدة الطبية للمدعو إبراهيم غالي، هو راجع لأسباب إنسانية، لكن إدخاله إلى التراب الإسباني بهوية مزورة وتحت اسم محمد بنبطوش، يعكس مدى التخبط الذي يعرفه الموقف الإسباني. خاصة إذا ما علمنا أن أول من أذاع الخبر هي مجلة «جون أفريك» التي تحدثت عن قبول إسبانيا استقباله بعد أن رفضت ألمانيا ذلك. فإذا كانت هناك قناعة رسمية لاستقبال هذا الشخص لأسباب إنسانية فما الداعي لتزوير هويته؟
ويرجع الموقف الإسباني الرسمي المتذبذب إلى طبيعة الحكومة الإسبانية نفسها، بين «أونيداس بوديموس» والحزب العمالي الاشتراكي الإسباني. فالأول يصرح علنا بدعمه للبوليساريو ولقيام الكيان الوهمي، في حين أن الثاني يحاول لعب الدور الدبلوماسي للحفاظ على توازن العلاقات مع المغرب ويردد دعمه لحل قضية الصحراء في إطار الأمم المتحدة. وهذا التذبذب في المواقف هو الذي شاب كذلك آخر بيان للبرلمان الإسباني بخصوص قضية الصحراء المغربية، الذي يتأرجح بين دعم الحل الأممي والتعبير عن المسؤولية التاريخية لإسبانيا في الصحراء، وهذا التعبير الأخير هو خطير إذا ما تم فهم المسؤولية فقط في حماية الصحراويين بتندوف وليس المسؤولية التاريخية في استعمار الصحراء المغربية.
 
كيف تفسر المفارقة في التعامل الإسباني بين الديكتاتور «بينوشي» وغالي؟
أظن أن المقارنة بين الشخصين فيها نوع من عدم التكافؤ، فبينوشي كان رئيس دولة، ولعب دورا أساسيا في إرساء أنظمة الحكم الديكتاتورية في أمريكا اللاتينية لعقود، إضافة إلى أنه كانت تربطه علاقة جيدة مع ملك إسبانيا السابق «خوان كارلوس»، كما أن محاكمته كانت دولية، عكس المسمى غالي الذي يعتبر نكرة على المستوى الدولي، ولا يعرفه سوى المهتمين والدول المعنية بقضية الصحراء المغربية وبالكيان المزعوم بتندوف.
 
لماذا لم يتجاوب القضاء الإسباني بعد مع الشكاوى العديدة التي قدمها الضحايا؟
لقد اتهمت المحكمة الوطنية الاسبانية سنة 2016، في شخص القاضي «خوصي دي لا ماتا»، المدعو إبراهيم غالي بجرائم الإبادة والقتل والتعذيب والاختفاء القسري ما بين 1976 و1987 في حق صحراويين بمخيمات تندوف. وللإشارة، فملف مقاضاة المدعو غالي بدأ منذ 2012 وتم حفظه لمرتين بدعوى صعوبة تحديد أطراف الدعوى.
وأظن أن مسألة اللجوء إلى تزوير هوية المدعو غالي هو لتفادي مطالبة المحكمة الوطنية به باعتباره مبحوثا عنه.
 
كيف تقيم تعاطي المغرب رسميا وإعلاميا مع هذا الملف؟
المغرب بلد ذو سيادة. وهذا الأمر بدأ تطبيقه على أرض الواقع مع الشركاء الأوروبيين بشكل عام منذ بداية الألفية الثالثة، من خلال طريقة إنزال مجموعة من الاتفاقيات، وكذا من خلال تسجيل مواقف تجاه العديد من الدول. غير أنه في الفترة الأخيرة، انتقل المغرب من الخطاب الدبلوماسي المرن إلى الخطاب الدبلوماسي الحازم وشبه المباشر، وذلك لحث الدول التي تربطها به علاقة مصالح بتحديد مواقفها بشكل واضح من القضية الوطنية.
أما بخصوص إسبانيا فقد أظهر المغرب غير ما مرة عدم تساهله مع قضاياه الترابية، وفي الوقت نفسه كان موقفه واضحا من الانفصال عندما تعلق الأمر باستقلال كاطالونيا، وعبر رسميا عن دعمه للوحدة الوطنية للمملكة الإسبانية. غير أن هذه الأخيرة لم تستوعب جيدا الموقف المغربي ولاتزال الحكومة الإسبانية تتأرجح في مواقفها بين مراعاة المصالح مع المغرب والتماهي مع الطروحات الانفصالية.
غير أن الإعلام المغربي يجب أن ينفتح أكثر ليغزو المنابر الإعلامية الدولية بشتى اللغات حتى يعرف أكثر بقضيته العادلة والمشروعة ويفضح الإعلام المضاد والمتماهي مع الطروحات الخاطئة.