الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

صبري الحو: الرد المغربي على عدوان الجزائر في العرجة آت وعنيف

صبري الحو: الرد المغربي على عدوان الجزائر في العرجة آت وعنيف صبري الحو

يتساءل الجميع مثلما ينتظر كيف سيرد المغرب على إخلاء وافراغ العسكر الجزائري للفلاحين والمزارعين المغاربة من منطقة العرجة؟ وقد التزمت الدولة المغربية حتى الآن ضبط النفس، وبادرت الى اتخاذ اجراءات احترازية ووقائية مع الساكنة درءا لدخولهم في احتكاك مباشر مع العسكر الجزائري.

 

ويتفاقم  الترقب أكثر مع عدم وضوح لغز الصمت الديبلوماسي المغربي، بعدم تسجيله اي احتجاج ولا استدعاء للسفير الجزائري.

 

وبغض النظر عن القراءات والتفسيرات المتعددة والمتباينة التي رافقت التصرف الجزائري؛ بين من أرجعه إلى ردة فعل على النجاح المغربي في الكركرات ميدانيا ديبلوماسيا وفي كل المنطقة العازلة قانونيا وأمميا. أو في إطار محاولة تصريفها للأزمة الداخلية، أو حتى تنفيذها لأجندة خارجية في مواجهة المغرب.

 

فإن ردة الفعل المغربي الذي لاذ السكوت حتى الآن تثير بدورها أكثر من قراءة وتطرح أكثر من سؤال وعلامات الاستفهام. والأكيد أن القاعدة تقول أن من بادر واختار لنفسه المكان لا يمكنه اختيار الوقت والزمن.

 

فقاعدة التوازن والتفكير الاستراتيجي تلزم المغرب بضبط النفس، لاستيعاب الأهداف والخطط الجزائرية المفروض أنها مرسومة من قبلها قبل اقدامها على الفعل بتوجيه الإنذار بالإفراغ والإخلاء للمواطنين المغاربة.

 

وبعد الفهم المغربي للرسالة الجزائرية الواضحة والمبطنة ومن كافة نواحيها، يأتي وضع المغرب لخطة التصرف مع الوضع، ولربما عن طريق القيام بالفعل أو حتى بالامتناع عنه، ونستعمل عبارة ربما لأنه قد لا يكون ضروريا.

 

فبين الرأي الذي يعتبر القطعة الأرضية في العرجة جزائرية ومعترف به من قبل المغرب للجزائر بمقتضى اتفاق حسن الجوار وترسيم الحدود بإفران سنة 1972، التي تجعل الحد الفاصل بينهما على مستوى تلك المنطقة بوادي العرجة.

 

فإنه تجدر الإشارة أن هذه الاتفاقية لم يصادق عليها المغرب في وقتها بالنظر إلى الصراع الذي كان في تلك المرحلة بين الملكية في شخص الملك الراحل الحسن الثاني وبعض الأحزاب الوطنية، وخاصة حزب الاستقلال برئاسة علال الفاسي الذي كان يعارضها.

 

وكان حزب الاستقلال يؤمن بالمغرب الكبير. وخشي الحسن الثاني آنذاك عرضها للمصادقة البرلمانية، ويكون مآلها الرفض، الشي الذي قد يضعه في احراج، واختار تأجيل ذلك.

 

وهذا الموقف بعدم عرض الاتفاقية على المصادقة فسرته الجزائر في وقته مشاكسة ومماطلة ومناورة مغربية، وقامت نكاية بالمغرب بخلق البوليساريو وإيوائه وتموينه وعسكرته والترافع عنه قاريا ودوليا وأمميا رفقة ليبيا القدافي .

 

وفي مقابل هذه الصورة والوضعية، التي تركن إلى تحديد ملكية الأرض عن طريق الخوض في الإقرار المغربي الثابت في معاهدة إفران رغم عدم قيام التحديد وعدم إنجاز الرسم وتسطير الفصل، ومل ذلك يجعلها غير نهائية.

