الخميس 28 مارس 2024
منبر أنفاس

عبد المنعم خنفري: وهم التحالفات في المغرب بين بعض اليساريين وأنصار الإسلام السياسي

عبد المنعم خنفري: وهم التحالفات في المغرب بين بعض اليساريين وأنصار الإسلام السياسي عبد المنعم خنفري
من منطلق مقولة "قلوبنا مع اليسار وجيوبنا مع اليمين"، والعكس صحيح ظهرت في الآونة الأخيرة أفكار وتوجهات جديدة/ قديمة محاولة أخذ زمام الأمور في المشهد السياسي المغربي تعتبر نفسها كطرح وحل جديد للأزمة، لكنها لا تعدو أن تكون أزمة الأزمة نفسها نظرا للنسق الغير السوي التي ولدت به الفكرة، وحتى عند الولادة اعتبرت الولادة ولادة قيصرية وأنتجت لنا مولودا مشوها لاختلاف المعسكرين الفلسفيين من جهة، وكذا التوجهات والمواقف من جهة أخرى.
إلا أن دراسة انطلقنا منها لتحليل معالم هذا الوضع الغير السوي وجدت من خلاله جماعات الإسلام السياسي في العالم (العربي) ما يسمى باليسارية في أوروبا والدول الغربية منفذا لها لتلميع صورتها، مستغلة الدعاية التي يروج لها نشطاء اليسار لتبرئة الإسلاميين المتطرفين من الإرهاب والعنف، خاصة على مستوى جانب ثغرة الوعي الحقوقي المعاصر التي تعتبره كمدخل أساسي، وهو ما أثار توجسا بالدوائر الأوروبية من خطورة هذا الانسجام وما يمكن أن ينجر عنه من تداعيات تضر بالمجتمع الذي يبني أفكاره على مبدأ العلمانية و الحرية و المساواة.
إذ لا يمكننا أن نتحدث عن الإسلام السياسي كونه يتوافق مع الديمقراطية و هو في الأصل يعتبرها نبتة وثنية وجب استئصالها.
هذا بشكل عام و بالعودة إلى المشهد السياسي المغربي نطرح التساؤل التالي:
- هل يمكننا الحديث عن عملية إسقاط لهذا المشروع بالمغرب؟
في إطار مفهوم اليسار الإسلامي
إذ يؤكد المفكر الفرنسي فرونسوا بورغا أن عالم الاجتماع المؤيد لإسرائيل بيير أندريه تاغييف هو الذي كان وراء صياغة هذا المصطلح في سنة 2002 .
أو بمسمى آخر "الإخوة الشيوعيين" نسبة لهذا التحالف المرحلي.
إذ في خضم هذا النقاش تكمن الإشارة إلى تحالف اليسار مع جماعة العدل والإحسان، هذا التحالف الذي رأى النور في حركة 20 فبراير لكن بشكل باهت ودون أي برنامج أو إستراتيجية في الأفق، حيث أن الحركة سرعان ما فشلت بسبب صعوبة تحقيق التوافق بين طرفيها المتناقضين، إلى جانب الانسحاب الغير مبرر لحد الساعة من طرف أنصار الإسلام السياسي "جيوب الإخوان" أيضاً يمكننا الانتقال للحديث عن تحالف أحزاب اشتراكية ذات توجه يساري وحزب العدالة والتنمية ذي التوجه الإسلامي الذي فشلت مضامينه و لم تحقق أي نتائج مرجوة كما كان متفقا عليه ما يبين فشل الفكرة في جوهرها.
وهي تحالفات تحيل إلى تجربتي تونس ومصر بشكل نسبي المتمثلتين في تحالف الإسلاميين واليسار وقد انتهى هذا التحالف كما انتهت جل التحالفات، وبدرجة أكبر بالدمار والدماء على مستوى كل من العراق سوريا السودان...
لتنطلق بعد ذلك مرحلة الصراع والتدافع حول المصلحة الخاصة فالسياسة مصالح في آخر المطاف والعبرة بالخواتيم.
وفي إطار البحث عن موطئ قدم في العملية السياسة لا بد أن نذكر من يبحث عن هاته الأخير لأخذ عبرة من التجربة القاسية لحزب “توده” الإيراني، الذي قام بمساندة الثورة الخمينية الإسلامية عام 1979 والإطاحة بنظام الشاه حمد رضا بهلوي، حتى جاءت نتائجها مؤسفة حينما غدر نظام الملالي وولاية الفقيه بقيادات الحزب وكوادره وقام بأكبر عملية إعدام في صفوف اليساريين.
أما فيما يخص عملية التواصل كما ذكر الأستاذ عبد الرحمن نودا في هذا الصدد فما قد نتفق عليه هو أن الطرفان يحتاجان للكلام في إطار تنافسهما أو تصارعهما السياسي إلى حد أدنى من الكلام والتواصل وغاية هذا الحد الأدنى من التواصل، ليست هي البحث عن إمكانية عقد «تحالف» سياسي فيما بينهم، بل الهدف هو فقط تمكين كل طرف من اكتشاف عالم الطرف الخصم، وتجنب حمل أفكار مسبقة (préjugés) وخاطئة حوله.
من جهة أخرى يرى المحلل السياسي موريس فريزر أن تحالف اليسار بالإسلام السياسي جزء من تخلي لافت ومؤخر عن مشروع التنوير لحقوق الإنسان والحرية والعلمانية، والعلم والتقدم من جانب اليسار السياسي، وهذا ما يلاحظ جليا من خلال عملية تعطيل للمسار بل يعمل البعض بوعي أو بدون وعي على كبح تطور الوجهة المنشودة لكل الديمقراطيين.
أخيرا إن تباعد أي حزب يساري او حركة تقدمية ديمقراطية وحداثية عن أفكارها وفي نفس الوقت، التقارب النسبي من “تنظيمات أصولية” هو سلوك غير مبرر وغير مقنع، وغير سليم وتمكين لهاته الأخيرة.
عبد المنعم خنفري، ناشط حقوقي، وفاعل جمعوي