 

وبجانب هذا الرأي يوجد رأي آخر مقابل أتزعمه ينطلق من الطريقة القانونية لتنفيذ الاتفاقيات المضمنة لالتزامات متقابلة، والذي يعطي للطرف المغربي حق عدم تنفيذ التزامه أمام عدم تنفيذ الطرف الجزائري لالتزامه المقابل بدعم مغربية الصحراء بعد اعترافها وإقرارها أنها لا تدعي حقوقا فيها. بغض النظر عن مصير فرضية قيام أو عدم قيام عمليات التحديد ورسم وتسطير الفصل الذي تتحدث عنه الاتفاقية.

 

فالاتفاقية بنيان تعاقدي لا يمكن تجزئته، وهو السر الذي تفطنت اليه الجزائر، لأنه تقابل الواجبات والالتزامات معيق قانوني يحول بينها وبين ادعاء اية حقوق في اطار تلك الاتفاقية سواء ديبلوماسيا او تحكيما، أو حتى قضاء لدى محكمة العدل الدولية.

 

فالجزائر  تعلم علم اليقين، وفي علم خبرائها ومستشاريها في القانون الدولي  أنه لا يمكنها مباشرة الدعوى الناتجة عن التزامات متقابلة إلا بتنفيذها التزامها او عرض تنفيذه. والحال أن الجزائر في انتهاك وإخلال مستمر بكل التزاماتها.

 

واستعجلت الأمر واختزلت الإجراءات وتجاوزتها، ولجأت بمبادرة مادية ومباشرة في الميدان ضدا على القانون الدولي والأعراف الديبلوماسية لتغيير وضع قائم يستند حتى الملكية والحيازة، وعلى مبدأ ضرورة احترام مظهر الاستغلال المحلي، التي جعلت من قبيلة اولاد سليمان المستغلين المالكين والحائزين والمستغلين لتلك القطعة.

 

وفي متناول الجزائر قنوات وآليات واجراءات ومساطر في إطار تعاملها الديبلوماسي المباشر مع المغرب يجب اللجوء إليها، عوضا عن التدخل العسكري مباشرة لدى الساكنة والمواطنين المغاربة.

 

وهي طرق لم تسلكها الجزائر، وسقطت من حيث تدري، وتترصد وتتربص، أو من حيث لا تدري، ولا عذر لجهلها في خطأ جسيم يكيف تدخلها وفقا لميثاق الأمم المتحدة بالعدوان، ويعطي للمغرب حق الدفاع عن نفسه.

 

وإن اختيار الجزائر لهذا الأسلوب الذي ترمي من ورائه استفزاز المغرب وجره إلى الوقوع في شباك خطة أو فخ أعدت عناصرها، هو نفسه الذي يفسر الصمت المغربي حتى الآن رغم تصريح العثماني الشارد واليتيم أنه عمل مدان وغير مقبول.

 

وقد يفسر الصمت شبه المطبق هو من أجل اعطاء المغرب لنفسه الفرصة والوقت لمزيد من الفهم والاستيعاب قبل رسم الرد وطريقته في إطار خطة، واختيار وقت تنفيذ هذا القرار.

 

والأكيد أن الحزم والصرامة الذي أظهره المغرب في تعامله مع حماية وصيانة سيادته على كل الأوجه والأصعدة وفي مواجهة أعتى وأقوى القوى، كل ذلك يؤكد أن المغرب لن يتوان ولن يرضخ لأي مس بهذه السيادة وتوفير الحماية لأمن وممتلكات مواطنيه.

 

فانتظروا الرد سيكون قاس وفي إطار تنفيذ المغرب لعناصر سياسة وخطة الحسم النهائي للنزاع.

 

- صبري الحو، محامي بمكناس، خبير في القانون الدولي، الهجرة ونزاع الصحراء